الرأي

البطولة الجزائرية ومونديال البرازيل

ياسين معلومي
  • 2029
  • 5

لا يختلف اثنان، أن الانتصار الذي حققه المنتخب الجزائري في اللقاء الحاسم والفاصل أمام منتخب بوركينا فاسو، ورغم صعوبته إلا أنه سيبقي راسخا في أذهان كل الجزائريين والعرب لسنوات، لأنه أدخل فرحة لا توصف إلى قلوب عشاق الكرة المستديرة.

طبعا، الفوز والتأهل لم يكن سهلا، فلولا إرادة اللاعبين والجمهور والاتحادية، والدولة، لما كان رفقاء القائد مجيد بوقرة اليوم في المونديال. ويكتفي الجميع بمشاهدة اللقاءات أمام شاشة التلفاز، لكن إرادة الله جعلت بلد المليون ونصف المليون شهيد يمثل أشقاءه العرب في البرازيل، فلا تونس ولا مصر ولا الأردن، ورغم وصولهم إلى آخر محطة للتأهل، إلا أنهم ودعوا المنافسة بشرف، وهم مجبرون مع كل بلدان المعمورة على الانتظار أربع سنوات أخرى آملين في المشاركة في مونديال روسيا.

جميل أن نفرح بهذا الإنجاز، الذي أخرجنا لأيام من الركود الذي نعيشه، والمشاكل اليومية التي نتخبط فيها، وزرع فينا الحيوية والنشاط ربما لأسابيع وشهور، وجعلنا نفتخر بالانتماء إلى هذا البلد، الذي أصبحنا نشاهد فيه الراية الوطنية يوميا وفي كل مكان، فوق العمارات، على شرفات المنازل، في السيارات والحافلات والشاحنات، وفي شاشات التلفزيون والجرائد. وأصبحنا نتذكر الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أن نعيش اليوم بكرامتنا، في عالم فقدنا فيه عاداتنا وتقاليدنا وحتى مبادئنا.. لقد أعطى تأهل الجزائر إلى مونديال البرازيل صورة إيجابية عن الجزائر في شتى أنحاء العالم. وأصبح الجميع يحسب  ألف حساب لمنتخبنا الوطني المشكل من لاعبين ينشط أغلبهم في مختلف البطولات الاحترافية في أوروبا… بحث عنهم الرئيس روراوة وطاقمه مطولا في مختلف البطولات الأوروبية، بعدما عجزت بطولة محفوظ قرباج عن تزويد منتخباتنا الوطنية بلاعبين لهم القدرة على اللعب في المستوى العالي.

نعم، الجزائر ستلعب المونديال للمرة الثانية على التوالي، لكن ماذا قدمت بطولتنا الوطنية المحترفة، التي تمنحها الدولة أموالا طائلة، للفريق الوطني ما عدا “كمشة” من اللاعبين؟ ببساطة، الأندية الجزائرية التي كانت في السابق خزانا لكل المنتخبات الوطنية، تراجع مستواها ونزل إلى الحضيض، وأصبح “حكامها ومسؤولوها” لا يهتمون لا بالتكوين ولا ببناء المراكز التكوينية، بل يفضلون مصالحهم الخاصة، ومنح مبالغ خيالية للاعبين لا يحسنون حتى تمرير الكرة، أو خلق فرجة للأنصار. لقد عجزنا عن إيجاد مدافع أيمن للخضر، في وقت كان هذا المنصب بالذات يتنافس عليه أكثر من عشرة لاعبين في سنة واحدة.. كل هذه الاعتبارات وأخرى جعلت الأنصار ومتتبعي الكرة يكتفون بمشاهدة مباريات البارصا والريال والبايرن ومختلف البطولات الأوروبية والعالمية على شاشة التلفاز، وترك الاحتراف والانحراف في بطولتنا لأصحاب القرار، ربما يجدون لها يوما حلولا تعود بالفائدة على المنتخبات الوطنية التي تمثل الجزائر في مختلف المنافسات القارية والدولية.

رغم أني كنت اختلف مع أصحاب قرار جلب لاعبين جزائريين من الخارج، إلا أني أتقبل اليوم الأمر بصدر رحب، لأن بطولتنا لا تنتج لا لاعبين، ولا مدربين ولا حتى مسيرين لهم القدرة أن يؤهلوا الجزائر إلى المونديال… البطولة التي أنجبت بلومي، ماجر، عصاد، مرزقان وآخرين، أصبحت عقيمة في السنوات الأخيرة.. علينا أن نتقبل ما قاله رئيس الاتحاد الجزائري الأسبق المرحوم عمر كزال منذ أكثر من عشرين سنة، بعد تتويجه بكأس إفريقيا الوحيدة في تاريخ الجزائر: “أخاف أن يكون هذا التتويج الأخير للمنتخب الجزائري، لان الأندية أصبحت لا تعمل، ولا تنتج”… وهو ما وصلنا إليه اليوم، وأجبر

 

هيئة روراوة على البحث عن لاعبين من الخارج… والبحث سيتواصل لسنوات أخرى بعدما عجز الجميع عن إيجاد أحد عشر لاعبا محليا يتقمصون الألوان الوطنية في المنافسات الدولية..

مقالات ذات صلة