الاستعانة بالتجربة التركية للنهوض بصناعة الألبسة بالجزائر

تعرف الصناعات النسيجية والألبسة الجاهزة في الجزائر خطوات متسارعة نحو بلوغ القفزة النوعية في السوق المحلية، تحضيرا لاجتياح الأسواق الإفريقية والأوربية، وتعتمد في التخطيط لذلك على تجارب دول نجحت بجدارة في هذا القطاع مثل تركيا وايطاليا، والصين..
وبالموازاة مع مساعي الدولة للنهوض بقطاع النسيج والملابس، يدعو أصحاب هذا القطاع إلى وضع الثقة فيهم من خلال قوانين تحرر نشاطهم وتشجعهم أكثر، مؤكدين أن لديهم من الإمكانيات والقدرات ما يغنيهم عن إنتاج الآخرين، مفضلين استمرار استيراد القماش والألبسة والمواد الأولية من الصين والهند وبنغلاديش.
وفي هذا السياق، أكد رئيس الجمعية الوطنية للخياطة والنسيج، يعقوب ابادوين، في تصريح لـ”الشروق”، أن الجزائر لديها إمكانيات لا يستهان بها لإحداث قفزة نوعية في قطاع النسيج وخياطة الألبسة، ولكن تبقى بعض القوانين وراء تعطيل نشاط أصحاب الورشات والمصانع الخاصة بهذا المجال، مؤكدا أن الأتراك استفادوا من بعض مصمصي الأزياء الجزائريين والخبراء في مجال الموضة، حيث استغل بعض هؤلاء في مجال “تيكستيل”، ولكنهم بعد ذلك قاموا بتصدير ألبسة وافرشه بلمسات جزائرية إلى دول عربية أخرى.
وأوضح ابادوين الذي يملك ورشة لخياطة ملابس الأطفال والكبار، أن أصحاب الحرفة يحتاجون إلى التعامل مع الصين والهند وبنغلاديش، فبحكم التجربة بحسبه، فإن استيراد القماش والألبسة والمواد الأولية للخياطة والنسيج من هذه البلدان يكون أقل سعرا وأكثر جودة مقارنة بتركيا، حيث الأسعار باهظة والنوعية أقل.
ويرى يعقوب ابادوين، أن تركيا عرفت انتعاش في قطاع الخياطة والنسيج بعد الثورة السورية، وهجرة الكثير من محترفي الخياطة والنسيج إليها والذين نقلوا لها اليد العاملة والتكنولوجيا معا، إلا أن “الموديل” و”اللمسات العصرية المبدعة” فكانت لجزائريين يعملون عندهم في ورشات الخياطة والنسيج، ولا يمكن بحسبه، أن تقلل من وجود حرفيين حقيقيين في بلادنا والذين لا يحتاجون إلى دعم بقوانين مستقرة الأقل 10 أو 15 سنة لكي يتعود عليها هؤلاء الناشطين في مجال ويعرفون كيف يتجاوزون بعض الصعوبات والأخطاء.

أتراك يستنجدون بالمصنعين الجزائريين لتسويق منتجهم
ومن خلال جولة استطلاعية لـ”الشروق”، في الصالون ” Alger Textile 2023″، الذي خصص لصناعة النسيج التركي بمشاركة إيطاليا، والمقام بقصر المعارض الصنوبر البحري، تقربنا من بعض المصنعين الأتراك الذين يملكون ورشات لصناعة القماش، والخيط، تبين مدى اهتمامهم بالشراكة والتعاون مع الطرف الجزائري، حيث أكدوا أنهم جاؤوا للبحث عن ممثلين لفروع لهم هنا في الجزائر، معتبرين أن تركيا رائدة في هذا المجال.
وقال أحمد عبيد الوكيل التجاري لشركة “مزهار تكستيل” التركية الرائدة في مجال إنتاج أنواع الأقمشة القطنية، إن الصناعات النسيجية متطورة في تركيا، وبلغت العالمية بفضل نوعيتها وجودتها، وسعرها، وإن “مزهار” ستفتح لها فرعا هنا في الجزائري في المدى القريب، وذلك بعد التفاوض مع مستثمر جزائري، أبدى استعداده للتعاون والمساعدة وتولي مهمة تحديد مكان الفرع.
وأكد أن هذه الشركة موروثة عن الأجداد عمرها يمتد إلى 80 سنة، ومقرها الرئيسي في مدينة بنزلي بتركيا.
وتعمد في صناعة بعض الأقمشة على الترويج للحضارات وثقافات بعض القارات والدول، حيث هناك أقمشة ذات طابع إفريقي وأخرى إسلامية، وفينيقية، لتبقى اللمسات الفنية والنوعية معا أحد أهم التأثير التجاري.
ومن جهته، أكد ممثل شركة” أزفير تاكستيل” المدعو” أرسلان باريش، أن تركيا لديها نجاحات كبيرة في مجال القماش والنسيج، كما لديها خبرة في مجال المعدات والعربات والسيارات، وكل ما تتمناه هو إيجاد شراكة حقيقية بينها وبين الجزائر، وفتح فروع لمصانع النسيج هنا في بلادنا، حيث اعتبر أن الصالون فرصة لتبادل الخبرات، مبديا انبهاره باهتمام بعض التجار والمصنعين الجزائريين الذين زاروا جناح الشركة، وفتحوا نقاشات واسعة حول قطاع النسيج، ورغبتهم في الاستفادة من التجربة.
وقال محمد مهات، ممثل شركة “سافالو تاكستيل”، إن الشراكة مع الجزائر هو نجاح حقيقي، وهو ما تحضر له شركته من أجل توسيع إنتاجها في شمال إفريقيا.

صناعة الخيط القطني تجربة تركية تبحث عن شريك جزائري
وأبدى الكثير من زوار صالون “تاكستيل الجزائر 2023″، اهتماما بالمادة الأولية المصنعة في تركيا، مثل الخيط الذي يصنع منه القماش، حيث تفاوضت شركة “انفو إنبليك” التركية مع مستثمرين جزائريين راغبين في فتح ورشات للنسيج، لتنقل غليهم التجربة.
وقال ميرات كيسلي، صاحب الشركة إن التجربة في هذا المجال طويلة، وإن ما يميز الخيوط هو الاعتماد على القطن الذي يزرع في مساحات غير بعيدة عن مقر مصنع الشركة، حيث تنتج خيوط خام وخيوط مزدوجة، وخيوط نيون ملونة، ومشروطة ملونة، وقطنية ملونة، وخيزران ملون وقطن عضوي.