الرأي

الاستقواء بالخارج جريمة

رشيد ولد بوسيافة
  • 1406
  • 14
ح.م

يبدو أن التدخل الأجنبي أصبح واقعا في بلادنا، إلى درجة أن البرلمانية الفرنسية “ماتيلد بانو” تصول وتجول في شوارع الجزائر، مطالبة بالمجلس التأسيسي، وتعارض الانتخابات الرئاسية، وكأن الأمر يتعلق بشأن فرنسي وليس أمرا جزائريا داخليا!

ولولا التصرُّف الحازم لمصالح الأمن ببجاية، لواصلت هذه النائبة وربما غيرها عملية الشحن الداخلي لتعميق الخلافات بين الجزائريين، والدفع نحو المواجهة العنيفة التي لم تحدث إلى الآن بعكس ما يحدث في الشوارع الفرنسية مع السترات الصفراء التي يتم قمعُها أسبوعيا.

البرلمانية الفرنسية، حسب ما تداول من أخبار، لم تكن وحدها، وإنما رافقها إلى الجزائر برلمانيٌّ آخر وكانت تنسق مع أحزاب سياسية جزائرية تتجاهل حساسية الجزائريين من التدخل الأجنبي وتستفزهم بالاستقواء بالأجانب لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.

ليس من حق النشطاء السياسيين في حزبي “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” و”الحركة الديمقراطية الاجتماعية” إقحام الأجانب في شؤوننا، وعلى هذين الحزبين تقديم توضيحات للجزائيين عن أسباب هذه السقطة السياسية والأخلاقية، وليعلم هؤلاء أن سلوكهم قد أساء إلى الحَراك الشعبي الذي رفع من أول يوم شعارات ترفض التدخل الأجنبي في شؤون الجزائر، ولو من زاوية دعم الحَراك الشعبي وتبني مطالبه.

تساؤلٌ آخر لا بد من طرحه هو: من يسهِّل مهمة النواب الفرنسيين في الجزائر؟ ومن مكّن لهؤلاء من الفيزا وحرية التنقل في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، علما أن الجزائريين يعانون من صعوبات في التنقل خاصة أيام المسيرات؟!

قلناها وسنعيدها، إن الاستقواء بالخارج جريمة في حق الوطن، سواء كان ذلك من المعارضة أم من السلطة، وقد ثار الجزائريون على وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة خلال الأيام الأولى من الحَراك ووصفوه بأشنع الأوصاف حين كان يتنقَّل بين عواصم العالم بحثا عن التأييد للعصابة قبل سقوطها.

أما التساؤل الأكبر فهو: لماذا يترك النواب الفرنسيون أوضاع فرنسا المتوترة بسبب المواجهات الأسبوعية بين قوات الأمن والسترات الصفراء ويهتمون بالشأن الجزائري، مع أن الفرق كبير بين مسيراتنا السلمية ومظاهراتهم العنيفة وبين السلوك الحضاري لقواتنا الأمنية في تعاملها مع المتظاهرين وسلوك الأمن الفرنسي العنيف الذي يتصدى للسترات الصفراء، ويقدم مشاهد فظيعة للعالم لمتظاهرين مضرجين بالدماء؟

غير أن الواضح أن الفرنسيين يبحثون عن نفوذٍ ضائع في الجزائر بسبب التحوُّلات التي حدثت خلال الأشهر الأخيرة، ومن يحاول استعادة النفوذ من الجزائريين ويتواطأ معهم فإنَّ الوطن منه براء.

مقالات ذات صلة