الرأي

الإضراب… المحلب والحلاّب!

جمال لعلامي
  • 680
  • 1

تحت أمطار غزيرة، عاد أغلب التلاميذ أمس إلى منازلهم، بسبب إضراب نقابات التكتل “6-1″، بينما لم يحضر تلاميذ آخرون، بعد ما أعلمهم معلموهم بالبقاء في بيوتهم وعدم التوجه إلى المدارس، لأنه “يوم عطلة”، وفي الحالتين، شلت النقابات الكثير من المؤسسات التربوية، واستعرضت عضلاتها على الوزارة، باستخدام المتمدرسين في حرب قاسية وشاقة لا تريد أن تضع أوزارها منذ نعومة أظافرنا وجلدنا!
الكثير من القطاعات الأخرى، مثل الصناعة والإدارة والاقتصاد والبنوك والأشغال العمومية، وغيرها، أصبحوا يتساءلون عن سرّ ديمومة الإضرابات في قطاع “التغبية”، رغم أن هذا القطاع، هو واحد من أهم القطاعات التي استفادت خلال السنوات الأخيرة، وعلى فترات، من امتيازات لا تعدّ ولا تحصى، وإن كان ليس من اللائق المقارنة بين هذا وذاك!
هل نقابات التربية “شاطرة”؟ بالمقارنة مع النقابات في قطاعات أخرى، لا تقلّ أهمية وانتشارا من حيث عدد العمال والمستخدمين والمنتسبين؟ أم أن نقابات المعلمين “لا تقنع فلا تشبع”؟ أم أن الوصاية على هذا القطاع لا تتنفس إلاّ المشاكل ولم تنجح مقارنة بوزارات أخرى في حلحلة جميع المشاكل وامتصاص غضب الموظفين؟
ربما “استقلالية” نقابات التربية، عن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، هو الذي منحها فسحة للتفاوض والمناورة والمغامرة، ومكّن قياداتها من الاستحواذ على قوّة المبادرة، والتهديد والوعيد، الأمر الذي أسكن الاحتجاجات في قطاع من المفروض أنه يكون أهدأ القطاعات، وفق شروط وأرضية توفرها الوزارة الوصية، بتعاملها المميزّ والمتميّز مع معلمين كادوا أن يكونوا رسلا!
لا يُمكن، ولا يجوز، وضع مهنة التعليم والتدريس، في سلة واحدة مع مهن أخرى، فالمدرسة هي البداية وهي النهاية، وهي حاضنة التربية ومنشأ الأخلاق، وهي المفرخة التي تلد وتولد وتوفد الكفاءات والإطارات والنخبة والمتعلمين إلى مختلف القطاعات والتخصصات، لكن هل هذا يُعطيها الحقّ أن تحتكر الحقّ في الإضراب، وتجعله حقّا أبديا لا يزول بزوال الرجال؟
هناك أساتذة ومعلمون، لا يُضربون مع زملائهم المضربين، رغم أنهم يتقاسمون نفس المتاعب والانشغالات والطموحات، لكنهم يعتقدون أن التدريس رسالة، قد يعملون على تبليغها بالمجان إن اقتضى الأمر، عكس نوع آخر من المدرّسين، الذين يرون أن مهمتهم ستفشل إذا كانت “بطونهم فارغة”، وحاصرتهم مشاكل الحياة اليومية من كلّ حدب وصوب!
المشكلة ليست في الإضراب، ولكن في ضمان الحدّ الأدنى من الخدمة، وتجنيب الآخرين دفع فاتورة لا علاقة لها بنفقاتها، وهذا ما يحصل غالبا في إضرابات التربية، وطبعا المثل يقول: “الخبر إيجيبوه التوالى”!

مقالات ذات صلة