-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تاريخ حافل ومعالم لا تمحى

البايلك.. من التيطري والشرق إلى دار السلطان

فاروق كداش
  • 11224
  • 0
البايلك.. من التيطري والشرق إلى دار السلطان

كانت الأيالة العثمانية في الجزائر، في عهد البايات، تنقسم إلى بايلكات جهوية، هي الوسط التي تعرف بدار السلطان، وبايلك التيطري في نواحي المدية، وبايلك الغرب وعاصمتها وهران، وبايلك الشرق وعاصمتها قسنطينة. الشروق العربي، تسلط الضوء على فترة من فترات التاريخ الجزائري، الغنية بالأحداث والصراعات وبالمقاومات.

“البايلك” مصطلح تركي قديم، أخذه الأتراك عن المغول والسلاجقة، وأول من تولى إمارة البايلك عند الأتراك هو عثمان بن أرطغرل، مؤسس الدولة العثمانية، وذلك سنة 1280م.

وقد اعتمد العثمانيون مصطلح “البايلك” كلقب لحاكم الولاية أو المقاطعة، واشتقت منه لفظة بيكلربك، التي تعني أمير الأمراء، وهي الرتبة الثانية من رتب الباشوية، وتلفظ بيلربي، لأن الكاف الفارسية تنطق ياء.

ومصطلح البايلك في الجزائر، يقصد به حكومة الباي وإدارته، وتعني أيضاً كل ما هو عمومي وملْك للجميع، فيقال طريق البايلك وأرض البايلك وخدام عند البايلك، أي موظف عمومي، ودراهم البايلك، أي الأموال العمومية.

دار السلطان.. عاصمة البايلكات

دار السلطان، هي أهم بايلكات أيالة الجزائر، وعاصمتها التي يقيم بها الداي، وتمتد دار السلطان على محيط مدينة الجزائر، وتمتد من مدينة شرشال غرباً حتى دلس شرقاً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً حتى حدود بايلك التيطري جنوباً.

دار السلطان، هي مقاطعة إدارية جزائرية، كانت توضع مباشرة تحت سلطة الداي، حيث كان يديرها نيابة عنه آغا العرب، الذي هو وزير في الحكومة أو الديوان الصغير ثم مجلس القوات ثم مجلس الحكومة، يعاونه في مهامه أربعة موظفين، يطلق عليهم مصطلح قياد.

وكان للداي في مدينة الجزائر مجلس وزراء، لا يتخذ الباشا أمرا دون استشارته، وأخذ رأيه، ويتألف من ستة أشخاص، وهم خوجة الخيل أو وزير الحرب، ووكيل الحرج أو وزير البحرية والتموين، والخزناجي أو وزير المالية، والآغا وهو القائد العام للقوات البرية، والقبودان رايس وهو القائد العام لجنود البحر، وأخيرا، رئيس الديوان الذي كان يعرف باسم “الباش كاتب”.

بايلك التيطري.. البايلك المجهول

بايلك التيطري، هو أحد بايلكات أيالة الجزائر الأربعة، وعاصمته مدينة المدية، ويعتبر أصغر البايلكات وأكثرها ارتباطا بالسلطة المركزية. لهذا، وضع بجانب الباي قاض يتصل مباشرة بالجزائر.

قام حسن باشا بن خير الدين بإنشاء بايلك التيطري، عام 1546 م، وكانت حدوده من الجنوب ببوغزول ووادي سيباو ويسر من الشمال.. هذه الحدود، امتدت أكثر عام 1727، حتى الأغواط جنوبا. بعد عدة انتفاضات لسكان الجنوب، قام باشا الجزائر بتنظيم إداري وعسكري جديد، ففي عام 1775 م، تم تثبيت مركز بايلك التيطري بالمدية، وكان مقر الحكم بقصر الباي.

بايلك الشرق.. تاريخ من الصمود

بايلك الشرق، هو أكبر بايلكات أيالة الجزائر مساحة وسكانا، عاصمته قسنطينة، يمتد جغرافيا من الحدود التونسية شرقاً إلى بلاد القبائل غرباً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوباً، يضم عدة مدن استراتيجية، مثل سطيف وقالمة وإمارة كوكو، بالإضافة إلى مدن ساحلية كبيرة وموانئ، كعنابة والقل وجيجل وبجاية.

دخل بايلك الشرق تحت الحكم العثماني إثر واقعة القطن، بين ميلة وقسنطينة، وقد دخل العثمانيين قسنطينة سنة 1555م، ولكن لا يعلم صفة ذلك وكيفية أو نوعية الفتح.

كان يحكم بايلك الشرق من عاصمته قسنطينة باي، يعينه داي الجزائر، وأولهم رمضان تشولاك باي، ليتعاقب بعده ثلاثة وأربعون بايا، أشهرهم صالح باي وحسين باي بن صالح باي وعلي باي بن بابا علي وأحمد باي بن عبد الله المملوك وإبراهيم باي القرتلي ومحمد محمدي باي بن خان.

قياسا ببقية البايلكات، تميز بايلك الشرق بقلة النفوذ العثماني. بعد سقوط مدينة الجزائر، وإبرام معاهدة تافنة مع الأمير عبد القادر، ركز الفرنسيون جهودهم لاحتلال بايلك الشرق (قسنطينة)، الذي كان يحكمه أحمد باي بن محمد الشريف، وحدث ذلك بعد معركة قسنطينة الثانية، سنة 1837م.

بايلك الغرب.. باب الثغر الجماني

لقد تميز بايلك الغرب في القطر الجزائري، على اختلاف تداول عواصمه، من مازونة إلى مستغانم ثم معسكر، فوهران، على بقية الباياليك الأخرى، بكونه أرض جهاد دائم قرابة ثلاثة قرون، فالخطر الإسباني من جهة، وتمرد القبائل على السلطة العثمانية أو المتحالفة مع الإسبان من جهة أخرى. لذا، كان النظام ببايلك الغرب نظاما عسكريا أكثر منه سياسيا، فما من باي أو داي يتعين في الغرب الجزائري، إلا ويكون شعاره تحرير الثغر الجماني (وهران والمرسى الكبير) من الاحتلال الإسباني.

بايلك الغرب، يمتد جغرافيا من الحدود المغربية غرباً إلى حدود بايلك التيطري ودار السلطان شرقا، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوبا، عاصمته تنقلت بين أربع مدن على التوالي مازونة، معسكر، مستغانم ثم وهران.

حكم بايلك الغرب طيلة نحو 270 سنة بايات توالوا من بو خديجة بمازونة حتى آخرهم حسن باي بوهران، مروراً بمصطفى بن يوسف الذي حكم من كل من معسكر ومستغانم ووهران.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!