الرأي
تحتفل بذكرى ميلادها ال 58 في الجزائر:

الاتفاق الروسي– السعودي يهمش دور “أوبك”

أرشيف

سوق النفط تستعيد عافيتها نسبيا، ومعدلات أسعار تتخطى مخاطر الأزمة التي أنهكت الدول المنتجة، وتفاؤل بانتعاش متزايد، يتنامى حتى العام المقبل، وتوقعات ببلوغ برميل النفط عتبة ال 100 دولار.

واجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وكبرى الدول المنتجة، في الجزائر اليوم، يتزامن مع الاحتفال بمرور 58 عاما على تأسيسها “14 سبتمبر 1960″، ونجاح تدابيرها المتخذة عام 2016 في استعادة هيبة السوق النفطية، بناء على رؤية تحققت في العاصمة الجزائرية، اختصرت الحل في تخفيض معدلات الإنتاج النفطي.

لقد تغيرت المعطيات بعد مرور عامين على الصعيد الجيوسياسي، حيث تراجعت معدلات الإنتاج النفطي، بسبب العقوبات القسرية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على إيران وفنزويلا، والتدهور الأمني في حوض البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع ترقب صعود سقف هذه العقوبات، بما يدعو “أوبك” إلى إعادة النظر في قراراتها المتعلقة بسياستها الإنتاجية.

لقد جاء المنتج الروسي إلى الجزائر، متوقعا مناقشة كل السيناريوهات المحتملة، بخصوص السياسة الإنتاجية، ملمحا بعدم ممانعته من زيادة الإنتاج لتلافي النقص الحاصل في إمدادات سوق النفط، طالما بدا السوق مستقرا.

وما يعزز الموقف الروسي هو الاتفاق مع المملكة العربية السعودية، حول إنتاج النفط، الذي قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط من جديد. مع الدعوة إلى زيادة معدلات الإنتاج النفطي.

تعد روسيا والسعودية من أكثر البلدان إنتاجا للنفط في العالم، بنحو 20 مليون برميل من النفط الخام في اليوم، أو نحو 1150 مليون طن سنويا، أي ما يعادل ربع إنتاج العالم من النفط، وهذا ما يجعل التقارب الروسي السعودي مؤثرا في أي قرار تتخذه “أوبك”.

وإذا ما عمد البلدان إلى ضخ كميات قياسية من النفط، فإن أسعار النفط ستهبط إلى مستويات متدينة، وتخرج الدول المصدرة للنفط “أوبك” بمثابة الخاسر الأكبر، رغم تكتلها التقليدي.

التزم البلدان باتفاق فيينا لخفض الإنتاج النفطي، الذي أعاد للسوق النفطي توازنه، لكنهما الآن يريان أن التقدم المستمر في السوق نحو التوازن والتعافي هو ما يدعو إلى التخلي عن فكرة الإبقاء على تخفيضات الإنتاج في المرحلة الحالية.

والجدير بالذكر أن اتفاق خفض الإنتاج ما زال ساريا حتى مارس من العام المقبل.

 وإزاء هذا الواقع، تشكو الدول الأعضاء في “أوبك” من تهميش دورها في ظل الاتفاق الروسي السعودي، وستضطر إلى الخضوع لما تقررانه، وكأنهما من يرسمان سياسة “أوبك”.

وزير النفط الروسي أعلن تفهمه لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية في عدم زيادة أسعار النفط، وأبدى استعداده للتفاهم معها حول هذا الموضوع في مفاوضات محتملة بين الطرفين.

وهو الموقف الذي يلتقي فيه مع موقف وزير النفط السعودي، حيث التقيا في مبدإ الحفاظ على سعر يفوق بقليل حاجز ال 60 دولارا .

وإذ تتجه المؤشرات إلى صعود سعر البرميل إلى 100 دولار، في ظل التوتر الجيوسياسي القائم في منطقة الشرق الأوسط، فإن روسيا والسعودية يريان أن الوقت قد حان لضخ كميات جديدة من النفط، في أسواق تريد المزيد.

روسيا تخشى من ارتفاع أسعار النفط الذي يدفع إلى رفع قيمة العملة الروسية الروبل ما يؤدي إلى تقليص القوة التنافسية الروسية لتصدير باقي السلع لكون اقتصاد روسيا ليس معتمدا كليا على النفط، وهذا ما يجعل الاختلاف في المصالح بين روسيا والدول الأعضاء في “أوبك” التي تعتمد اقتصاديات بلدانها على النفط دون غيره.

لكن أسعار النفط سائرة نحو الارتفاع وفق قوانين السوق، فالفائض في المخزون العالمي النفطي قيد الزوال أسرع مما كان متوقعا بعد أربع سنوات من استمرار الفائض، هكذا يرى الأمين العام لمنظمة “أوبك”، ودخلت العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا قيد التنفيذ، بما سيؤثر على إمدادات الطاقة.

فما الذي سيفعله التوافق الروسي– السعودي لتنفيذ سياسته القائمة على تجاوز اتفاق خفض الإنتاج النفطي، وفرضها على “أوبك”؟

الأمر لا يتوقف عند تعويض النقص الحاصل من انخفاض أو توقف الإمداد النفطي الإيراني– الفنزويلي، بل يتعداه إلى إغراق الأسواق لرفع الفائض من المخزون النفطي لدى الدول المستهلكة.

وهنا يبرز دور الجزائر التي تستضيف اجتماع “أوبك” وكبار المنتجين في بلوغ التوافق المطلوب بين جميع الدول المنتجة، حفاظا على قدرتها الاقتصادية.

مقالات ذات صلة