-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الافتتاحية: عذرا.. مالك

الشروق أونلاين
  • 1874
  • 0
الافتتاحية: عذرا.. مالك

عبد الناصر

نعترف أمام الله الواحد وأمام البشرية جمعاء أننا قتلناك يا مالك وأنت بين ظهرانينا عندما كنت تفكر وحدك وتقدم لنا الظاهرة القرآنية والحضارة في طبق من حب، وقتلناك بعد رحيلك بما حدث لكتبك ولأفكارك وحتى لمسكنك الذي حوّلناه إلى متحف… للقذارة.هل يعقل أن نفعل بمالك بن نبي كل هذا وهو الذي عاش لأجلنا، ومازال برغم مرور ثلث قرن عن وفاته أحد أكبر أعلام التاريخ الإسلامي تقام على موائد أفكاره المؤتمرات في بيروت والقاهرة ودمشق وطهران وإسلام أباد… وليس عندنا. كيف نطلب من فرنسا الاعتذار عن جرائم اقترفتها في حق شعبنا وتاريخنا ونحن نرتكب مثل هذه الجرائم في حق أنفسنا بطريقة مازوشية نجلد فيها أنفسنا مئات الجلدات من دون أن تأخذنا بذاتنا رأفة… نرجم أنفسنا ونكبّ وجوهنا في النار… لا عذر يمكننا أن نقدمه للعالم وللأجيال القادمة عن جريمة تبسة عندما أصبح مسكن أطيب مفكر في العالم وكرا لأقدم مهنة في التاريخ ومخزن لأم الخبائث والمخدرات…

ما أصعب أن تتجرع السم الذي عصرته يداك.. عذرا مالك… ما عاد مسموح لنا أن نمس بأيدينا كتبك التي لا يمسها إلا المطهرون.. عذرا مالك.. ماعدا مسموح لنا أن ننظر بأعيننا إلى آثارك التي منها انفجرت عبقريتك. عذرا مالك ما عاد مسموح لنا أن نقول إننا منك وأنك منا” عذرا مالك إننا أصغر منك إلى حد اللاشيء” هل يمكن أن نبقى عاصمة للثقافة العربية ونحلب من أثداء حاسي مسعود 300 مليار ونطلب المزيد لتبييض صورة الثقافة عندنا ومنزل مالك يخرج من خارطة الثقافة بدل أن يكون قلبها النابض؟…

هل يمكن أن نحلم بمنافسة جيراننا في السياحة ونملأ دنيانا بالمعالم والآثار ومتحف مالك يُقصف بهذا الشكل؟ هل يمكن أن نتحدث عن المصالحة مع الحضارة ومع الذات ونحن نندب بأظافرنا الهيكل العظي لوجه مالك؟ هل يمكن أن نقول إننا نمتلك مديريات ثقافة ومديريات سياحة وتراث وتاريخ ولا أحد صفع وجهه، وصفع وجوهنا باستقالة غضب عما اقترفناه في حق أكبر مفكر إسلامي في العصر الحديث؟ هل يمكن إيجاد قطرة أو ذرة عذر وقد رسمنا صورة تاتارية جديدة لكنز أغلى من كنوز بغداد..

قديما قيل “لا نبيّ في أرضه”… وصراحة نقولها الآن: “لا مالك بن نبي في أرضه”..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!