-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الأكل يضيع النوم (الحلقة 12)

عمار يزلي
  • 1849
  • 0
الأكل يضيع النوم (الحلقة 12)
ح. م

وصلت إلى البيت أمس قبيل المغرب بساعة محمّلا برطل زلابية مجانا بعد أن اعتقدت أني نسيت الطزدام في صاك المادام، وإذا بي أكتشف عند الوصول أني كنت أحمل دراهم معدودات في “جب” السروال الداخلي (ألبس سروالين للطوارئ، حتى إذا تخاصمت، وهي عادتي في رمضان، أعود على الأقل بسروال واحد!).

حين وجدت دراهم الزلابية في جيبي، قلت: والله سأخرج مرة ثانية لأشتري بهم خبزا مطلوعا، قيل إنه يباع في حي البريك، على بُعد مسافة ساعة مشيا على الأقدام. قلت: مازال باقي الوقت أذهب لأحضر معي المغرب، لأني أعلم أن المغرب هنا في البيت.. ما يجيش! عمره ما يجي، أنا أبقى هنا في البيت طيلة هذا الوقت كله أنتظر المغرب معي زوجتي وهؤلاء النائم منهم والمدوّخ، والصامت فيهم والبكوش؟ أنا أحب الهدرة ولا أقوى على الصمت.. سأخرج وأعود بخبزتين أو ثلاثة: واحدة لي والبقية لهم..!

كما دخلت، خرجت.. لم أنتبه حتى لسروالي الخارجي الذي كانت جيوبه لا تزال منفوشة كزعانيف سمك قرش، من يراني يعتقد أن أتأهب للطيران. حملت معي حتى الزلابية التي جئت بها (نسيتها في يدي، فكما دخلت.. خرجت، فقط الفلوس أخرجتها من جيبي حسبتها وتركتها في الطاولة بجواري ولم أعدها إلى سالف عهدها في المكان المناسب في الجيب الخلفي للسروال الدوبل!). خرجت أجر زعانفي، زعفانا، من الخبز الذي جاء بعيدا عني. (مع أن هناك بائعي خبز في كل مكان بجوار الدار، لكن رأسي وجوعي واشتهائي وتوحمي، قال لي: “لا تشتري الخبز إلا على النيڤرو الذي معه“! على بعد ساعة مشيا.. وسأمشي ماشيا لآتي بالمغرب معيلأني لو بقيت هناك سأصوم الدهر).

بعد ساعة، كنت عند الخباز. لما وصلت، كنت أنا آخر واحد يخرج من الدكان مسرعا مع البائع: قال لي: باقي غير زوج، هاهم..أخذتهم ورحت أدفع له الثمن، فتذكرت أني هذه المرة نسيت الفلوس في البيت. لم يصدقني ولكنه صدّقني في الأخير لما رأيت جيوبي فارغة منبسطة تهم بالطيران. قال لي: الله يسمح، باين على جيوبك! (عندها فقط رحت أحشو جيوبي في داخلها وأنا أقول: لا إله إلا الله.. كل ما كان في جيوبي انسل، راك تسال خويا.. رد علي وهو يغلق: الله يسمح.. صحة فطورك..!

المشكل أني ما إن أغلق باب الدكان، حتى كان المغرب يقولالله أكبر“! ديجا؟ علاه واش من ساعة راه يأذن؟ فهمت أن ساعتي كانت متأخرة بساعة!

عدت إلى بيتي لأصل بعد المغرب بساعة.. كنت أنا الوحيد في المدينة، لو أردت أن أحتل المدينة وشوارعها لفعلت.. كنت أمشي في وسط الطريق وآكل الخبزتين، أخذت واحدة بالميمنة والأخرى بالميسرة.. وعضة من هذه وعضة من الأخرى.. ثم كمية ڤارو أفوت به الخبز.. ثم أنهلت على الزلابية ألتهمها أبا عن جد، حتى لم يبق إلا الصاشي منها فراغا.. حين وصلت!

لمّا وصلت، كانوا لا يزالون ينتظرون الخبز، فلقد قلت لهم وأنا أخرج مستعجلا: راني غادي نجيب الخبز ونجي.. وأخذت معي حتى الزلابية التي أشتريتها مجانا..!).

نهضوا جميعا يستقبلون الخبز والزلابية، فلا زلابية بقيت ولا خبز تركت! أريتهم الصاشي فارغا كعقلي وأنا أقول: بغيتوني نروح نصرف لكم وأنا صايم؟ ها.. شوفوا المصروف نتاع شعبان في رمضان، المرة الجاية.. خليوني نائم خير ما نجيكم صايم حتى في شعبان!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • meriem

    n'importe quoi