-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إرادة في رفع التبادل التجاري وزيادة التنسيق الأمني لمواجهة المخاطر

التوقيع على 26 اتفاقية بين الجزائر وتونس

التوقيع على 26 اتفاقية بين الجزائر وتونس
ح.م
الوزير الأول رفقة نظيره التونسي

وقعت الجزائر وتونس على 26 اتفاقية في قطاعات هامة مرتبطة بالحياة اليومية لمواطني البلدين، مست قطاعات التنمية المحلية والنقل والسكن، والرقمنة والتعليم والتكوين المهني والرعاية الاجتماعية، إضافة إلى السياحة والرياضة والثقافة.
وتم خلال اللجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-التونسية للتعاون التأكيد على وضع آليات خاصة لمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات، حيث شددت الدولتان الجارتان “على الإرادة المشتركة التي تحذوهما للمضي قدما في تطوير وتنويع التعاون الثنائي، من خلال استكمال المشاريع القائمة، واستكشاف آفاق أخرى للشراكة والاستثمار، وفق خارطة طريق تحدد أولوياتنا وأهدافنا المشتركة”.

تأكيد أن العلاقات الجزائرية التونسية نموذجية
والتأمت اللجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-التونسية للتعاون، مجددا، بعد انقطاع دام 6 سنوات ونصف، بسبب الاستحقاقات السياسية في البلدين والحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا، وجرى ذلك، الأربعاء، تحت إشراف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان ورئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني الذي كانت الجزائر أول محطة له بالخارج عقب توليه هذا المنصب مطلع أوت الماضي.
وجاءت كلمة الوزير الأول خلال افتتاح أشغال اللجنة، بقصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، في الضاحية الغربية للعاصمة، في شقين أساسيين هما البعد السياسي للعلاقات مع تونس والآخر تناول الملفات الاقتصادية علاوة على الملف الأمني، وردا على الأصوات التي تتحدث بين الفينة والأخرى عن “فتور” في علاقة “تونس مع الشقيقة الكبرى”.
وقال بن عبد الرحمان: “لقد أضحت العلاقات الجزائرية-التونسية نموذجية، وتشكل مصدرا للاعتزاز والفخر، ومحفزا قويا للمزيد من المكاسب التي تضاف لصرح علاقاتنا الذي بنيناه على مر السنين”، واستطرد الوزير الأول بالتأكيد على ضرورة المضي لتعزيز هذا التعاون، بالقول: “تحتاج العلاقة مع تونس إلى المزيد من الجهود والأفكار الجديدة لتذليل الصعوبات ورفع العقبات التي تعوق تجسيد رؤيتنا المشتركة في تطوير شراكتنا وتحقيق المزيد من التكامل والاندماج”.

تفعيل الاتفاق الأمني مع تونس وزيادة تبادل المعلومات
ونبه مسؤول الجهاز التنفيذي إلى ما تحقق في تعزيز العلاقات الجزائرية التونسية “بفضل التواصل الدائم بين الرئيسين تبون، وقيس سعيد”، قائلا “نحن نستلهم سعينا وأعمالنا من توجيهاتهما، ونخطو خطواتنا على ضوء خارطة الطريق التي رسماها خلال تبادل الزيارات وعبر تواصلهما الدائم”.
وبعد تأصيله للواقع المتميز ومتانة العلاقات المتميزة بين البلدين، عرج الوزير الأول، على المخاطر والتهديدات التي تطرق باب الجزائر وتونس، لاسيما الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، وقال على مسمع ومرآى كبار مسؤولي البلدين “هل لي أن أذكر أن الظروف الإقليمية والدولية وما تحمل من إكراهات ومخاطر، بل ومن تهديدات، تفرض علينا رص صفوفنا لرفع تحدياتها ومجابهة أخطارها وتداعياتها”، وتابع: “الوضع الدولي الحالي يفرض علينا المزيد من التنسيق والتعاون وتضافر الجهود لتحصين بلدينا وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية”.
وشدد على أن “استفحال آفة الهجرة السرية التي باتت تحمل تداعيات تتربص بأمن واستقرار بلدينا، يفرض ضرورة تعزيز عملية التنسيق الثنائي والتعامل مع هذه الظاهرة وفق مقاربة تشاركية تقوم على معالجة جذورها العميقة”.
ولمواجهة المخاطر الأمنية، دعا الوزير الأول إلى “تفعيل الاتفاق الأمني الموقع في عام 2017 من خلال الدعوة إلى عقد الاجتماع الأول للجنة الأمنية المشتركة، مما سيدفع لا محالة هذا التعاون إلى مستوى نوعي يضمن تحقيق أهدافنا المشتركة في صون أمن واستقرار بلدينا ومنطقتنا”، وأردف على ذلك: “أدعو من هذا المقام إلى أهمية التعاون بين أجهزة الشرطة والرقابة على مستوى مراكزنا الحدودية، وتعزيز عملية تبادل المعلومات بخصوص حركة الأشخاص والسلع والأموال، بما من شأنه تعزيز أمن بلدينا، من دون المساس بانسيابية الحركة البينية، وفقا للقوانين المعمول بها في البلدين”.

تبادل اقتصادي وتجاري دون مستوى الطموحات
ولدى حديثه عن الشق الاقتصادي للعلاقات الجزائرية التونسية، قدم بن عبد الرحمان، تقييما “سلبيا”، حيث قال “نلاحظ أن التعاون في المجالات الاقتصادية، على غرار قطاعات التجارة والصناعة والفلاحة والسياحة والنقل والأشغال العمومية والصيد البحري، لايزال يتسم بالضعف والمحدودية، بالرغم من الإمكانات الكبيرة التي تؤهل البلدين لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي”، مضيفا: “تبقى المبادلات التجارية والاستثمارية، بالرغم من النتائج المرضية التي مكنت من مضاعفة تجارتنا البينية خلال السنتين الأخيرتين، بعيدة عن المستوى المطلوب ولا ترقى إلى طموحاتنا المشتركة ولا إلى مقومات النمو التي توفرها إمكانات البلدين وفرص التكامل الاقتصادي والمزايا ذات الصلة بالقرب الجغرافي والبنى التحتية التي من شأنها خفض تكاليف النقل والتكاليف اللوجستية الأخرى”.
وأرجع المتحدث “الخلل” الذي يعتري التبادل التجاري بين البلدين إلى عدم تطبيق الاتفاقيات المبرمة، وأكد “تعاوننا وشراكتنا ينظمهما إطار قانوني غني بعشرات الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، تغطي كافة المجالات، فإننا أمام الحاجة إلى تطبيقها الصارم وتفعيلها الجيد، مع ضرورة تحيينها المناسب حتى تضمن التسهيلات والتحفيزات الضرورية للرفع من شأن علاقاتنا الأخوية”.
وقدم بن عبد الرحمان “الوصفة” لعلاج الاختلالات الحاصلة في الجانب الاقتصادي ومن ذلك اقترح “ورقة طريق تظهر الاستحقاقات حول أولويات التعاون والمشاريع، ومتابعتها حسب جدول زمني محدد لكل قطاع معني، مع التوصية بتقييمها بشكل دوري، في إطار الآليات المتاحة أو التي سيتم استحداثها، حتى يكون لتعاوننا أثر ملموس وفعال ومنفعة مباشرة على اقتصاد بلدينا”.

تراجع غير مبرر لمجلس الأعمال المشترك الجزائري التونسي
وشدد نفس المسؤول على أن “الإسراع في تفعيل مجلس الأعمال المشترك بصفته إحدى الأدوات الرئيسة لدفع التعاون الثنائي في هذا المجال وتجسيد أهدافه”، بعد ما لاحظ حسب قوله “تراجعا غير مبرر لهذا المجلس ولغرفتي التجارة في البلدين رغم دورهما المحوري في العلاقات التجارية بين البلدين”.
كما أكد بن عبد الرحمان على توفير “جميع الظروف الملائمة والتسهيلات الضرورية لتيسير مهام المتعاملين الاقتصاديين ورجال الأعمال، فضلا عن بيئة أعمال مواتية، بعيدة عن تعقيدات البيروقراطية وفرض القيود المفتعلة والعراقيل الوهمية على حركة استثماراتهم وأعمالهم”، ليدعو إلى “وضع أطر عملية لتحقيق شراكة اقتصادية حقيقية تهدف إلى تعظيم الاستفادة المتبادلة من الميزات التنافسية وخبرات وإمكانات البلدين، وإيلاء كامل الأهمية للتعاون في المجالات ذات الأولوية للجانبين، واستكشاف مجالات جديدة للتعاون وفق خطة عملية تتضمن أهدافا محددة ضمن آجال زمنية معينة لتحقيقها”.

التزام ثنائي جاد بتنفيذ التوصيات
وأكدت تونس على لسان رئيس الحكومة أحمد الحشاني، في ختام أشغال اللجنة الحكومية المشتركة الكبرى، على ضرورة أن “تحظى التوصيات التي تم تقديمها بالمتابعة من البلدين، والحرص على الالتزام بعقد الاجتماعات الفنية والقطاعية بخصوصها وفق المواعيد المنصوص عليها”.
وبخصوص الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وعددها 26، أورد الحشاني، أنه “تشمل مختلف القطاعات، وتسهم في المزيد من توطيد وتنويع العلاقات الثنائية بين البلدين”، وأضاف “أصدرنا توصيات لدفع التعاون المشترك، وسنعمل على تنفيذها في إطار الحرص على تعزيز التعاون”.
وأثنى رئيس الحكومة التونسية، على انعقاد المنتدى الاقتصادي الجزائري التونسي، ونوه بأنه يعكس قناعة لدى “تونس بالدور الهام للقطاع الخاص في تشبيك العلاقات بين البلدين/”
وقبل ذلك تم التوقيع على 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين، ومن أبرزها إنشاء لجنة تفاهم لتنمية وترقية المناطق الحدودية، ويأتي هذا المسعى كآلية ناجعة من شأنها تقويض الأنشطة الإجرامية التي تتم على حدود البلدين كما هو الحال مع تهريب المهلوسات والمخدرات ونشاط جماعات تهريب البشر.
كما تم التوقيع على اتفاقية للنقل واللوجستيك متعدد الوسائط، خاصة في ظل التفاهمات التي تمت بين البلدين من أجل إقامة مشاريع استثمارية مشتركة بين الجزائر وتونس لدخول الأسواق الإفريقية، في ظل إطلاق منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية التي فتحت آفاقا واعدة لبلدان المنطقة، إضافة إلى اتفاقات أخرى في قطاعات الطاقة، الصناعة، التجارة، النقل، السياحة والاستثمار وكذا الثقافة والرقمنة والسكن والشباب والرياضة والتكوين المهني والتربية الوطنية والعمل والرعاية الاجتماعية والمجاهدين.

المنتجات الجزائرية – التونسية لها مكانتها في الأسواق الإفريقية
وقال المدير العام للمركز التونسي للنهوض بالصادرات مراد بن حسين، إن الهدف من انعقاد المنتدى الاقتصادي الجزائري التونسي، والذي شاركت فيه 150 مؤسسة جزائرية و80 تونسية، هو “إعطاء زخم أكبر للمبادلات التجارية وتطويرها”.
وأوضح بن حسين في حديث لـ”الشروق” على هامش انعقاد اللجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-التونسية للتعاون، أن هنالك فرقا تعمل بشكل يومي لتذليل العوائق التي تعتري التبادل التجاري بين البلدين.
وأكد المتحدث أن “مناخ الاستثمار في البلدين محفز”، إضافة إلى وجود “إصلاحات من الجانبين وإجراءات جدية لدفع الاستثمار في البلدين، وأخرى للولوج بطريقة مشتركة إلى إفريقيا جنوب الصحراء”، ونبه بن حسين إلى أن منتجات البلدين ذات جودة عالمية وكلفتها أقل من المنتجات الأوروبية ودول أخرى، ومطابقة للمعايير الدولية، ما يجعلها ذات تنافسية في إفريقيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!