التصريح الكاذب والفوترة والاحتكار وراء الندرة المزعومة
خلص تقرير لجنة التحقيق البرلمانية بالمجلس الشعبي الوطني حول أزمة الندرة والمضاربة بالمواد واسعة الاستهلاك إلى الكشف عن تجاوزات خطيرة مست أسواق الغذاء في الجزائر، وأحدثت خللا بين العرض والطلب خلال الأسابيع الأخيرة، ممثلة في التصريح الكاذب بحجم مخزون المواد الأساسية من طرف المنتجين الذين قدموا أرقاما خيالية حول وفرة الزيت والسكر والحليب، ونفور التجار من التعامل بنظام الفوترة وجهلهم بالقوانين إضافة لاحتكار الموزعين للمواد الأساسية.
اجتمع، الإثنين، أعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية والتجارة والتخطيط بالمجلس الشعبي الوطني، لإعداد التقرير النهائي الخاص بعمل لجنة التحقيق البرلمانية التي تتمحور حول قضية ندرة المواد واسعة الاستهلاك في السوق، وذلك تمهيدا لرفعها للجهات الوصية، وحسب مصادر “الشروق”، فقد تضمن التقرير النهائي الذي رفع لرئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، العديد من النقاط الحساسة التي تسببت حسب معدي التقرير في حدوث ندرة في السوق على رأسها قضية التصريح الكاذب بحجم المخزون من طرف المنتجين الذين يقدمون حسب المصدر ذاته، أرقاما خيالية لا تعكس الواقع، الأمر الذي حمله أعضاء لجنة التحقيق إلى مسؤولي الوزارات المعنية على غرار الصناعة والتجارة، ومن بين النقاط التي جاءت في التقرير، قضية نفور تجار الجملة والتجزئة من التعامل بنظام الفوترة بسبب جهلهم بالقوانين، حيث تم رصد حالات تهرب من المتاجرة بهذه المواد لأن هامش الربح – حسبهم – قليل رغم أن القوانين واضحة بهذا الشأن وتم تعديلها مؤخرا، من خلال صدور مراسيم ترفع من قيمة هامش الربح في مادة الزيت على سبيل المثال إلى 650 دينار لصفيحة 5 لترات، وهو الأمر الذي من شأنه أن يشجع التجار على المتاجرة بهذه المادة.
وحسب التقرير، فإن نقص التحسيس من قبل الوزارات المعنية في قضية التعامل بنظام الفوترة، قد تسبب في حدوث أزمة، حيث تم تسجيل حالات لتجار ليسوا على دراية بأن الفوترة تفرض فقط على القيمة المضافة ولا تفرض على السعر الإجمالي، الأمر الذي جعل التوزيع محتكرا فقط على الموزعين التابعين للمصانع، وهو ما يثير العديد من التساؤلات حسب معدي التقرير.
ومن بين النقاط التي تم تسجيلها، والتي وصفت في التقرير النهائي بالمبهمة قانون المضاربة الجديد الذي بقي مجهولا بالنسبة للتجار الذين أبدوا في- حديثهم- لأعضاء لجنة التحقيق تخوفهم من العقوبات المفروضة على المضاربين خاصة في حالة بقاء المنتوج مكدسا لدى التجار ما يضعهم في حرج ويجعل السلع حسب وصفهم معرضة للمضاربة، إضافة إلى قضية تعويض مصانع إنتاج الزيت الخام فغياب القوانين المحددة لتعويض هؤلاء حسب معدي التقرير جعل المجمعات في حرج ودفع البعض منهم لتصدير مادة الزيت الخام لدول الجوار بدل تحويلها للسوق المحلية.
للإشارة، فقد سبق لرئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الشعبي الوطني، اسماعيل قوادرية، أن أكد في تصريح لـ”الشروق” بأن التقرير النهائي جاء بعد إنهاء سلسلة زيارات ميدانية إلى وحدات الإنتاج والتوزيع الخاصة بزيت المائدة ومواد أخرى واسعة الاستهلاك في عدة ولايات منها أدرار، برج باجي مختار، ميلة، أم البواقي، وهران، معسكر وبجاية.
وأوضح المتحدث، أن أعضاء اللجنة من خلال الزيارات التفقدية للمصانع اطلعوا على ظروف الإنتاج وكميات التخزين وطريقة التوزيع وتواصلوا مع بائعي الجملة وتتبعوا سلسلة التوزيع وخلصوا إلى عدة نتائج تخص الأسباب التي تقف وراء الندرة وارتفاع الأسعار سواء الجهات المتدخلة في العملية أو العراقيل الناجمة عن القوانين المتحكمة فيها.