-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التدويخ قبل الذبح..

الشروق أونلاين
  • 3554
  • 5
التدويخ قبل الذبح..

هرولتنا نحو اقتحام منظمة التجارة العالمية مهما كان الثمن، ومفاوضاتنا المراطونية معها، لن تسمح لنا في آخر المطاف من فرض شروطنا. الشروط مرسومة ومفروضة حتى ولو تظاهرنا بالتلاعب بالمفردات والتقنيات هنا وهناك فيما يتعلق بحرية الحركة التجارية والتعريفة الجمركية وتحليل الحرام. آخر ما سنقبل عليه بعد “إعلان وقف إطلاق النار” في 19 مارس 2015، هي شروط الذبح عندنا! فالشروط لن تكون كما وردت في الكتاب والسنة. من الآن فصاعدا، السنة العالمية هي أن لا تذبح الحيوانات والدواجن وهي “في كامل قواها العقلية والبدنية”! فهذا مخالف للشريعة الأمريكية الأوروبية والعالم المتحضر الذي لا يذبح! بل “يصرع” البهيمة. الذبح مخيف وفضيع، أما “ضربة بالماصيطا” للرأس، فلا ضرر في ذلك، لأن الصرع يفقد التوازن والإحساس والشعور بالألم.

الجزائر في مفاوضاتها مع المنظمة العالمية للتجارة، وجدت صيغة تدوخ العقل! عمارة بن يونس، وزير التجارة في 23 جويلية المنصرم، كان قد قال أن قرار الوزارة  المتمثل في “تدويخ” الأنعام والدواجن، لا يعني “الصرع”. التدويخ عملية تسبق الذبح. ولا فرق بين فتواه وفتوى وزارة الشؤون الدينية التي تحرم الصرع وتحلل الذبح. بن عمارة قال أنه يجب أن نفرق بين المفاهيم والمصطلحات: فنحن سندوخ البهيمة أو الدجاج قبل ذبحه، وليس معناه أن نصرع ونأكله بدون ذبح! وهي فتوى تجارية وسيطة بين إباحة الصرع ومنع الذبح من جهة، وتحريم الذبح وتحليل الصرع من جهة أخرى. والمعادلة أفرزت تسمية جديدة وسطية اسمها “التدويخ قبل الذبح”. وهذا معناه، أن كل ما قمنا به إسلاميا منذ 14 قرنا، كان خارج الشرع الإنساني المتحضر، وكنا أفظاظا غلاظا شدادا قساة القلب، لا شفقة ولا رحمة مع الحيوان، لأننا كنا ولا زلنا نذبح بدون شعور بالذنب ولا إحساس بحقوق الحيوان التي تتغني بها الشيخة “باردو”، برَد الله الماء في قلبها حتى يجمد!

نمت لأجد نفسي مكلفا بتدويخ الناس قبل تدويخ الذبائح. قلت لهم: ما تدوخوني ما ندوخكم. الكبش والدجاج والثور والجمل وحتى الحصان وحتى الكلب لمن يأكل لحمه أو الخنزير، علينا أن نسمي الله عليه من خلال آلة تسجيل تبث تكبيرات متتالية عندما يتعلق الأمر بالدجاج لكثرته. مع كل شفرة آلية تمر على حلق الطائر، تقول الكاسيت “الله أكبر”. قبل ذلك، تكون الدجاجة قد أغطست رأسها في ماء مكهرب، فتصعق، فلا تشعر بالذبح. وهذا معمول به عندنا اليوم في المعامل الكبرى. في مجال البهائم، هناك تقنيات عربية وأوربية. ففي أمريكا: يدخل الثور واقفا على أربعة من هنا، ليخرج من هناك على بعد 500 متر، في شكل ساندويتش جاهز! إذ أن الثور على حجمه الضخم، ما إن يدخل غرفة واقفا على بساط يسير كهربيا، حتى تناوله أيادي ميكانيكية وسكاكين. وفي ثوان معدودة، تراه قد تحول إلى ركام من اللحم والعظام والجلود. تفرز العظام والشحوم والجلود، ويبقى اللحم. يذهب كل لما برمج الكمبيوتر له. حقوق حيوان محترمة جدا! لأن الكبش أو الثور لا يشعر بشيء! كل شيء يمشي بسرعة وفي ثوان يكون معلبا في علب! “ماكانش اللعب”! الوقت هو المؤلم وليس السكين أو الهراوة الحديدية التي كان يهوي بها الجزارون في الغرب على أم رأس الحيوان فيصرع قبل أن يبشش ويخلع ويمزق إربا إربا. هذه هي حقوق الحيوان المحترمة في الغرب وعلينا أن نحترمها نحن في الشرق وفي بلاد المغرب. فضيع أن تذبح كبشا أو دجاجة وهي ترى وتسمع. ثم أن تمرير السكين، ولو كان مسنونا بشكل يتجاوز حدة شفرة الحلاقة، إلا أن الذبح حرام!..حرام والله أن يسيل دم حيوان وهو لا يزال حيا! لهذا علينا أن “ندوخكم”..(حتى أنتم مشروع ذبائح في المستقبل! ندوخكم بالكلام هذا المعسول، المبني على العاطفة الزائفة، حتى يسهل علينا يوما ـ وقد شرعنا في ذلك منذ أمد ـ تمريركم إلى الباطوار وأنتم تضحكون، لأن التدويخة أعطت مفعولها. سندوخكم بكل الأشكال والألوان. بالأدوية المحشوة بمادة “التدويخ الجهازي المانع لردة الفعل”، وستكونون بعدها مواطنين صالحين لكل شيء: تقبلون ما نقول لكم، كما نقبل نحن ما يقال لنا).

تمكنت من ترديد هذه الأغنية على الناس لأشهر في وسائل “الإعدام الوثنية”، قبل أن يقتنعوا بأننا طيلة 14 قرنا، كنا على خطأ، وكنا قساة غلاظا، لا نحترم حقوق الحيوان ولا الإنسان، وأن الإسلام دين عنف وذبح وسفك دماء. وهذا الكلام وجدوه فيما بعد في كثير من أدبيات ونصوص بعض “الأدباء” الجزائريين الذين يبشرون بتعاليم الغرب ويدافعون عنه بالتعرض والتحريض على دينهم وملتهم جهارا نهارا، باسم الديمقراطية والعلمانية وحرية النشر والتعبير وحرية الإبداع و”قلة الأدب”، ويتنافسون في أيهم يقوم بهذا الدور السافل لنيل رضا المؤسسات الغربية اليهودية لعلها تجود عليهم بجوائز، ترفعهم إلى “الدرك الأسفل من النار”.


مع ذلك، بقي الكثير ممن لم تنطل عليه هذه “التدويخات”، فخرجوا للشارع بلحاهم وحجبهم ينددون ويتهجمون على التسامح الغربي وحرية العقيدة والأديان عندهم، مع حرية المثليين والمخنثين وعبدة الشيطان الميامين الذين يمثلون خيرة الناس في الكرم والعطاء إذ أنهم يهبون حتى زوجاتهم للغير في حفلات جماعية يحضرها المقربون من الجنسين. لا فرق بين الأجناس والجنس، لا فرق بين أنثى وذكر وبين زوج وزوجة، الكل مشاع. هذه هذه العدالة والديمقراطية التي تعني الحرية الفردية والجماعية بدون المساس بحرية الآخرين. فليفعل الآخرون ما يشاءون، لكن لا يلبسون اللحى ولا النقاب ولا البرقع ولا يتظاهرون بعنف لفظي: الله أكبر عنف لفظي. لهذا أخرجنا لهم الكلاب والجنازير والدخان والرصاص. سنطوقهم ولو أدى بنا الأمر إلى التضحية بأغلبهم. فالغرب معنا مادمنا نحن مع الغرب. والسيسي معنا ونحن معه في مصر كما في ليبيا..وإن غدا لناظره قريب..

وأفق: ليتني لم أفق!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • med

    j nai jamais connu un ministre au monde entier avec cette médiocre mentalité et mauvais caractère comme le notre il dit l importe quoi pr satisfaire ses chefs.

  • مواطن

    ‏"لما البلاد تخلو من الرجال يصبح مؤذنها يهودي"هذا ما حذرنا به مجتمعنا حين يترك الأمر لغير أهله.كنا نسمع ‏أو نعقل من تاريخ الأمم أن الوزير يختار من بين الحكماء الذين يفرقون بين الحق والباطل ويرفعون من شأن ‏مجتمعهم لكن الله أبلى الجزائر بجهلة متسلطين لا يفقهون ما يقولون فيتجرأون للتحدث في ميادين ليسوا أهلا ‏لها.لو اعتنى هذا المستوزر بما يتقن من السفسطة والتزوير وقلة الحياء لسكتنا عن افترائه لكنه يتطرق لميدان ‏يجهله ولم يكن يوما من ذويه.متى تعلم هذا البليد فقه الدين الإسلامي حتى يتقمص ثوب أسياده وحضارة من ‏استعبدوه ليتكلم باسمهم.ألم يتذكر

  • moi

    depuis essah-afa j'ai toujours apprécié votre style Mr Amar Yezli...JE VOUS RESPECTE BEAUCOUP.Ou est ce aue je peux trouver vos articles de Essah-afa.

  • الاسم

    تبيحون قتل البشر فهل سيؤلمكم ذبح حيوان .

  • zaid

    أبشر رؤياك هذه جاءت كفلق الصبح ، تحمل علي ظاهرها وليس لها تأويل آخر