-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإفتتاحية: أوراق اليانصيب

الشروق أونلاين
  • 1594
  • 0
الإفتتاحية: أوراق اليانصيب

كمال منصاري

وزارة المالية تتوقع تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 8ر6 بالمائة في السنة المالية الجديدة و هو طموح تكرر منذ السنوات الماضية. فالأرقام الرسمية التي قلما تؤخذ بمحمل الجد أشارت إلى أن النمو بلغ 8ر4 سنة 2006 و 1ر5 بالمائة السنة التي ما قبلها. والغريب أن نفس الوزارة كانت قد أعلنت سنة 2003 أنها حققت نموا قدره 8ر6 بالمائة.التوقعات التي حددها منظرو وزارة المالية و خبرائها هذه السنة في مشروع قانون المالية تعطي الانطباع بأن الجزائر مقبلة على رخاء اقتصادي قلما عرفته منذ الاستقلال بفضل ضبط محكم لميزانية التسيير، و اتساع رقعة الاستثمار المباشر المؤدي حتما الى تطور سوق الشغل الذي يعرف بأنه أحد الأركان الأساسية للرخاء و بالتالي لتطور الثروات العمومية و الخاصة.
و معلوم أن النمو الاقتصادي ناجم أساسا عن الزيادة السنوية لمختلف الثروات الوطنية التي يحققها مجموع المتعاملين الاقتصاديين المحليين بما فيهم الشركات الأجنبية المقيمة في الجزائر. لكن الواقع الاقتصادي الجزائري، الذي يرتكز أساسا على الاستيراد و الاستهلاك، برهن مرارا على هشاشته و تعرضه بسهوله لهزات يدفع ثمنها المواطن البسيط. فتوقعات وزارة كريم جودي سنة 2007 ذكرت أن النمو لن يقل عن 5ر5 بالمائة و شاطره في هذا الاتجاه صندوق النقد الدولي لكن هذه التوقعات اندثرت أمام التهاب الأسعار الأساسية التي بلغت أوجها خلال الصيف و تبخرت أيضا أمام سلطة اللوبيهات لاسيما “أرباب البطاطا” مما أدى إلى انكماش القدرة الشرائية للمواطنين و بالتالي إلى تضخم جعل أرقام الوزارة ونسبها في مهب الريح. و أجمع العديد من الخبراء الاقتصاديين بان النمو هذه السنة لن يزيد عن 3 بالمائة.
والزيادات في الأجور التي أقرتها الدولة لامتصاص الغليان الشعبي و دفع بعجلة الاستهلاك ، أحد العوامل الضرورية لقياس النمو، قد تضمحل مرة أخرى سنة 2008 أمام استمرار ارتفاع الأسعار المواد الأولية سواء محليا أو في الأسواق العالمية ، و استمرار ارتفاعها سيكون موجعا بالنسبة لمختلف الآليات الاقتصادية و شبكاتها و بالتالي أكثر قسوة على المواطن الذي يعلم أن خزائن دولته فاضت بالدولارات و قدرته الشرائية تفيض نزيفا.
فتوقعات وزارة المالية أصبحت تشبه أوراق اليانصيب إذ ناذرا ما تجعل من يتعلق بها من الرابحين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!