-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإسلام على الطريقة الساركوزية

محمد قيراط
  • 4240
  • 3
الإسلام على الطريقة الساركوزية

بمناسبة شهر رمضان المبارك وفي تصريح له أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن رؤيته للمسلم الفرنسي وكيف يتوجب على هذا الأخير أن يمارس الدين الإسلامي في ربوع فرنسا.

فالمسلم الفرنسي بحسب ساركوزي، يتناول فطور الصباح كالمعتاد ويقضي يومه صائما وفي الليل لا يجب أن يبالغ في العبادات وإنما يصلي صلاة العشاء ويعود إلى بيته، أما صلاة التراويح والتهجّد وقيام الليل وغير ذلك فلا وجود لها في قاموس ساركوزي، حيث أن المساجد تغلق أبوابها بعد صلاة العشاء. من جهة أخرى تصلنا الأخبار من كندا مبشّرة بأن الكنائس هناك فتحت أبوابها للمسلمين لصلاة التراويح. وهنا نلاحظ الفرق الشاسع بين الدول الغربية في تعاملها مع الإسلام والمسلمين. فمنها من يتبع سياسة التسامح والتفاهم والحوار ومنها من ينتهج سياسة التصادم والصراع. فتصريحات ساركوزي الأخيرة ما هي إلا عبارة عن استفزازات وتلاعب بمشاعر مئات الملايين من المسلمين عبر العالم، كما أنها تعبّر عن الجهل والحقد والكراهية التي يكنها رئيس دولة إزاء ديانة تتسم بالتسامح والتفاهم والحوار واحترام الآخر.

كثر الكلام في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، عن الإسلام والغرب وما هو المطلوب والواجب عمله، الحوار أم المواجهة؟ فريق يرى أن الحوار لا جدوى من ورائه، خاصة وأن العلاقة بين الغرب والشرق – بلاد الإسلام – ليست متكافئة في جميع الميادين-العسكرية، الاقتصادية، التقنية…الخ، فلا فائدة من الحوار، خاصة وأن الغرب بقوته وهيمنته على الصناعات الثقافية والإعلامية مستمر في حملاته الدعائية والصور النمطية وحملات التشويه والتضليل ضد الإسلام والمسلمين والعرب. فأحداث 11 سبتمبر 2001 ومن بعدها الحرب على الإرهاب شكلتا أرضا خصبة للتحريض على العرب والمسلمين بحجة أن الإرهاب والصراع والصدام والقتل والعنف من سمات الإسلام الذي لا يعترف بالحوار والتفاهم والتعايش. وفريق آخر يصر على الحوار وعلى ضرورته ويرى أن عدم الحوار هو بمثابة الهروب من الواقع وإعطاء الفرصة للمتربصين بالإسلام وأعداء الدين الحنيف ليفعلوا ما يشاءون بقيمه المثلى وتعاليمه الإنسانية. عدم الحوار هو التنصل من مسؤولية كبيرة جدا وهي شرح وتفسير الإسلام والدفاع عنه وتقديمه على حقيقته للآخر.

 وإذا اتفقنا على ضرورة الحوار، هل الدول الإسلامية والمسلمون والمؤسسات الإعلامية والثقافية في بلاد العرب والمسلمين قادرة على القيام بدورها ومسؤوليتها وفتح قنوات حوار وتواصل مع الآخر حتى يعرف حقيقة الإسلام؟ هل هي مؤهلة ولها القدرات والإمكانيات والوسائل واللغة والأسلوب والطريقة للوصول إلى الآخر؟ الواقع مع الأسف الشديد يشير إلى ضعف كبير في الوسائل والإمكانات والمناهج والطرائق…الخ. فالمؤسسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف بحاجة إلى تطوير ومسايرة القرن الحادي والعشرين ومسايرة مجتمع ثورة المعلومات والانترنيت والمجتمع الرقمي وما إلى ذلك. فالفقهاء وعلماء الدين والشريعة إذا أرادوا الوصول إلى الآخر وإذا أرادوا فهم وشرح وتفسير الدين الإسلامي بمنطق العصر والألفية الثالثة عليهم إتقان لغة الآخر وعلوم العصر حتى يجادلون الآخر ويقدمون له الإسلام بلغته ومنطقه وبمنطق العلوم والمعارف. أئمة في فرنسا وهولندا يؤمون بالمسلمين، والأوروبيين الذين اعتنقوا الإسلام، لا يعرفون لغة البلد الذي يتواجدون فيه. كيف ننتظر في هذه الحالة نشر الدعوة وإعلاء معاني الإسلام والتسامح والحوار والجدال وفق تعاليم الإسلام.

السؤال الذي يطرح كذلك في هذا السياق، هو التجمعات الإسلامية الموجودة في الغرب وإلى أي مدى استفاد منها المسلمون لخدمة الإسلام وشرحه وتفسيره وتقديمه للآخر. ما هي آليات عمل هذه التجمعات؟ ماذا عن التنسيق فيما بينها وما هو دورها في خدمة الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية في بلاد الغرب؟ الواقع ومع الأسف الشديد يشير إلى أن هذه التجمعات على مختلف أنواعها ومشاربها لم ترق إلى المستوى المطلوب، من حيث التنسيق والمتابعة والتنفيذ فيما بينها في بلاد المهجر وفيما بينها والمؤسسات الدينية في المجتمعات الإسلامية. وبدون تعميم، نجد أن معظم هذه التجمعات تنقصها الوسائل والإمكانات الضرورية لمحاورة الآخر والتعايش مع الآخر، كما نجدها مسيّسة تخدم جهات محددة وأيديولوجيات قد تناقض قيم الإسلام. التجمعات الإسلامية في الغرب عبارة عن جزر معزولة، فهي لا تعاني من العزلة فقط وإنما تعاني من التهميش وعدم التنسيق مع مؤسسات دينية أخرى كذلك-المجامع الدينية، الأزهر الشريف والجامعات الإسلامية الكبرى المنتشرة في الدول العربية والإسلامية- هذه المؤسسات التي تستطيع تزويدها بالكثير من الوسائل والإمكانات لتأدية رسالتها بطريقة حضارية ومنهجية وعلمية.

الإشكال الآخر المطروح على مستوى الحوار مع الغرب يتمثل في الالتباس في موضوع الحوار نفسه. وهنا يجب الاقتناع بأن الطريق الصحيح لبناء علاقة إيجابية مع الآخر وبعيدا عن الصور النمطية والأفكار المسبقة هو الحوار. أما من يرى أن الحوار مع الآخر لا فائدة منه انطلاقا من مبدإ أن الآخر لا يقبل الحوار ولا يريد الحوار، فهذا المنطق خطأ لعدة اعتبارات، وهنا يجب أن نقر أن التقصير فينا وليس في الآخر، فالرسول صلى الله عليه وسلم خاطب كفار قريش وهو  في حالة الضعف ولا حول ولا قوة له. كما استطاع أن يبلّغ الرسالة لشعوب عديدة كانت تتفوق عليه في المال والجاه. فإذا كانت القضية صحيحة ومبنية على أسس الحق والمنطق فباستطاعة الأمة الإسلامية أن تحاور الآخر وتفنّد الأساطير والأكاذيب وتقدم الحقيقة للعالم، لكن بشرط أن تقدم هذه الحقيقة ببساطة ووضوح ومنهج وطريقة تقوم على العلم والمنطق ولغة العصر وأساليب المجتمع الرقمي. التعامل مع الغرب يجب أن يتم وفق عقلية يفهمها الغرب وهذا يعني ضرورة تطوير الخطاب الإسلامي وضرورة تطوير طرق وأساليب الدعوة الإسلامية ومحاورة الآخر بالتي هي أحسن. العالم الإسلامي بحاجة إلى عمل منهجي ومخطط ومنظم من أجل بناء جسور وقنوات الاتصال والتواصل والحوار مع الآخر بهدف التفاهم والتعايش وليس التصادم والصراع، ومن أجل إسكات أمثال ساركوزي الذين يجهلون ويتجاهلون معنى الإسلام وقيمه وسماحته، بل أكثر من ذلك فإن هؤلاء الحاقدين على الإسلام والمسلمين يحاولون تشويه الدين الحنيف وتفريغه من مضامينه الحقيقية وربطه بكل مشاكل وهموم المعمورة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • redha

    ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم

  • nordine

    salam alaikoum je vous informe que le discours sois disant de sarko est denué de tout fondement en fait c un blogeur marocain qui a lancer cette boutade vous pouvez confirmer mes dires don acte..

  • عمر الاوراس

    هذا المخلوق راه يضرب في كرشو رزام خليه يحكي هذا الذي طلق زوجته وتزوج بعارضة ازياء .لا احد يسمعه والله متم نوره ولو كره الكافرون