-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأطرش في الزفة

عمار يزلي
  • 3145
  • 0
الأطرش في الزفة

عندما تنزل إلى الشارع والأزقة، تسمع “ما لا أذن رأت ولا عين سمعت” ولا خطر على قلب بشر”، الشعب في واد والساسة في ناد، لا أحد يسمع أحدا ولا عن أحد.. لا دستور ولا أحزاب ولا قوانين، وكأنك تتحدث مع شعب كوكب آخر.

مع ذلك تواصل السلطات جر هذا الشعب، إلى مربع أشعب ودائرة نقاشها الأجرب، عندما تسأل مواطنا عن الدستور والتعديلات، يضحك منه ومنك وممن معك، فهو يعيش مشاكله ولا يعبأ لا قليلا ولا كثيرا بما يقرره له ساسته، لا ضده ولا حتى لصالحه، فقد اعتزل السياسة وتركها “لأصحاب “البوليتيك” وتفرّغ مجبرا لحل مشاكله اليومية بطرقه الخاصة: في البيت والعائلة وفي المستشفى والإدارة وفي الضمان الاجتماعي وفي النقل والجري و”الهكيش” والطلوع والهبوط والدوران في الفراغ حتى تُنهك قواه ويسقط ليلا مغشيا عليه من الهم ومكابدة السم، فكيف له أن يفكر ويناقش الدستور أو حتى يعرض عليه الاستفتاء؟! فهو لا يهمه إلا ما يقتات به وما يحل له مشاكله الصغيرة العويصة التي يعجز حتى رئيس الجمهورية أن يجد لها حلا له في تصوره.. لهذا، اعتزل المواطن ماكينة “البوليتيك” التي داسته، واعتبر السياسة، كما كنا نعتبرها جميعا بعد الاستقلال “بوليتيك” أي مرادفا “للكذب”!

كثيرا ما تسمع وأنت تلتقي بسطاء الناس في المستشفيات ودار العدالة ما يفجر دماغك، هذا أكل مال هذا وقتل أخاه وسرق جدته، وآخر سُرق ماله من بنك فدخل السجن لأنه لم يجد ما يدفع للدائن! وهذا وجد قضية تُرفع ضده والسبب لأنه يحمل نفس الاسم مع شخص آخر لا يعرفه ويدخل السجن بدله وكأنه في فيلم مصري أو هندي! والناس كلهم يعرفون كيف صار المواطن يعيش هذه الأيام: برميل بارود أو نفط، لا ينقصه إلا عود كبريت ليشتعل!

نمتُ لأجد نفسي “ديكا” (ميرا معيّنا غير منتخب بعد 91)، أكرم من طرف سراديك ودجاجات خمّ مجاور! لقد أقاموا لي حفلا لأني خرجت في تقاعد ثم في تعاقد مع شركة أمنية.. هم يعرفون أني خلال 4 سنوات ديكا على بلديتي، تحولت من ديك إلى ديك هندي ثم “فوتور”! أخذت سكنا وفيلا وأرضا زراعية وأخرى لبناء هانغار للدجاج! كنت قبل أن أتديك، مجرد فلوس فلا فُلوس، عاطل عن العمل، أحرس حظيرة سيارات ليلا وأنام نهارا! شهادتي لا تتعدى شهادة الميلاد “أس دوز”! قبلت الدياكة بعد أن رفضها الجميع.. كنت الوحيد الذي تحمّل المسؤولية على مخاطرها، لأن التهديد الإرهابي، كان يطال كل من ترشّح بعدما حُلت المجالس المنتخبة شعبيا.. أنا فقط كانت لي “السجاعة” أن قبلت بالتديّك بعد أن كنت سأدخل حارسا بلديا بعنوان “مليون وميتين” لأن هذا العمل كان يضمن لك الموت مقابل 120 ألف دينار.. لكن، عرض علي منصب ديك، ويوم ديكا، خير من عام دجاجة.. فعلت الأفاعيل بالمفعول بهم، واليوم كرموني لأني “تقاعدت” بالجميع وقلت لهم: سأخرج في تقاعد قبل أن أصير مقعدا، قاعدا على كرسي متحرك! ماذا قدموا لي؟: شهادة دكتوراه فخرية من الجامعة التي يرأسها صهري، ولما جئت للتوقيع على محضر الاستلام، وقعت بدله وصل شراء علف للحمار المستخدَم لرفع الزبالة من الأزقة الضيقة، فوقعت تحت عبارة “علف حمار” ورسمت اسمي الذي اجتهدت في تعلمه: “عمار” مباشرة تحت كلمة “حمار”!

وأفيق وأنا أمضغ علكة منذ 1962!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • نور عبدالرزاق

    الم تراودك فكرة جمع مناماتك في كتاب ¿ بعنوان سبات اهل ...

  • احمد بن احمد

    بكل صراحة وديمقراطية انا المواطن البسيط مع بقاء الرءيس بوتفليقة في هذا الوقت الحساس وحسبنا الله في كل المختلسين وغير النزهاء

  • Said

    شكراعلى هذا التصوير الواقعي في قالب صخري بارك الله فيك.

  • mama

    bravo pour la langue

  • بدون اسم

    والله قتلتى بالضحك "يالديك". عثمان عريوات قبروه وهددوه وعائلته بطريقة غير مباشرة على الفيلم السياسى....و الله عزوجل بعثلهم واحد مثلك

    دكدكهم ايها الديك