-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بهدف كبح المهاجرين المتدفقين عليه.. "أوبزيرفر" تكشف:

الاتحاد الأوروبي يدفع المليارات للعصابات المسلحة في إفريقيا

ق. د
  • 2327
  • 0
الاتحاد الأوروبي يدفع المليارات للعصابات المسلحة في إفريقيا
أرشيف

قال المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” كنعان مالك، إن الاتحاد الأوروبي يقدم المال للميليشيات المسلحة في إفريقيا لمنع موجات المهاجرين، مشيرا إلى أن بريطانيا تريد أن تحذو حذوه.
ووفق تقرير لـ”القدس العربي”، فإنّ الكاتبة إن سالي هايدن، الصحافية في “أيريش تايمز” تلقت في أكتوبر عام 2018، رسالة نصية مفادها: “المساعدة، شخص واحد أحرق نفسه بالبترول لأنه يائس”. وتعتبر هايدن واحدة من الصحافيين الذين كان يثق بهم المهاجرون المعتقلون في ليبيا. والرسالة النصية هي عن عبد العزيز الذي أجبر على الهروب من الصومال خوفا من “حركة الشباب”، الجماعة المرتبطة بتنظيم “القاعدة”، التي تقوم بحملة إرهاب في إفريقيا. وبعد رحلة صعبة في الصحراء، سُجن في سجن طريق السكة، وهو سجن سيئ السمعة في العاصمة الليبية طرابلس. لماذا؟ لأن الاتحاد الأوروبي يدفع المال للميليشيات ملايين اليوروهات لاحتجاز أي شخص يعتقد أنه مهاجر إلى أوروبا. ومثل بقية السجون في ليبيا، فطريق السكة هو مكان الجوع والمرض والضرب والاغتصاب والتعذيب والموت… الموت جوعا، الموت ضربا، الموت شنقا، والموت انتحارا. وبعد تسعة أشهر في الاعتقال، شعر عبد العزيز أنه فقد الأمل، فأمسك بحاوية للبترول تستخدم لتغذية المولّد الكهربائي وصبّه على نفسه وأشعل عود الثقاب. وكانت هايدن الصحافية الوحيدة التي غطت قصة موته. وتقول: “لا أعرف إن كان وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك يعرف عن عبد العزيز. فقد زار الأسبوع الماضي دولا على الجانب الآخر من البحر المتوسط، لم تكن ليبيا واحدة منها، لإقناع القادة السياسيين هناك لاتخاذ إجراءات قوية ضد طالبي اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين الذين يعبُرون البحر، وإقناع حكومات شمال إفريقيا بوقف القوارب بعيدا آلاف الأميال عن المياه البريطانية”.
وكان جينريك يتبع ساسة في الاتحاد الأوروبي عقدوا صفقات مع كل قوة تخطر بالبال في تلك المناطق، بدون النظر إلى طبيعتها سواء كانت رجعية أو مثيرة للتقزُّز، ويقدمون المال بسخاء مقابل سجن المهاجرين المحتملين ومنعهم من الوصول إلى أوروبا.
ولم تؤدِّ الصفقات إلى تفكيك عصابات التهريب، وكانت كارثية على طالبي اللجوء والمهاجرين من منطقة شمال إفريقيا والساحل. وجسمُ عبد العزيز المتفحم هو تذكيرٌ بثمن هذه الصفقات.
ويقدّم الكاتب قائمة بالاتفاقيات التي عقدها الاتحاد الأوروبي مع دول المنطقة لمحاربة الهجرة غير الشرعية، من المعاهدة في 2010 مع العقيد معمر القذافي، إلى الاتفاقيات اللاحقة مع الجماعات المسلحة وأمراء الحرب في ليبيا بعد التدخل الغربي الذي مزّق البلد، وإنشاء الاتحاد الأوروبي صندوق تمويل الطوارئ لإفريقيا عام 2015، إذ بدأت الحرب السورية بدفع المهاجرين، وسبّبت فزعا في العواصم الأوروبية، إلى عملية الخرطوم التي كانت تهدف إلى ضم دول المنطقة مثل إثيوبيا وإريتريا وأوغندا وجنوب السودان، إلى الصفقات الثنائية مع تركيا والنيجر، فقد وزّع الاتحاد الأوروبي مليارات اليوروهات في محاولة لإقناع الدول غير الأوروبية للتحرُّك كشرطيٍّ منفّذٍ لسياسات الهجرة.
وكانت النتيجة هي إنشاء “صناعة كبيرة للخطف والاحتجاز” من المحيط الأطلنطي إلى البحر الأحمر، ومن البحر المتوسط إلى الساحل. وتم استخدام السجون والمخازن. وحتى حدائق الحيوانات، أعيد استخدام أقفاصها لسجن المهاجرين.
وفي ليبيا، يقوم المسلحون والمهرِّبون ممن يعتبرون أنفسهم “خفر سواحل” وتم تدريبهم وتمويلهم من الاتحاد الأوروبي، بالقبض على المهاجرين في البحر ودفعهم بالقوة إلى مراكز الاحتجاز الليبية.
وفي سجن طريق السكة وغيره من مراكز الاحتجاز، قال تقرير شاجب للأمم المتحدة: “تُرتكب أفعالٌ من القتل والاسترقاق والتعذيب والاغتصاب وغيرها من الأفعال ضد المهاجرين…”.
ويعلق مالك: “يعرف القادة الأوروبيون بهذا، لكنهم قرروا إغلاق أعينهم عن الحقيقة وما تفعله سياساتهم، وتظاهروا كما يفعل الساسة في بريطانيا بأنهم أصحاب رسالة أخلاقية يتحدون شرور المهربين”. والاتحاد الأوروبي هو المنظمة التي منحت المال لعمر البشير، الرئيس السوداني السابق لـ”السيطرة على الهجرة”. وأصبحت عصابات الجنجويد (قوات الدعم السريع حاليا) التي مارست سياسة إبادة في دارفور هي من تلاحق المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وليس المتمردون.
وكان نهج الاتحاد الأوروبي كارثيا على السكان المحليين، فتحوُّلُ سياسة الهجرة الأوروبية إلى خارجية، أدت إلى تفكيك اقتصاد المناطق وتحطيم المجتمعات، وخلق فرص لتهريب البشر وللجماعات الإسلامية المتشددة، وتقويض الثقة بالسلطات المنتخَبة. وتحولت النيجر المحاذية لليبيا والتي تعدّ من أفقر عشر دول في العالم، إلى “مختبر الهجرة إلى أوروبا”، ومن ناحية عدد السكان، فهي أكبر متلقّ للدعم الأوروبي، مقابل تغيير سياساتها من أجل أن تتناسب مع السياسة الأوروبية من الهجرة، بما في ذلك تبني قانون 2015 ضد مهرِّبي المهاجرين.
وتظل الهجرة جزءا من النسيج الاجتماعي لدول الساحل الإفريقي، قبل أن تشعر أوروبا بالتهديد. ومعظم اقتصاد دول الساحل متجذر في حركة السكان، فسياسة بروكسل لم تؤد إلى منع حركة السكان بين الدول، بل جعلتها صعبة داخل النيجر. ودمّرت السياسة سبل المعيشة للكثيرين الذين كانوا يعتاشون على طرق الهجرة من دون خلق بدائل لهم، ومن المفارقة أنها ساعدت على خلق صناعة جديدة للاتّجار بالبشر.
وأدت المطالب الأوروبية إلى تآكل الثقة العامة بالسلطات الحاكمة في هذه البلدان، وقادت البعض إلى التساؤل: “نعمل للاتحاد الأوروبي وليس من أجل الناس الذين انتخبونا” وهو سؤالٌ يعبر عما قالته الممثلة الأوروبية السابقة للاتحاد الأوروبي في منطقة الساحل، أنجيلا لوسادا: “حدود أوروبا الأمامية”.
وهذه مفارقة؛ فالساسة الذين يؤكدون على فكرة “الدفاع عن السيادة” و”حماية الحدود” لا يبالون عندما يدوسون على سيادة الدول الفقيرة، ولا يحترمون الحدود طالما “أوقفت القوارب”.
وزعم جينريك في تصريحات لصحيفة “التايمز” أن مطالبة دول شمال إفريقيا ودول الساحل بوقف القوارب، هي جزءٌ من “نقل المعركة ضد مهرِّبي البشر” ولحماية المهاجرين و”منعهم من القيام برحلات خطيرة وغير ضرورية”.
وربما كان هذا مقبولا أخلاقيا، لكن هدف جينريك هو دفع الدول الأخرى للعمل كشرطي لبريطانيا. ورغم أن بريطانيا تركت الاتحاد الأوروبي، إلا أن عقلية الاتحاد من الهجرة لا تزال مغروسة في السياسة البريطانية، بحسب قول الصحيفة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!