الاستقرار أولى من الغاز الصخري
الصّور التي صدّرناها أمس إلى العالم عن قمع الوقفة التّضامنية لتنسيقية الانتقال الديمقراطي مع المتظاهرين في الجنوب ضد استغلال الغاز الصخري تطرح أكثر من تساؤل عن حرص السّلطة على المضي قدما في استغلال الغاز الصخري مهما كانت دائرة الرفض كبيرة لهذا المشروع.
بل إن الجديد هذه المرة أنّ السّلطة نوّعت في طرق القمع من خلال منع المتضامنين من الوصول إلى أماكن التظاهر، إلى التشويش باستخدام فرق الفلكلور، إلى التصدي المباشر للمتظاهرين واعتقال البعض منهم.
وبالموازاة مع هذه الإجراءات غير المسبوقة طفت إلى السطح تصريحات رسمية تؤكد أنه لا تراجع عن استغلال الغاز الصخري، وتصريحات شبه رسمية تغمز وتشير بأن الحراك الشّعبي المناهض لهذا المشروع تقف وراءه أطراف أجنبية، وتلك إساءة أخرى واستفزاز لرافضي الغاز الصخري الذي يقدم وكأنه الحل السحري لمشاكل الجزائر الاقتصادية.
لا معنى لكل تلك الحركات التي تقوم بها السّلطة باستخدام خبراء على المقاس يقدّمون محاضرات عن التأثيرات المحدودة لعملية استغلال الغاز الصخري على البيئة، لأنّ الرّهان أصبح يتعلق الآن بمكسب الاستقرار الذي بات مهددا بسبب هذا الإصرار الغريب على الغاز الصخري من قبل السّلطة التي لم تعد تراهن إلا عليه في تجاوز تأثيرات تراجع أسعار البترول.
الوحدة الوطنية والاستقرار أولى من هذا المشروع الذي أثار الجدل في بلدان أخرى بسبب جدواه الاقتصادية المحدودة وتأثيراته السلبية، وعليه كان على السلطة أن تفكر في إصلاح ما أفسدته السياسة العرجاء التي تم اعتمادها خلال السّنوات الماضية، والتي فوّتت فرصة الوفرة المالية في الإقلاع الاقتصادي بدل الاكتفاء في توزيع الرّيع بطريقة بدائية جدا وغير عادلة.
إنّ التّراجع عن هذا المشروع المثير سيكون بداية جادة لسد الفجوة بين السّلطة والشعب من جهة وبين السلطة والمعارضة من جهة أخرى، إذا أخذنا بعين الاعتبار الفجوة الموجودة بين الشعب والمعارضة، لأن هذه الأخيرة لم تعد تتحكّم في الشّارع أو تؤثّر فيه، بل إنّها حاولت إثبات وجودها بتبنّي مطلب سكّان الجنوب.
إن الاستمرار في هذا النّهج الذي يضيّق على المظاهرات الرّافضة لاستغلال الغاز الصّخري، وتجاهل صيحات أهلنا في الجنوب، هو الغباء بعينه لأن الكلفة التي ستنجر عن هذا السّلوك الانفرادي للسلطة، ستكون أكبر بكثير من المردود الذي ستجنيه من استغلال الغاز الصخري.