الرأي

التهريج والهرج في دعوات تأجيل الرئاسيات

حبيب راشدين
  • 1353
  • 4
ح.م

قبل عشرة أيام من حلول موعد استدعاء الهيئة الناخبة للمشاركة في رئاسيات 2019 نسجل رعاشا غير حميد داخل المشهد السياسي يريد الرهان على التأخير في الإعلان عن موقف أرباب الدولة العميقة من العهدة الخامسة، للتسويق لدعوات خرقاء حمقاء حبلى بالمخاطر، تطالب بتمديد ولاية الرئيس سنة أو سنتين بعد أن كانت قبل أسابيع تتوعد بقلب الطاولة على دعاة العهدة الخامسة.
البداية كانت من حركة “حمس” التي خرج رئيسها بدعوةٍ غريبة تطالب بالتمديد سنة أو سنتين قبل أن تتحرك أنامل خفيَّة حامل “تاج” بلا عرش عمار غول لدعم المبادرة بمبادرة مماثلة تدعو إلى مؤتمر وطني للوفاق قبل الرئاسيات تضمر بالضرورة تأجيل الانتخابات لتضرب عرض الحائط بالدستور الذي يمنع الدولة من تعطيل الاستحقاق إلا في حالة الحرب وفق المادة 110 منه.
وحتى مع افتراض وجود حسن نية عند أصحاب الدعوتين، فإنها غير مبررة، حتى مع افتراض وجود خلافات في أعلى هرم السلطة حيال الموقف من العهدة الخامسة، أو امتناع حصول توافق حول مرشح توافقي للسلطة، وقد يُقرأ في الدعوة مقاولة من الباطن لجناح في السلطة يكون قد فشل في صناعة توافق حول العهدة الخامسة ويريد كسب الوقت عبر التمديد، وعبر خلط بعض الأوراق كما حصل مع تفجير جبهة التحرير وإعادة تدوير بعض الديناصورات النافقة.
ليس بين أيدينا جوابٌ عن هذه الأسئلة التي سوف يعاد طرحها بقوة بعد عشرة أيام من الآن لننتقل وقتها إلى طرح سؤال آخر أخطر: ما هي تبعات دعوة تدفع بالبلد إلى إسقاط الدستور مجددا، والدخول به في نفق مظلم محفوف بالمخاطر؟ علما أن تأجيل الموعد الانتخابي خارج أحكام الدستور والمادة 135 من قانون الانتخابات سوف يُنتج في الحد الأدنى سابقة خطيرة تضرب مصداقية الدستور وتزيد من إضعاف موقع الرئاسة، وتفتح الباب على مصراعيه للشغب السياسي والمشاغبة بالشارع.
بهذا المعنى تصبح هذه الدعوات متهمة حتما بإضمار نية الدفع بالبلد إلى المجهول مع استحالة تأطير النزاعات القائمة في بحر سنة أو سنتين، يضاف إليها ما هو مستشرَف من أيام صعبة في السنوات الخمس القادمة لنا ولغيرنا في عالم مضطرب متحرك بدأ يخرج عن السيطرة في دول القلب قبل دول الضاحية.
وأيا كانت الجهة أو الجهات التي دعت أو تحرِّك خلف الستار من يدعو إلى تأجيل موعد الانتخابات بهذه الكلفة، فإنها قد صرفت النظر عن الظروف الطيبة التي تهيأت للبلد لإجراء انتخابات مؤمَّنة من التدخل الخارجي مع انشغال القوى الدولية التي كانت تستغل الاستحقاقات الانتخابية لمحاولة التسلل إلى قلب موطن صناعة القرار والتأثير على خياراته.
الولايات المتحدة منشغلة بمعارك أخرى في المشرق، وهي لا تراهن كثيرا حتى الآن على زعزعة الاستقرار في الجزائر، كما هي الحال مع فرنسا المنشغلة اليوم بهموم داخلية وتنامي احتجاجات شعبية قد تنتهي في الشهور القليلة القادمة بإسقاط الجمهورية الخامسة وفي الحد الأدنى إضعاف الرئيس ماكرون وربما ترحيله.
ثم إن البلد في حاجة ماسَّة إلى إعادة التوازن لمؤسسة رئاسة الجمهورية بالقدر الذي يسمح لمؤسسة الجيش ولبقية المؤسسات الأمنية بالتفرغ التام لمهامها الدستورية لحماية أمن البلد من تهديدات مستشرَفة مرصودة وأخرى في حكم الغيب لا تسمح لنا بترف مقايضة الاستقرار بمرحلة انتقالية نعلم أنها البوابة المفضلة لعودة العبث.

مقالات ذات صلة