-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التغاضي وكتمان المشاعر.. هل هذا ما يحتاجه الأطفال داخل الأسرة؟

نسيبة علال
  • 700
  • 0
التغاضي وكتمان المشاعر.. هل هذا ما يحتاجه الأطفال داخل الأسرة؟

تنتهج النساء، في عصرنا هذا، مبدأ التحمل وكتمان المشاعر، سلبية كانت أم إيجابية، للإبقاء على زواجها والسماح له بالاستمرار، في ظل الارتفاع الرهيب الحاصل في قضايا الطلاق والانفصال. أسلوب، ربما يكون ناجعا لمواصلة زواج فاشل من أجل إنقاذ أطفال كثر من الانحراف والتشرد، بعد التفكك الأسري، رغم كل آثار هذا على نفسية المرأة وصحتها.

في ما مضى، كانت النساء يتحملن فقر الزوج أو خياناته المتكررة، ومعاملته السيئة، لأنهن غير متحررات ولا مقتدرات، أغلبهن لا يملكن مؤهلات تسمح لهن بالتطور والعمل لعيش حياة كريمة بمفردهن، أو مع أطفالهن.. ومع أن هذه المعايير الاجتماعية قد تغيرت، وأصبحت المرأة مثقفة واعية عاملة، وقادرة على تسيير حياتها ماديا ومعنويا، مع استغنائها التام عن ضرورة وجود رجل، إلا أن ظاهرة التحمل والسكوت عن الظلم والاضطهاد و”الحڨرة” لا تزال مستمرة، بل إنها اليوم في تزايد، بحسب ما تظهره إحصائيات ودراسات المختصين، حيث تشير الخبيرة في الشؤون الاجتماعية، الأستاذة مريم بركان، إلى أسباب ذلك، قائلة: “لابد من أن مصلحة الأطفال في الدرجة الأولى، وبعدها، يمكن القول إن المرأة اليوم أصبحت أكثر قوة وثقة بنفسها، وتعي جيدا قيمتها الفاعلة في الأسرة وفي المجتمع، وليست في حاجة ماسة، كما كانت في الماضي، إلى من يقدرها ويذكرها بذلك. لهذا، قلت أهمية الشريك الجاحد في الحياة الزوجية. وهي بعد كل هذا، تنتهج الصمت والتحمل وكتمان المشاعر، لتبقي على دوره الوحيد في نظرها، وهو كونه أبا”.. وتردف الأخصائية الأستاذة بركان، عن الأسباب متحدثة: “المرأة التي تغطي جميع حاجاتها المادية بنفسها، وتعرف كيف تغطي حاجتها إلى المشاعر الجميلة بالعادات الإيجابية والعلاقات النافعة والعطاء لمحيطها، باتت تعرف أيضا كيف تتجاوز بسهولة، محاولات الشريك لإهمالها والتقليل من شأنها”.

هكذا قابلت الوحدة والإهمال

بقصد أو من دونه، يهمل الكثير من الرجال الاهتمام بمشاعر زوجاتهم، ويؤدي بهم الانشغال الدائم بالعمل ومحاولة خلق مساحة خاصة لأنفسهم، إلى تناسي واجباتهم تجاه العائلة، خاصة إذا استمرت الزوجة في تجاهل ذلك، وعيش حياتها مع أطفالها وأقاربها وأصدقائها دون الالتفات إلى نمط عيش الطرف الآخر، وهما يتقسمان معا دفترا وبيتا عائليا وأطفالا.. هي حال السيدة نوال، خريجة كلية الإعلام، سيدة مثقفة في كامل جمالها وأناقتها على الدوام، ناجحة مهنيا، بحكم منصبها في الدبلوماسية الجزائرية، تزوجت طبيبا وأنجبت منه ثلاثة ذكور، تشتكي بعد 11 سنة زواجا من الإهمال والإهانة والوحدة: “أقابل ذلك بالسكوت والتجاهل.. ما يهمني، أنني أمضي في تطوير ذاتي يوميا، أقدم الرعاية النفسية الكاملة لأطفالي، وأقضي وقتي مع والدتي الوحيدة، أضطر إلى كتمان مشاعري وحاجتي إلى المشاركة الزوجية في الكثير من جوانب الحياة، حيث يكون زوجي مسافرا، أو معتكفا في عيادته لساعات متأخرة من الليل”.

التضحية بالعافية البدنية والنفسية من أجل الأبناء سلوك متخلف، والحوار مفك لتصليح العلاقات المتضررة بما أن السكوت والتغاضي أصبح نصيحة المرأة لنظيرتها، وسلوكا شائعا في العديد من العلاقات، يزداد انتشارا في المجتمع، مخلفا آفات اجتماعية خطيرة، وجب على الأخصائيين دق ناقوس الخطر، ومطالبة النساء بالسعي وراء الحصول على حقوقهن في الاهتمام والمرافقة من قبل الزوج، وعدم الإفراط في التغاضي عن التجاوزات التي تحدث داخل الأسرة، كالخيانة والإهمال والعزلة الطويلة.. فقد أثبتت الدراسات أنها الدافع الأول وراء العديد من الأمراض النفسية والعضوية، التي باتت تصيب النساء نتيجة تحملهن ما يفوق طاقتهن.. وقد زادت الدعوات مؤخرا إلى انتهاج الحوار والعتاب والعقاب، إن لزم الأمر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!