الشروق العربي
بغية التفريق بين الزوجين

“التخبيب” الإلكتروني قنبلة موقوتة تهدم بيوتنا !

الشروق أونلاين
  • 56331
  • 13

يسعى بعض الأشخاص والذين أسماهم النبي صلى الله عليه وسلم ب”المخببين” وحذرنا منهم، إلى اقتحام العلاقات الزوجية وزرع النميمة والحقد بين الزوجين وافتعال الخلافات والمشاكل بينهما بغية تفريقهما، لتتحول بذلك حياتهما الى جحيم دائم وصراخ وشجارات غير منتهية تصل أحيانا لحد الطلاق وهدم دعائم عائلة كانت تعيش في سعادة وهدوء دائمين.

يسلك “المخببون” أو المفسدون الذين يحشرون أنفسهم في العلاقات الزوجية العديد من الوسائل لإدراك هدفهم الوحيد وهو التفريق بين زوجين متحابين ونشر العداوة والبغضاء بينهما، لمختلف السبل ويعمدون لاستعمال مختلف الوسائل ومع تطور العصر أصبحت التكنولوجيا طرفا في “التخبيب” وافتعال هذه الخلافات والنزاعات والتحريض على إفساد العلاقات الزوجية، ففي داخل المنتديات وعلى شبكات التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، “تويتر” يرتدي العديد من الأشخاص ثوب الناصح المحب للخير ليقدم نصائح هدامة تقضي على الحياة الزوجية وتفرق بينهم.

عشرات القصص والمنشورات التي تروي فيها صاحباتها قصصهن ومشاكلهن الشخصية بحثا عن المشورة والإعانة في كيفية تجاوز هذه الخلافات، غير أن بعض التعليقات والنصائح سواء من الأصدقاء الحقيقيين أو الافتراضيين قد تدفع صاحبتها لاتخاذ القرار الغير مناسب.

ومن بين الحكايات قصة سيدة شابة منشورة في صفحة “فايسبوكية” مخصصة للملابس النسوية وتصديرة العرائس، تقول فيها: أبلغ من العمر 27 سنة، متزوجة منذ 5 سنوات، أم لطفلين، كنت أعمل في إحدى الشركات الوطنية غير أنني بعد ولادة ابني الثاني استفدت من عطلة أمومة لمدة ثلاثة أشهر ثم 3 أشهر أخرى بدون راتب، وعندما أردت العودة للعمل رفض زوجي وطلب مني البقاء في البيت لتربية أبنائي وهو ما لم نتفق عليه مسبقا، فقد كان دائما يحثني ويشجعني على العمل وقد تغير مؤخرا واعتبر الأمر محسوم، فكيف أتصرف؟ لتأتي التعليقات معظمها تحريضية فمن المعلقات من تطلب منها الطلاق والبدء من جديد، فعملها أهم بكثير من الزواج فالزوج سيتغير لا محالة وقد يتخلى عنها في يوم من الأيام، لكن العمل هو ضمانها وسلاحها في المستقبل. أما أخرى فأشارت عليها بالتمسك بعملها وخروجها إليه حتى وان رفض زوجها ذلك فلا يجوز له أن يصادر حقها في العمل … وقد ذهبت إحداهن أبعد من هذا بقولها أن العمل هو وحده سلاح المرأة أما الأمومة والمنزل فهي حياة روتينية تناسب السيدات البدائيات.

وفي رسالة أخرى، تسرد سيدة مشكلتها مع زوجها والذي تعتقد أنه يخونها مع زميلته في العمل، فهذه الأخيرة تتصل به أثناء تواجده بالبيت وقد وجدت رسائل قصيرة بينهما، كما خببت لها موظفة أخرى تعمل معهما أنه اعتاد على توصيلها إلى مسكنها بعد انتهاء العمل، وهي محتارة جدا في مواجهته بخيانته والأدلة القاطعة التي بحوزتها أم تصمت على خيانته وتلتفت لأبنائها فقط. وهنا انطلقت سيول المعلقات المخببات واللواتي اعتبرن سكوتها على خيانته اهانة لها ولكرامتها كامرأة، ومن الضروري جدا أن تطلب الطلاق فيستحيل العيش لجانب زوج خائن. وهناك من هاجمنها ووصفن صمتها ضعفا منها وحرصها في الحفاظ على بيتها الزوجي خوف وجبن، طالبات منها فضح الزوج الخائن في وسطه العائلي حتى لا يكرر فعلته. فبمجرد قراءة هذه التعليقات ستمتلئ المرأة حقد وتستشيط غيضا، والمؤكد أنها لن تتخذ القرار المناسب حتى تتمكن من التغلب على هذه المشكلة التي قد تزلزل عرش الزوجية.

ولعل بعض السيدات أدركن متأخرات أنهن جنين بأيديهن على أنفسهن وتسببن في إفلات سعادتهن بعد أن أصغين لمن يطلقن على أنفسهن صفة الصديقات وهن في الحقيقة ألذ الأعداء، تروي لنا “صبيحة” حكاية انفصالها عن زوجها بعد قصة حب جمعتهما لمدة 5 سنوات كللت بالزواج، وأنجبوا خلالها طفلين وبنت، وكانت حياتهما هادئة لا يشوبها خلاف أو نزاع إلى أن بدأت جارتها تتقرب منها وتستفسر عن أدق تفاصيل حياتهما الزوجية، وبمرور الوقت بدأت تطمئن لها وتقص عليها كل شئ فأصبحت تحرضها على زوجها وتتهمه بالبخل والتقتير، وتخبرها بأنه يصرف أمواله على عشيقاته بينما يحرمها وأبنائها من ضروريات العيش، وهي الفكرة التي صدقتها فبدأت نيران الغيرة والحقد تدمي قلب الزوجة ليختفي الحب الكبير وتحل محله المشاكل إلى أن انفصلا، وبعد الطلاق وعودة “صبيحة” لمنزل والديها اكتشفت أن الجارة المخببة كان هدفها فقط إفساد حياتها وهي معتادة على فعل ذلك مع الجيران ودافعها الحقد والغيرة فقط لا غير، فندمت في وقت لا ينفع الندم.

ومهما اختلفت الوسيلة المعتمدة في التخبيب سواء كانت الكترونية أو مباشرة الا أنها صفة ذميمة يجب التخلي عنها، لكون الإفساد بين الزوجين منكر ومعصية يلبسها الحاقد لباس النصيحة، وقد ورد حديث للرسول صلى الله عليه وسلم “ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده” رواه الإمام أحمد وابن حبان وصححه الألباني. وقد ذهب جمهور العلماء لتحريم هذا الفعل خاصة إذا اقترنت هذه النصيحة بطلب الطلاق وهو أبغض الحلال عند الله، فزرع النميمة والخلافات بين الزوجين هي أفضل وظيفة يقوم بها الشيطان، لقوله صلى الله عليه وسلم :” إن الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عند منزله أعظم عنده فتنة يجيء أحدهم فيقول مازلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا فيقول إبليس لا والله ما صنعت شيئا ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال فيقربه ويدنيه “ويلتزمه” ويقول نعم أنت ” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة