-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الافتتاحية:لماذا‮ ‬يتأخر‮ ‬المسلمون؟

الشروق أونلاين
  • 1997
  • 0
الافتتاحية:لماذا‮ ‬يتأخر‮ ‬المسلمون؟

عبد‮ ‬الناصر

الجدار الفاصل الذي سقط في برلين بعد خمسة وأربعين عاما وأعاد الجرمان كما كانوا كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، والخط الفاصل الذي سيزال بالتأكيد في كوريا ما بين الشماليين والجنوبيين بعد أزيد من ستين عاما ليصبحوا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى فيه عضو تداعى له باقى الجسد الكوري بالسهر والحمى، والاتحاد الأوروبي الذي جمع كل الأجناس واللغات إلى درجة إلتقاء المجري باليوناني وهما اللذان تفرقهما الجغرافيا والتاريخ وحتى الدين والجنس واللسان حتى أصبح الأوروبيون كالإخوة يحبون لبعضهم ما يحبون لأنفسهم، هذه المشاهد يقابلها‮ ‬مزيد‮ ‬من‮ ‬الجدران‮ ‬الذهنية‮ ‬الفاصلة‮ ‬والخطوط‮ ‬المفرقة‮ ‬ما‮ ‬بين‮ ‬هذا‮ ‬المليار‮ ‬ونصف‮ ‬المليار‮ ‬مسلم‮ ‬الذين‮ ‬على‮ ‬كثرتهم‮ ‬وأسباب‮ ‬توحدهم‮ ‬مازالوا‮ ‬يتقنون‮ ‬فقط‮ ‬فنون‮ ‬التفرقة‮!‬لست أدري لماذا يسمي أهل السنة أنفسهم بأهل السنة وليس بأهل الفرض؟ أم أنهم أدركوا تفريطهم منذ قرون في الفرائض وأهمها الجهاد بكل أشكاله المادية والمعنوية، فأصبحت أعراضهم مستباحة في أبي غريب وأراضيهم منتهكة في كل مكان ومقدساتهم مدنسة في مسرى نبيهم الكريم.
ولست‮ ‬أدري‮ ‬لماذا‮ ‬يسمي‮ ‬الشيعة‮ ‬أنفسهم‮ ‬بشيعة‮ ‬علي‮ ‬وليس‮ ‬شيعة‮ ‬محمد‮ ‬عليه‮ ‬الصلاة‮ ‬والسلام‮ ‬الذي‮ ‬يتعرض‮ ‬في‮ ‬السنوات‮ ‬الأخيرة‮ ‬لحملات‮ ‬تشهير‮ ‬وتنكيل‮ ‬بشخصيته‮ ‬الطاهرة؟
لماذا تركنا اللقب الجميل الذي ارتضاه لنا الله منذ سيدنا إبراهيم وهو “الإسلام” ورحنا نخترع ألقابا ما أنزل الله بها من سلطان من شيعة وسنة وصوفية وسلفية وإخوانية وإباضية، ولم تتوقف “الألقاب” عند “اللقب” فقط، بل أصبحت أحزابا ودولا تفرق الأمة ولا توحدها، فتاريخنا‮ ‬مرتبط‮ ‬بالفتنة‮ ‬الكبرى‭ ‬وحادثة‮ ‬السقيفة‮ ‬ومعارك‮ ‬صفين‮ ‬والجمل،‮ ‬وتراجمنا‮ ‬تحلل‮ ‬شخصية‮ ‬ابن‮ ‬العربي‮ ‬وجعفر‮ ‬الصادق‮ ‬وابن‮ ‬تيمية‮ ‬والمودودي‮ ‬وحسن‮ ‬البنا‮ ‬وحتى‭ ‬من‮ ‬هم‮ ‬على‮ ‬قيد‮ ‬الحياة‭..‬
لا شيء نتقنه سوى فن الكلام، وليته كلاما طيبا، بل حولنا ألسنتنا وأقلامنا إلى سياط تجلد تاريخنا ورجالاتنا حتى في أدعيتنا نلعن غيرنا أكثر مما ندعو لأنفسنا.
النكتة تقول أن ليلة القدر أطلت على أمريكي وفرنسي وسنغالي وعربي، فتمنى الأمريكي مزيدا من التحضر والتقدم وتمنى الفرنسي اللحاق بالركب الأمريكي، بينما اختار السنغالي المسلم القشور فتمنى أن يمنحه الله بشرة بيضاء حتى يتشبه شكلا بالأمريكي وبالفرنسي وعندما حان دور العربي تمنى أن يعيد الله السنغالي إلى لون بشرته السوداء!!
طبعا‮ ‬النكتة‮ ‬من‮ ‬صميم‮ ‬ما‮ ‬نعيشه،‮ ‬فحياتنا‮ ‬كلها‮ ‬نكت‮ ‬وحتى‭ ‬العنوان‮ ‬المناسب‮ ‬لواقعنا‮ ‬ليس‮ ‬لماذا‮ ‬يتأخر‮ ‬المسلمون‮ ‬ولكن‮ ‬لماذا‮ ‬يصر‮ ‬المسلمون‮ ‬على‭ ‬أن‮ ‬يبقوا‮ ‬متأخرين؟‮!‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!