الرأي

الإسلام يتحدّى

حقق الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية نصرا كبيرا على ألمانيا النازية، وكان من نتائج ذلك النصر أن سيطر على كثير من البلدان في شرق أوربا ووسطها، هي التي كونت حلف وارسو، لمجابهة الحلف الأطلسي، وقد فرض الاتحاد السوفياتي – بقوة الحديد والنار – “الفكر” المادي على شعوب تلك البلدان، التي عانت أشد المعاناة، وذاقت العنت من قمع أنظمتها السياسية الموجهّة بأوامر القيادة السوفياتية..

تسلل ذلك “الفكر” المادي إلى البلدان العربية والإسلامية، ففُتن به من كان إيمانهم ضعيفا، وكانت معرفتهم بالإسلام منعدمة أو قليلة، وتميزوا بـ”المراهقة الفكرية”، أي أنهم كبار من حيث السن، ولكن عقولهم كانت صغيرة، ولم تؤت رشدها، حتى إن أحدهم قال مؤخرا في تصريح إلى إحدى الصحف: أنا شيوعي مسلم..

ومما ساعد على انتشار هذا “الفكر” أن الغرب الصليبي كان يحتل أكثر البلدان العربية والإسلامية، ويعتدي على هويّتها الإسلامية، ويهين كرامتها الإنسانية، ويصليها نارا تجعل الولدان شيبا.

واجه أهل الذكر من المسلمين ذلك “الفكر”، وجادلوا عن الإسلام بحرارة وصدق، وأصابهم في سبيل ذلك ما الله به عليم، ولكن أكثر أولئك المجادلين من ذوي المناهج القديمة، ولم يكونوا على اطلاع كاف على هذا “الفكر” الذي كان ///خليا/// كانت تحميه الدبابات، وتفرضه المخابرات.. فبقي الشبان في البلدان العربية والإسلامية يبحثون عمّن يعلمهم المنهج العلمي يواجهون به ذلك “الفكر”، الذي يستهدف دينهم وهويتهم..

وفي عام 1966 برز إسم مفكر مسلم من الهند إسمه وحيد الدين خان، (1925…) وقرأنا في بعض المجلات وبعض الجرائد – بين مادح وقادح – صدور كتاب له استهوانا عنوانه قبل أن نقرأ ونستوعب محتواه، وكان عنوان الكتاب جريئا، لافتا نظر المؤيدين والمعارضين، مغريا بقراءته، وهذا العنوان اللافت للأذهان هو “الإسلام يتحدّى”، الذي رأينا فيه منهجا جديدا واسلوبا علميا.

كانت حالنا – نحن أصحاب التوجه الأصيل – كحال من كان يسير في صحراء قاحلة يكاد يقتله الظمأ فإذا هو يكتشف بئرا شرابها سائغ، وماؤها عذب، فانكببنا على الكتاب نلتهمه التهاما ولو عسُر علينا هضمه، وكنا كلما فهمنا شيئا منه، أو ظننّا أننا فهمنا، أسرعنا إلى أساتذتنا الذين كان أكثرهم يتبنون تلك النظريات المادية فنحاول أن نناقشهم، وما كان هدفنا إلا استفزازهم، خاصة ذلك الأستاذ الذي كان يردد في محاضرته لازمة هي “كان أجدادنا القردة…”.

أحسسنا أننا صرنا نملك – بهذا الكتاب – سلاحا فكريا نجادل به أصحاب “الفكر” الآخر من أساتذة وزملاء..

لقد كان هذا الكتاب يناقش ثلاث نظريات فتنت “المراهقين فكريا”، فاتخذوها آلة تعبد بالباطل، وهذه النظريات هي الداروينية، والفرويدية، والماركسية..

ومما زادنا تعلقا بهذا الكتاب ما كتبه صاحب مقدمة الترجمة العربية لهذا الكتاب، وهو الدكتور عبد الصبور شاهين، حيث جاء فيها: “إن خطوات هذا المنهج بنفس الترتيب تكاد تكون طبق الأصل من كتاب أخرجته من قبل مترجما عن الفرنسية هو كتاب “الظاهرة القرآنية” “للمفكر الجزائري مالك ابن نبي”.

لقد أكدت الأيام أن الإسلام هو ما ينفع الناس فمكث في الأرض، وقد ذهب زبد غيره، وسيتحقق وعد الله – عز وجل – بإظهار دينه على “الدين” كله ولو كره المشركون، والكافرون، والمراهقون فكريا، وإن جند الله – في كل ميدان – لهم الغالبون.. 

مقالات ذات صلة