-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التوبة المؤقتة في عالم يعج بالمغريات

نسيبة علال
  • 712
  • 0
التوبة المؤقتة في عالم يعج بالمغريات

يتوب الناس- أغلبهم- إلى الله في رمضان والمواسم الدينية، حيث تحيطهم النفحات الدينية، ويزيد الوعي والإرشاد عبر الإعلام والمساجد.. أو في حالات قليلة أخرى، شكرا وحمدا، أو عندما يواجهون البلاء في قضية مهمة.. لكن الملاحظ، أن الكثير من الناس سرعان ما يعودون عن توبتهم إلى الإثم أو ترك الطاعات، عندما يضعف إيمانهم لأي سبب من الأسباب.

يواجه الشباب اليوم، وحتى فئة من كبار السن، تحديات كبيرة تجعلهم ينزلقون خلف الأهواء باتجاه الذنوب والمعاصي.. وتتمثل أكبر هذه التحديات في هيمنة التكنولوجيا والإنترنت وما يليها من تأثيرات ثقافية ودينية، بالإضافة إلى تنامي الضغوط الاجتماعية، التي غالبا لا تسمح للراغب في التوبة بالاستمرار عليها، ليعود مجددا في طريق الانحراف عن الدين.

ضعف الوازع الديني

يؤدي غياب الثقافة الدينية، ونمو الأجيال على معتقدات سطحية دون محاولة الأهل ولا مراكز التنشئة في ترسيخ الدين بطريقة صحيحة ومحببة إلى وجود علاقة هشة بين الفرد وربه، مع ضعف في الإيمان.. وهي ربما أهم العوامل التي تجعل الكثير يرتدون عن توبتهم بعد فترة قليلة من الالتزام. يقول خليل: “بعد سنوات من المطالعة والاستقرار على البحث في شؤون الدين، توصلت إلى أنني، كالكثير من الشباب الذين يتوبون إلى الله فترة، يلتزمون فيها بالفرائض والطاعات ويتركون المعاصي، نحن نتيجة لمجتمع يعلمنا أن نصلح علاقتنا مع الله في الضراء فقط، مجتمع يسخر من التائب ويعامله كالمنافق بدل أن يشجعه..”. ثم إن قضاء ساعات على الإنترنت وإدمان مواقعها التي تعرض أشكالا من المغريات، قد يحول بين المرء وتوبته”..

الانفتاح على التكنولوجيا يصعب على التائب ضبط نفسه

يعج عالمنا المعاصر بالمغريات التي يسهل الانسياق خلفها، مثل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تؤثر في قرار التائب، وهي تعرض له كل ذلك الانفتاح الذي يحصل في العالم، ما يجعله وهو حديث العهد بالتوبة يعيد التفكير في كل تلك القيود التي فرضها على نفسه.

أصبح من غير المعقول في زمننا هذا، أن نطلب من أحدهم الابتعاد عن الإنترنت ومواقعها، أو عزل نفسه عن مشاهدة التلفاز على الأقل.. فهذه أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة المعاصرة والروتين اليومي فيها، ولكن هناك قواعد وضوابط يتفق عليها العارفون، يجب أن تتوفر في التائب من المعاصي، ليستمر على توبته، وإن لم ينقطع عن الذنب يقلل منه، أولها أن تكون التوبة خالصة لله- عز وجل-، مقرها القلب وغير مربوطة بشأن دنيوي أو رياء الناس، وبهذا يمكن للفرد أن يراقب الله في سره كما في علنه، فيترك متابعة الأشخاص المنحرفين ويومياتهم، ويبتعد عن صفحات العري والدعوة إلى المجون، ويجتهد في ملء وقته بالعبادات والثبات عليها أو بالعمل الصالح أيا كان، بدل قضاء ساعات على الإنترنت، في المقابل، يجب اختيار الأشخاص والصفحات التي تقدم محتوى نظيف وهادف ومتابعتها.

التوبة الصادقة بعد الارتداد

إن الأشخاص الذين ثبتوا على التوبة ليسوا محاطين بالملائكة، ولا يعيشون في مجتمعات مميزة، وإنما هم أشخاص كالآخرين، يتمتعون بالجدية والاستمرارية، تصالحوا مع أنفسهم أولا قبل المضي في تصحيح علاقتهم مع الله، فهم بحسب خبراء، قد اختاروا حياة جديدة، لا علاقة لها بالسابقة، لا يؤنبون أنفسهم عن ذنب اقترفوه في الماضي. تقول لينا، 36 سنة، تقيم حاليا رفقة عائلتها في أمريكا، ترتدي الحجاب، ملتزمة بالصلاة وباقي العبادات في مجتمع يعج بالمغريات: “كررت توبتي آلاف المرات، لكنني، لم أكن صادقة، فقط كي لا يحكم علي الناس بالانحراف، بسبب المجتمع الغربي الذي أعيش فيه، وكنت أعود كل مرة إلى اللباس غير المحتشم وأترك الصلاة والعبادات، لأنني أقول في نفسي إنني أذنبت كثيرا ولن تكون حسناتي أكبر أبدا.. مقت نفسي مرارا.. أما عندما قررت التوبة النصوح، فكانت عندما سامحت لينا عن كل ما اقترفته، وأقنعتها بأن الله غفور والحاضر والمستقبل لا يمحوان الماضي، لكن الحسنات يذهبن السيئات”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!