الرأي

الإنترنت الذي لا يُشرِّف!

ح.م

وصف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، حالة الأنترنت في الجزائر بـ”غير المشرفة”، وبـ”المعرقلة لمسار الكثير من القطاعات”، وهو وصفٌ يتفق معه فيه الجزائريون جميعا، سواء الذين يستغلون الأنترنت من أجل العمل والتواصل الحقيقي وتطوير قدراتهم المهنية والعملية وعددهم قليل جدا، أو الذين يتسلّون ويتبادلون النكت ويتابعون سيرة الرجال والنساء وعددهم كبيرٌ جدا، كما يتطابق مع إحصاءات عالمية وضعت الجزائر في المراكز الأخيرة عالميا من حيث التدفُّق واستغلال هذه الوسيلة التكنولوجية التي هي أساس العلوم والاقتصاد وحتى العلوم الإنسانية.

يسافر الجزائريون إلى العديد من البلدان في القارات الخمس، ويلاحظون مدى التأخر الذي تعانيه الجزائر في مجال المعلوماتية، بالرغم من أنها تمنح الشهادات العليا في الإعلام الآلي والتكنولوجيا سنويا للآلاف من المتخرِّجين، ولكنها في ساعة الجدّ وفي المكان الجدّ، تمنح التسيير لغير أهله.

 وعندما يعود ربُّ أسرة بعد شهر من العمل، من المركز البريدي من غير تسلّم مرتبه الشهري بحجة انقطاع الأنترنت، أو يرفض مركز دفع تابع لشركة سونلغاز استقبالَ حقوق فاتورة كهرباء وغاز من زبون، ويتعطل الإعلان عن المستفيدين من أي صيغة سكنية، بسبب نقص التدفق، فمعنى ذلك أننا بلدٌ يطمح إلى التطوُّر ويحلم به، ولكننا عاجزون عن تحقيق أسس هذا التطور.

مشكلة الأنترنت في الجزائر، أخطر من البيروقراطية، بل هو توريثٌ لعذاب المواطن الذي طاله التهميش من بعض الناس، وعندما حاول التحرُّر من قيودهم بالهروب إلى التكنولوجيا أو العالم الافتراضي، وجدهم من حوله ينسفون اتصاله بالآخرين، بعد أن منعوا عنه أنفسهم، وقدَّموا للكسالى وما أكثرهم الحجَّة الجاهزة للتقاعس والتماطل، فتحوّل الأنترنت إلى شماعة للكسل والهروب من أداء الواجب، وتعطلت غالبية المجالات وشلّت البقية بسبب بقاء الجزائر في مؤخرة الترتيب في عالم الانترنت بمعاناة القاعدة واعتراف القمة.

يُقال -والعهدة على رواة الخبر من خارج الوطن- إنَّ الكثير من الخبراء والعلماء في التكنولوجيا من الجزائريين ارتقوا إلى رتبة تسيير الكثير من القطاعات الحيوية في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي والمملكة المتحدة وفرنسا، ويُقال -والعهدة على رواة الخبر من داخل الجزائر- إن الكثير من المسؤولين في بلادنا على هذا العالم المتطور، من الذين لا علاقة لهم بالتكنولوجيا، وبعضهم لا يمتلك أي صنف من الشهادات التعليمية ولا نقول الجامعية والتكنولوجية، وهو ما خلق هذا التناقض الصارخ بين خبير جزائري يحمل على ظهره أثقالا من العلم، ورجلٍ غير مناسب في مكان غير مناسب، يعجز حتى عن توفير الأنترنت بتدفُّق مقبول، كما هو الشأن في الدول الإفريقية الصغيرة، ولن نتحدث عن البلاد الكبيرة.

اعترافُ رئيس الجمهورية أثلج صدور غالبية الجزائريين ومنحهم الأمل في أيام تكنولوجيةٍ أحسن، على أمل أن نستفيد من هذه الخدمة في تحريك هذا الجمود والتطوير الشامل للبلاد، وليس من أجل الرغي وتبادل النميمة وهتك خصوصيات الناس. لقد نافست الجريمة الإلكترونية بقية الجرائم بالرغم من ضعف الأنترنت، ولم ينافس التطوُّر التكنولوجي في أي مجال إلى حد الآن.

مقالات ذات صلة