الرأي
فجر في الأفق خلف سيل الإساءات

الإسلام يجتاح أوروبا ويستهوي الأمريكان – الحلقة الثالثة

سلطان بركاني
  • 6645
  • 12
الأرشيف

قبل أيام أعلن قائد الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال “مايكل مولن” أنّ أمريكا معرّضة لأكبر خطر يواجه أمنها القومي نتيجة للحرب التي استمرت لعقد ونيف على العراق وأفغانستان، وأنّها تتّجه لانعدام تامّ في قدرتها على الحفاظ على فاعلية قدراتها العسكرية، وأكد مولن أن خسائر الحرب لأكثر من عقد من الزّمان قد عملت على تآكل غير مسبوق وغير متوقع في كلّ حسابات الأمن القومي الأمريكي. واختتم حديثه بإنذار شديد من المستقبل القريب الذي ينتظر الجيوش الأمريكية.

تصريحات مولن لم تأت من فراغ، بل أتت اعترافا بحقيقة ما منيت به القوات الأمريكيّة في العراق وأفغانستان من ضربات لا قبل لها بها. وفي هذا الصّدد، أقرّت وزارة شؤون المحاربين القدماء الأمريكية قبل أكثر من 04 سنوات أنّ عدد القتلى من الجنود الأمريكيين منذ حرب الخليج حتى عام 2007م بلغ 73 ألف قتيل. وقالت أن عدد المصابين في العمليات الحربية تجاوز المليون مصاب، وخسائر العتاد والسّلاح تجاوز 300 ألف قطعة، ما بين دبابة وعربة قتال ومدرعة ومروحية وسلاح يدويّ .

وعلى صعيد آخر أكّدت دراسة أجرتها مجلة “الطب العسكري  الأمريكيّة سنة 2007م أنّ ثلث القوات الأمريكيّة العائدة من العراق وأفغانستان سقطت في مستنقع إدمان الخمور والمخدّرات، بسبب الرّعب الذي عاشه الجنود هناك. ما ضاعف أعداد الهاربين من الجيش الأمريكيّ، وقد أشارت  إحصاءات للبنتاغون أنّ عدد الهاربين بلغ 40 ألف هارب.

لقد تبخّر الحلم الإمبراطوري لأمريكا في أرض العراق وجبال أفغانستان، على أيدي رجال يحبّون الموت كما يحبّ جنود أمريكا الحياة.

لقد ذبح الثّور الأمريكيّ الهائج بأيدي فئة قليلة من أبناء الأمة بإمكانات عسكرية لا تقارن أبدا بإمكانات العدوّ، في أفقر دولتين مسلمتين عانتا من حصارٍ زاد على عقدٍ من الزمن. ولعلّ هذه آية من آيات الله في زماننا هذا أن يمرّغ أنف أطغى دولة في العالم على أرض أفقر دولتين مسلمتين، وعلى أيدي رجال لا يملكون دبابات ولا طائرات، وإنّما يملكون عزيمة تهدّ الجبال الراسيات ويقينا بنصر الله تجاوز عنان السّماوات. رجال حيّروا أمريكا وهم أحياء بشجاعتهم وإقدامهم، وحيّروها أيضا وهم أموات؛ فقد نشر الصّليب الأحمر الأمريكيّ على موقعه قبل مدّة تقريرا يعبّر فيه عن شدّة استغرابه لحال قتلى المقاتلين الأفغان الذين تولّى الصّليب الأحمر جمع جثثهم ودفنها في (مزار شريف)، حيث لاحظ أنّها لم تتعفّن رغم مرور مدّة على موت أصحابها، وأرجع خبراء الصّليب الأحمر الأمريكيّ عدم تعفن جثث المقاتلين الأفغان إلى الجوّ البارد هناك، ولكنْ صدمهم أنّ جثث جنود حلف النّاتو تنتفخ، وتخرج منها رائحة كريهة. حاولوا البحث عن اللّغز في الطعام الذي يأكله الأفغان، وبدأوا يبحثون إن كانت هناك علاقة بين الطعام والتركيبة الدموية، خصوصا وأنّ بعض المقاتلين تبقى دماؤهم حارة وهم ميتون. وصدق الله إذ يقول في سورة الرّوم: }يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ{، لا يعلمون أنّ أجساد الشّهداء تحفظ بحفظ الله الذي قال: }إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ{.

النّصر قادم فهل سنكون من صانعيه أم من المحتفلين به

إعلامنا المضلّل لا يتحدّث عن هزائم أمريكا ولا يتحدّث عن بطولات الأبطال الحقيقيين الذين مرّغوا أنفها في التراب، فذلك خطّ أحمر يكلّف صاحبه أن تلصق به تهمة الإرهاب، وإنّما يتحدّث عن بطولات أصحاب اللغاليغ الطّويلة أبطال المهرجانات والميكروفونات، الذين صدّعوا رؤوسنا على مدار 30 سنة بشعارات “الموت لأمريكا”، “الموت لإسرائيل”، ولم يقدّموا شيئا على أرض الواقع يزعج أمريكا أو يزعج إسرائيل.

انهيار أمريكا ومعها إسرائيل وشيك بحول الله، فينبغي أن نتنبّه ونتفاءل، وألا نكون كأصحاب قارون الذين بهرهم ماله وبهرتهم زينته وغفلوا عن آيات الله وسننه في خلقه، وظلّوا في غفلتهم حتى إذا هلك قارون فجأة قالوا: }وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ{.

فعلينا أن نعود إلى ديننا ونصحّح أحوالنا لنكون بإذن الله ممّن يصنعون مجد الأمّة الوشيك، لا ممّن ينتظرون حصوله ليلتحقوا بالرّكب.

مقالات ذات صلة