التعليم؟ العلم لله!
سياسة التعليم عندنا مستمدة من “سياسة التغبية”، “بالتي هي أحسن” التي تعني عندنا “بالتي هي أسوأ” كيف؟ (زطلة!)، فنحن لا نملك سياسة تربوية تعليمية بما يفيد أن نجعل من الطفل، تلميذا، مؤهلا لخوض غمار العمل على أسس مهنية وحرفية وهذا عبر مسارات التعليم، بدءاً من نهاية التعليم المتوسط.
في هذا العمر، يوجه الكثير من التلاميذ (35 في المائة) نحو التكوين المهني في مختلف المجالات لدعم اليد العاملة المؤهّلة، مرورا بالمرحلة الثانوية التي تنتهي بإنزال قطار النقل التربوي نحو 35 في المائة أيضا لخوض غمار تجربة الأطر التقنية السامية في كل المجالات من البناء إلى الفلاحة إلى النجارة إلى التجارة إلى الهندسة إلى مختلف المهن التقنية والحرفية.
بعدها يوجه 30 في المائة أو أقل نحو الجامعة لإتمام المسلك التكويني، بحثا عن تكوين إطارات عليا في كل المجالات: طبّ، هندسة، تعليم، فلاحة، تقنيات، علوم بمختلف أصنافها بما فيها العلوم الإنسانية، على أن يواصل نحو 10 في المائة الدراسات ما بعد التدرّج لتكوين المكونين وتطوير البحث العلمي في كل المجالات.
هذه السياسة غير موجودة وغير مخطط لها وغير مرغوب فيها عندنا.. لماذا؟ لأننا باختصار نريد أن نجعل من المسلك التعليمي التربوي مجرد “سلاك“، “معبر مروري“، رواق، نفق، “كولوار“، يمر به معظم التلاميذ من الابتدائي إلى الليسانس، ليتخرجوا كلهم! حتى الباك، نريد منه ألا يصبح عقبة، بل نريد ونعمل من أجل أن يحصل الجميع على الباك.. حتى بدون مستوى، وعلى الليسانس وحتى بدون مستوى والدكتوراه وبدون مستوى! المهم، أن نتخلص من مشاكل الأطفال والناشئة في الشارع ونلهيهم بالدراسة حتى يكبروا، فيبدون وكأنهم يتعلمون، ونبدو نحن كأننا ندرّسهم، وتبدو الدولة كأنها “تكوّن” (وهي فعلا “تكوّن” ذلك لأنها تنتج إطارات “مكوّنة“، لكن التكوين هنا مشتق من اللغة الفرنسية التي تعني“القنت“، الزاوية (coin le)! نحن نكوّن، نعم، ولكن من أجل أن يمسك المتخرج “كوان” في حيط ويصبح “حياطا” ماهرا متخصصا في التحياط!
هذه هي “سياسة التكوين” عندنا لهذا، لا يهم أن يدرس التلاميذ أو يضرب الأساتذة: الباك كاين كاين.. والطلبة ناجحين ناجحين.. أحب من كره وكره من أحب.. ويدز معهم الكل، فنحن، يقول القائمون على “سياسية التكوين“، لا نريد منكم لا أن تتعلموا ولا أن تصبحوا إطارات، لأننا لا نحتاجكم.. المال كثير والدوفيز وفير والنفط يسير، ونحن قادرون على “استوراد” ما نشاء، ولولا الحياء من الدول الأخرى، لأغلقنا المدارس والجامعات وحوّلناها إلى “كازيرنات” أو ملاعب أو بعناها للشركات الأجنبية للاستثمار في مجال استهلاك كل وسائل الهلاك!
وأفيق على صوت ابنتي تقول لي: خرجنا عطلة ماراناش نقراو! قلت لها: وعلاه كاش يوم قريتو؟