الجزائر
وصفته يومية "لوموند" بالسيناريو الأسود

التنسيق الجزائري الروسي في مالي يرعب الفرنسيين

محمد مسلم
  • 20729
  • 9

تكشف يوميات الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بين الجزائر وفرنسا منذ نحو ثلاثة أسابيع، بسبب التصريحات المستفزة من قبل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والقرارات غير المدروسة، أن الطرف الأكثر تضررا هو الجانب الفرنسي، الذي بات أمام سيناريو لم يكن متوقعا.

هذا السيناريو وصفته يومية “لوموند” بالأسود بالنسبة لفرنسا، هو صراع النفوذ بين الجزائر وباريس في المستعمرة الفرنسية السابقة والجارة الجنوبية للجزائر، مالي، التي باتت محط أنظار ثلاث دول، هي كل من الجزائر وروسيا وفرنسا.

وكتبت الصحيفة الفرنسية مقالا تحت عنوان: “بين الجزائر وفرنسا.. مصادر متعددة للخلاف”، جاء فيه: “خلف أزمة التأشيرات بين باريس والجزائر، والتي بدأت في نهاية سبتمبر، تراكمت العديد من الملفات الخلافية”. وأشارت “لوموند” إلى أن أحد الملفات التي تعرض العلاقات الثنائية إلى المزيد من التعقيدات، هو الملف المالي.

المشكلة بالنسبة لفرنسا، وفق ما كتبته “لوموند”، لم تعد في قرار السلطات الجزائرية منع الطيران الحربي الفرنسي من التحليق فوق الأجواء الجزائرية، بعد نحو ثماني سنوات من الترخيص “غير المشروط”، كما قال ذات مرة وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بل إن المشكلة تكمن في التنسيق الحاصل بين الجزائر وروسيا على حساب فرنسا، بخصوص الوضع في مالي.

وعلى الرغم من تأكيد الناطق باسم أركان الجيوش الفرنسية بأن قرار الجزائر بمنع الطائرات الحربية الفرنسية من التحليق في الأجزاء الجزائرية، لم يؤثر على حركة الطائرات العسكرية الفرنسية، إلا أن الصحيفة ونقلا عن مصادرها، أشارات إلى أن القرار الجزائري فاقم من صعوبات الجيش الفرنسي، لأن باريس لديها قوات عسكرية في مالي تناهز خمسة آلاف جندي، فيما يعرف بـ”عملية برخان”، التي قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تخفيض قواتها إلى النصف مع نهاية العام الحالي.

وكتبت الصحيفة الفرنسية: “إن القضية الأكثر حساسية بالنسبة لفرنسا اليوم تتعلق بدور الجزائر في مالي”، وأضافت: “يبدو أن الأزمة في مالي عنصر أساسي أدى إلى تفاقم الأزمة بسبب ميل واضح، من قبل الجانب الجزائري، لدعم سيناريو أسود بالنسبة لباريس، ألا وهو تعزيز دور روسيا في مالي”.

وكانت تقارير إعلامية فرنسية مقربة من مديرية حماية الإقليم (المخابرات الفرنسية) قد زعمت بأن الجزائر تكون قد ساهمت في تمويل العقد الذي يوجد قيد الدراسة بين الحكومة المالية من جهة والشركة الأمنية الروسية الخاصة “فاغنر” لتوفير الحراسة الأمنية للشخصيات الحكومية ومؤسسات الدولة في مالي، غير أن الطرف الجزائري سارع إلى تكذيب تلك التسريبات.

وتنظر الجزائر إلى منطقة شمال مالي على أنها امتداد للأمن القومي الجزائري بالنظر لوجودها في تماس مع حدودها الجنوبية، ولذلك سارعت منذ سيطرة المتمردين عليها في العام 2013، إلى لعب دور الوسيط الذي نجح في التوقيع على اتفاقيات عام 2015 بين باماكو والجماعات المسلحة، الذي لم يصمد كثيرا بسبب التدخلات الخارجية.

وتتهم الحكومة المالية نظيرتها الفرنسية بالسيطرة على مناطق في شمال شرقها ووضعها بين أيدي جماعات متشددة، ومنع الجيش المالي من دخولها، وهو التصريح الخطير الذي أدلى به رئيس وزراء مالي، شوجيل مايغا، للإذاعة الجزائرية في وقت سابق، الأمر الذي يعتبر انتهاكا للسيادة المالية، وتهديدا للأمن والاستقرار في جنوب الجزائر بالنظر للامتدادات الديموغرافية بين البلدين.

ويرى مراقبون أن التدخل الفرنسي في مالي، إنما جاء بهدف إفشال الحوار الذي رعته الجزائر، من خلال تركيزه على الحسم العسكري، في حين تشدد الجزائر على أن الحوار هو الحل الأنسب، تقول “لوموند” لتفادي تقسيم دولة مالي. وتضيف الصحيفة أن تدخل كل من الجزائر وموسكو من شأنه أن يفقد الضغوط الفرنسية على مالي.

مقالات ذات صلة