-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث جمال مسرحي يشرّح مسار القضية لـ "الشروق":

الأمازيغية هي ما أشعل الفتنة بين قادة الثورة وبومدين

صالح سعودي
  • 28444
  • 0
الأمازيغية هي ما أشعل الفتنة بين قادة الثورة وبومدين
ح م

أكد جمال مسرحي، أستاذ التاريخ القديم بجامعة باتنة 1، أن قضية الهوية لم تطرح في شمال إفريقيا كقضية نزاع إلا بعد الحرب العالمية الأولى، مشيرا إلى أنه منذ الفتوحات الإسلامية لم تطرح قضية هوية المغرب الإسلامي إلا عرضا، رغم ما صاحبها من حركة تعريب واسعة بعد استكمال الفتح والقضاء على البيزنطيين الذين كانوا يحتلون بلاد المغرب القديم، حين ورثوه عن الرومان بعد طردهم للوندال منتصف القرن السادس للميلاد.

ويؤكد الأستاذ جمال مسرحي أن طرح مسألة الهوية يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى، وهنا نستشف -حسب محدثنا- رائحة الاستعمار، حيث أصدرت السلطات الفرنسية بالمغرب الأقصى ما سمي بالظهير البربري بتاريخ 27 أفريل 1919، والهدف منه كان إحداث شرخ بين العرب والأمازيغ في المغرب الأقصى.

لم يسجل التاريخ تنافسا بين اللغة العربة واللغات المحلية في شمال إفريقيا

وأكد الأستاذ جمال مسرحي، في سياق حديثه إلى “الشروق”، أن التاريخ لم يسجل لنا حدوث تنافس أو تعارض بين اللغة العربية واللغات المحلية المستعملة في كل منطقة من مناطق المغرب الإسلامي أو الدول المستقلة، بل بالعكس تماما أعتقد -يضيف جمال مسرحي- أن هناك تناغما بين الحرف العربي وشتى اللهجات الأمازيغية، حيث تحتفظ لنا المكتبات القديمة في بلدان المغرب العربي الحالي بمؤلفات بمختلف اللهجات الأمازيغية كتبها أصحابها بالحرف العربي، شملت مجالات الفقه والعلوم الدينية واللغة العربية والفلك وغير ذلك.

أنصار الحركة الوطنية انحازوا إلى العربية ولهذا طرد آيت أحمد

وبخصوص الجزائر، يرى جمال مسرحي أنه لم يكن هاجس الهوية لدى زعماء الحركية الوطنية ينسحب إلا على العربية، ليس كعرق ولكن كهوية، وهذا مخالفة للاحتلال الفرنسي الذي حاول طمس كل معالم الهوية الجزائرية بكل عناصرها، سواء تعلق الأمر بالعربية أم الإسلام أم الانتماء إلى هذه الأرض وتراثها وتاريخها، محاولا ربط جل المنجزات الحضارية بالرومان أو بالبيزنطيين، وربما تظهر لأول مرة، حسب جمال مسرحي، قضية الهوية من خلال الأزمة البربرية التي نشبت في صفوف التيار الاستقلالي حزب الشعب وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية بدعوة بعض أعضاء الحزب المغتربين إلى إدخال اللغة الأمازيغية وتوحيد منطقة وجود قبيلة زواوة في إقليم واحد، لكن المطلب حسب جمال مسرحي لقي رفضا قاطعا من قبل قيادة الحزب، بل قام مصالي الحاج بعد ذلك بفصل جل المتسببين في تلك الأزمة التي ظهرت سنة 1947، وطال الإبعاد حتى حسين آيت أحمد الذي عين على رأس المنظمة الخاصة غداة إنشائها سنة 1947، ثم أبعد منها سنة 1949.

القضية الأمازيغية اتخذت لتصفية حسابات بين قادة الثورة

ويرى جمال مسرحي بأن مطلب الهوية يختفي في مقررات الثورة التحريرية ومواثيقها من بيان أول نوفمبر 1954 ووثيقة الصومام 1956 وكذا ميثاق طرابلس 1962، إلا أن تلك المواثيق لم تهمل الانتماء الحضاري الشامل للجزائر، مؤكدا أن النضال من أجل الهوية الأمازيغية برز بعد الاستقلال كحق مشروع في كثير من الحالات، وفي حالات أخرى برز كحق أريد به باطل لدى الكثير من السياسيين، لاتخاذ القضية لتصفية الحسابات بين قادة الثورة أنفسهم، وأمام القبضة الحديدية التي اتسمت بها فترتا حكم الرئيس أحمد بن بلة والرئيس هواري بومدين تجاه هده المسألة وتبنيهما بشكل كبير للعربية كلغة وهوية، أعطى الفرصة للبعض ليركب موجة الدفاع عن الهوية لتسوية مشاكله مع السلطة القائمة آنذاك، معتمدين في ذلك على أياد خارجية.

وفي هذا السياق، يرى جمال مسرحي بأن تأسيس الأكاديمية البربرية في فرنسا سنة 1967 يطرح الكثير من التساؤلات، خاصة أن فرنسا التي استمر احتلالها للجزائر أزيد من قرن ونصف لم تفكر في إنشاء مؤسسة تهتم باللغة الأمازيغية إلا بعد مغادرتها الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!