-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مؤرخ فرنسي يشرح خلفيات الصراع

الجزائر وفرنسا… حساب لم تتم تصفيته منذ الاستقلال

محمد مسلم
  • 7884
  • 0
الجزائر وفرنسا… حساب لم تتم تصفيته منذ الاستقلال

الاضطرابات التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية على كل لسان في المستعمرة السابقة، من السياسيين إلى الإعلاميين وحتى المؤرخين، ومن بينهم المؤرخ جون سيفيا، الذي عاد إلى تشريح واقع العلاقات الثنائية منذ الاستقلال وإلى غاية اليوم.

يعتقد جون سيفيا أن بناء العلاقات الجزائرية لم يكن على أسس متينة وسليمة منذ البدايات الأولى للاستقلال، فقد كانت المساومات السمة البارزة فيها، ولذلك يرى أن الأزمة التي تمر بها هذه العلاقات منتظرة وستستمر.

يقول المؤرخ في حوار (فيديو) خصّ به صحيفة “لوفيغارو”، الجمعة، إن “هناك حسابات بين الجزائر وفرنسا لم تتم تصفيتها تعود إلى البدايات الأولى للاستقلال”، الأمر الذي جعل التوتر يعود من حين على آخر بين الجزائر وباريس.

جون سيفيا: بوتفليقة هو من أشعل حرب الذاكرة

ويرى جون سيفيا أن بداية المساومات تعود إلى عام 1965، الذي شهد سيطرة الرئيس الراحل هواري بومدين على مقاليد الحكم، بعدما كان القائد الأول على المؤسسة العسكرية، ومن بعدها على البلاد برمتها. ويعتبر سيفيا أن بومدين لم يكن يعترف باتفاقيات إيفيان التي رسمت استقلال الجزائر، وهو ما جعله ينظر بعين عدم الرضا إلى بعض المسائل العالقة بين البلدين.

ومن منظور المؤرخ الفرنسي، فإنه منذ وصول الرئيس بومدين إلى سدة الحكم، مارست السلطات الجزائرية ضغوطات كبيرة على المستعمرة السابقة، وكان البعد الاقتصادي فيها هو الغالب، وتجسد ذلك من خلال الوصول إلى قرار تأميم المحروقات في العام 1971، والتي كانت في عمومها هي شركات بترولية فرنسية.

وإن تجاهل المؤرخ الفرنسي الحديث عن طبيعة العلاقات الثنائية خلال فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وبالأخص خلال عشرية الثمانينيات، نظرا للاستقرار الذي ميز هذه العلاقات، إلا أن المساومات عادت من جديد ومن جانب الجزائر، وفق المؤرخ، خلال عشرية التسعينيات بسبب الهجرة غير الشرعية، التي قال إن الجزائر وظفتها ضد فرنسا، لأنها كانت بحاجة ماسة إلى مساعدات من باريس، وخاصة في المجال الاقتصادي في تلك المرحلة.

ويرى المؤرخ أن قضية الذاكرة لم تصعد إلى الواجهة بالحدة التي هي عليها اليوم، إلا مع بداية الألفية وبالضبط خلال زيارة الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا في العام 2000، وكان ذلك في خطابه أمام الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، والتي قدم خلالها “دروسا” لفرنسا.

وتمثلت تلك الدروس وفق جون سيفيا، في ضرورة تقديم فرنسا الاعتذار للجزائر عن جرائم حقبة الاحتلال البغيض، كما وصف بوتفليقة حينها “الحركى” بـ”الخونة” على شاكلة حكومة الماريشال الفرنسي بيتان بسبب تعامله مع الغزو النازي، وتحدث بوتفليقة في خطابه ذاك، عن “ديون أخلاقية ومادية” يجب على فرنسا تأديتها للجزائر بسبب الماضي الاستعماري.

وردا على المطالب الجزائرية يقول جون سيفيا، برز الحديث في فرنسا عن “Repentance” (تعني التوبة)، مع العلم أن الجزائر لم تطالب بـ”التوبة” بل بالاعتذار والتعويض، وهو المطلب الذي أحدث جدلا بين النخب السياسية الفرنسية، وخاصة في أوساط النخب اليسارية  أو ما سماه المؤرخ “اليسار المثقف”.

وينتقل المؤرخ إلى المرحلة الراهنة، معتبرا ما يحدث من سجال بين الجزائر وباريس، سببه المساومات التي تمارسها الجزائر، كما يزعم، تجاه الطرف الفرنسي في قضية الهجرة، التي قال إنها تذر على الجزائر موارد مالية، بالإضافة إلى أمر آخر وهو إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات الحربية الفرنسية.

كما يعتبر جون سيفيا تنويع الجزائر لشركائها ضربا من ضروب المساومة، لأنها تشكل ضغطا على الشريك التقليدي، ممثلا في فرنسا، مشيرا في هذا الصدد إلى كل من الروس والصينيين، الذين أخذوا الكثير من الفضاءات التي كانت تحت سيطرة النفوذ الفرنسي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!