الجزائر
تصريحات صادمة تشعل غضب الجزائريين

الإبراهيمي: الخروج الفرنسي من الجزائر لم يكن هزيمة عسكرية!

محمد مسلم
  • 37750
  • 18
أرشيف

صنعت تصريحات إعلامية لوزير الخارجية الجزائري الأسبق، لخضر الإبراهيمي، حول الحرب التحريرية والخروج المذل للاحتلال الفرنسي مدحورا من الجزائر، جدلا كبيرا على شبكات التواصل الاجتماعي، منتقدا بشدة ما صدر عن الإبراهيمي، ومعتبرا ذلك تشكيكا في هزيمة فرنسا على يد الجزائريين.

الإبراهيمي وفي حوار خص به يومية “لوموند” الفرنسية، شبه مغادرة الجيش الأمريكي لأفغانستان، بما وصفه “خروج فرنسا من الجزائر”، وقال: “الخروج الأمريكي من أفغانستان بعد 20 سنة من الحرب، لا يمكن اعتباره هزيمة عسكرية. إنه يشبه تماما ما حصل مع خروج فرنسا من الجزائر”.

وأضاف معلقا: “الولايات المتحدة هي التي قررت المغادرة. الأمريكان بدأوا في التفكير بالمغادرة منذ مقتل بن لادن، ولكن لم تسعفهم الظروف”، ثم عرج على الدول التي حاربت الشعب الأفغاني وخرجت مدحورة، مثل الاتحاد السوفياتي في عام 1989، والبريطانيين في القرن 19 عندما تلقوا هزائم حقيقية.

في إجابة الدبلوماسي الجزائري السابق، هناك توجه مفاده أن الأمريكان لم يتعرضوا للهزيمة في أفغانستان، وإنما هم من قرر الخروج طواعية من هذا البلد، ثم بعد ذلك يحاول تشبيه خروج الأمريكان من أفغانستان بانتهاء الاحتلال الفرنسي للجزائر، وكأنه يقول إن فرنسا هي التي قررت مغادرة الجزائر طواعية، وأن ذلك لم يكن نتيجة حرب مدمرة امتدت لسبع سنوات، استشهد خلالها مليون ونصف مليون من الجزائريين، وهلك فيها عشرات الآلاف من الجيش الفرنسي ومن أزلامهم من المعمرين والأقدام السوداء والحركى.

مثل هذه التصريحات فاجأت الكثير من الجزائريين، لأن الإبراهيمي لم يكن رجلا عاديا، وإنما يعتبر من إطارات جبهة التحرير وأحد رجالاتها التي عملت في دبلوماسية جبهة التحرير وحضر مؤتمر باندونغ بأندونيسيا، الذي وصف انتفاضة الجزائريين ضد الاحتلال الفرنسي، بعملية التحرر المشروعة التي قام بها شعب عانى من الاضطهاد والظلم.

تصريحات رجل بمواصفات الإبراهيمي المعروف بثقله الدبلوماسي ووزنه الدولي، عن عدم هزيمة فرنسا في الجزائر، يطرح أكثر من تساؤل حول خلفية وتوقيت هذه “الخرجة” غير المفهومة، والتي تشكل تشكيكا في تضحيات الجزائريين على مدار أزيد من قرن من الزمان، وانتقاصا من قيمة ثورة شهد لها العام والخاص، واعترف لها العدو قبل الصديق، بأنها من أعظم ثورات القرن العشرين، إن لم تكن أعظمها على الإطلاق.

الغريب في تصريح الأخضر الإبراهيمي، هو أنه يأتي غير منسجم تماما مع مختلف التقارير والاعترافات، بما فيها تلك التي صدرت عن الإعلام الغربي والأمريكي على وجه الخصوص، والتي خلصت إلى نتيجة مفادها أن عشرين سنة من التضحيات بالدم والمال من قبل الأمريكيين ومعهم حلف شمال الأطلسي في “مقبرة الإمبراطوريات” كما تسمى، انتهت إلى مربع البداية، وهي عودة حركة طالبان إلى الحكم بعد ما طردت منه في عام 2001، ما يعني أن تشبيه وزير الخارجية الأسبق، هزيمة فرنسا في الجزائر وهزيمة الولايات المتحدة في أفغانستان، لم يكن صحيحا بالمرة، بل لم يكن تقييما سليما، فالتشبيه كان يمكن أن يكون صحيحا لو تجرأ الرجل واعترف بهزيمة الدولتين العظميين، في بلدين منهكين، ولكن إرادة شعبيهما لا تقهر.

مقالات ذات صلة