-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قصص تروى بعد عشرين سنة:

التحرش في الطفولة… جريمة لا تسقط بالتقادم

فاروق كداش
  • 2166
  • 0
التحرش في الطفولة… جريمة لا تسقط بالتقادم
أرشيف

قصص لا يرويها أصحابها إلا في لا وعيهم، يناجون الذاكرة كي تنسيهم تفاصيلها، يحلمون بيوم تمحى ذكرياتهم بكبسة زر.. ويستيقظون ورحيق الألم لا يزول والذكرى لا تمحى… الشروق العربي تزور ذاكرة رجال ونساء أنهتكم قصص التحرش في طفولتهم فصاروا أطيافا لماض لا يزال يلاحقهم.

لن نذكر أسماء أصحاب هذه القصص والذكريات اللعينة كي لا نحيي الجرح مرتين، من أولى قصص التحرش التي روتها سيدة هي الآن في الثلاثين عما جرى لها في سن السادسة، فقد أرسلتها أمها عند دكان البقالة، وأغواها البقال ببعض الحلوى كي يستفرد بها.. ولحسن الحظ نادتها أمها حين شرع في التحرش بها فهرولت إليها، لم تحك هذه السيدة هذه القصة إلا أنها تركت لديها ندوبا نفسية كثيرة وتشعر بعقدة النقص، إلا أنها تحررت من هذا العبء حين حكت لزوجها هذه القصة التي لا تذكر إلا بعض تفاصيلها.

حواء أخرى تذكر أن معلمها في الابتدائية كان يتحرش بها في القسم ويرسل إليها رسائل في كراسها، وغير هذا من العته الإنساني في كل بشاعته، وحاول الاختلاء بها في القسم بعد أن يخرج الجميع ويطلب منها البقاء، ولكنها رغم صغر سنها كانت ذكية بما فيه كفاية لتخبر أمها، التي ارتأت أن تواجه الأستاذ بجرمه دون الإبلاغ عنه… لم يتعد اللوم كلاما فقط، غير أن ابنتها لاتزال تذكر أن أمها لم تنصرها على هذا المعلم الحقير.

فيروس أخطر من كورونا

مصدومة أخرى تروي جرحا عمره عشرون سنة، والمتحرش ليس إلا خالها الذي كان من المفروض أن يكون بمثابة والدها، غير أنه اختار لنفسه لقب وحش، لن نحكي التفاصيل لكن هذه الضحية لم تنس ما حدث لها ولكن التحرش لازمها مرة أخرى من صديق أخيها بعدها بثلاث سنوات… كان تحرشا لفظيا إلا أن وقعه كان بمثابة رصاصة أخرى في نعش عفتها… ومضت السنوات ولم تعد تثق هذه المسكينة بأحد… وكتبت عبارة تنفّس بها عن آلامها: “المتحرش بالأطفال أخطر من كل فيروسات العالم مجتمعة”.

في شهادة مكتومة منذ ثلاثة عقود، تقول سيدة إنها تعرضت للتحرش من طرف أخيها، وتضيف: “لقد أصابتني عقد نفسية من جراء هذه الحادثة، حين أرى أخا يضحك مع أخته أتوجس خيفة، بقيت مدة طويلة أترقب باب غرفتي رغم أنني أقفله بإحكام”.

الجار قبل العار

كثيرة هي قصص التحرش التي يتعرض لها الأطفال مع الجار، كقصة سيدة تروي تحرش جارها بها، وهي في عمر العاشرة، وقد كان هذا الجار المكبوت، المتزوج حديثا، يحتضنها رغم مقاومتها… قد تقولون: وما الخطب في ذلك؟ قد يكون هذا نصف اعتراف فقط وما خفي أعظم.

تصف الكثير من هذه السيدات هذا التحرش على أنه ملامسات فقط، أما وقعه في النفس فأكبر مما قد تتصورون، تصفه ناجية بأنه أشبه بحرق جسد بالنار، وتوجه أخرى تحذيرا إلى الأولياء بضرورة مراقبة أطفالهم مراقبة لصيقة، وأن يمنحن نصف ثقة للمحيط، فأحيانا الأقربون هم ذئاب متنكرون بزي الحملان.

ويتفق الكثير من الضحايا على أنه تم التحرش بهم في غفلة من والديهم تحت التهديد أو الإغراء، مع عدم توعيتهم بذلك، وقد تكرر الأمر معهم عدة مرات. أخطر ما في الأمر، أنهم كانوا غير واعين بما حدث لهم، واستمر عذابهم دون أن يكتشفه أحد ممن حولهم. وهناك الكثير من الرجال ممن أحجموا عن سرد ما حدث لهم وما يعانونه اليوم من اضطرابات نفسية وميولات شاذة جراء تحرش أولاد أكبر منهم أو من رجال ناضجين.

ولكن أكبر مشكلة نفسية تسيطر على هؤلاء حين يكبرون هي الشعور بالذنب وتأنيب النفس على عدم المقاومة والتستر وعدم الإبلاغ عن المتحرش، خاصة أن أكثرهم لا يحاسبون، أما العواقب فوخيمة جدا، منها عدم الثقة في النفس واضطرابات الشخصية والاكتئاب وغيرها.

رسالة إلى متحرش

أنت الذي تقرأ هذه السطور، فتتهم المرأة بأنها سبب التحرش، وأنها تستحق ما يصيبها، وأنت من يتخفى في صورة أب أو أخ أو جار أو صديق، ألا تستحي من فعلتك هذه؟ ألا يقض مضجعك ما اقترفت يداك…؟ أنت من لطخ بلمسة شيطانية أحلام طفل بريء، ستسقط في صراط الحق وتهوي في سحيق شرورك.. لا تقلق فللعدالة الإلهية وجوه أخرى ماعدا الفضيحة والسجن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!