الرأي

الثورة المعجزة و(….)

ح.م

أحسن صنعا “مركز الشهاب للبحوث والدراسات الإسلامية” بمدينة سطيف، إذ نظم يوم السبت 24 نوفمبر 2018 يوما دراسيا هاما تحت عنوان ذي دلالات كثيرة هو: “أول نوفمبر: الثورة التحريرية والمشروع الوطني”.
لقد دعي لتنشيط هذا اليوم ثلة من الأساتذة هم محمد عباس، ومحمد الأمين بلغيث، ومحمد الحسن زغيدي، ومحمد الهادي الحسني.. كما حضرها أساتذة مهتمون، وطلبة باحثون، يعدون رسائلهم الجامعية.
لقد أجمع الأساتذة الذين تحدثوا عن جوانب هذه الثورة على أن هذه الثورة المباركة “كانت بدعا من الثورات”، وتعتبر “معجزة إنسانية”، لأنها حققت “معجزة نفسية” لما أحدثته من تغيير في نفسية الشعب الجزائري الذي كان أكثره يعتقدون أن الموتى في قبورهم يخشون الفرنسيين، فإذا به يعلن ثورة جبارة – رغم تجهيله وتمريضه وتفقيره وتمزيقه على فرنسا التي تمتد مستعمراتها من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي والهادي، بل وينقل جهاده إلى أرض “البنت البكر للمسيحية”، وجعل تلك الأرض “ولاية سابعة” يقودها مجاهدو فدرالية جبهة التحرير الوطني الأصيلة.. وبعد أن ظن يحكمون على “الظواهر” أن الشعب الجزائري قد “مات”، و”حاد عن أصله” و”أدمج في غيره”، فإذا به ينبعث ليسفه ظن الظانين، وليؤكد لكل مرتاب أنه “شعب مسلم” وأنه “إلى العروبة ينتسب”، وأن ما زعم عن إدماجه “يحال من الطلب”، ولا “يرتد فرنسيسا” كما قال مفدي زكرياء، ولا يستطيع ذلك ولو أراد كما قال ابن باديس..
وبعدما دفع الشعب الجزائري المجاهد “مهر” الحرية الغالي من كرام الشهداء وغالي الدماء، جاء نصر الله، وبزغت شمسه المبصرة فمحت آية فرنسا الظالمة المظلمة، وكان لهذا الشعب المجاهد أن ينهي “امبراطورية فرنسا” كما قال وكتب المجرم راؤول صالان الذي جعل – صادقا- عنوان مذكراته “fin d’un empir” “نهاية امبراطورية”.
لقد أجمع المتحدثون على أن الشعب الجزائري نجح في “جهاده” وحرر بلاده، وطرد عدوه من أرضه، ولكنهم أجمعوا على أن “قادته” فشلوا في تحقيق مشروعه، وعلى رأسه إقامة دولة مؤسسات، وتحقيق الاستقلال الثقافي والاقتصادي.. حتى إن كاتبا أجنبيا كتب كتابا عنوانه “الثورة التي فشلت”. (انظر سعد الله: أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر. ج4. ص12).
إن سبب الفشل هو طغيان “الأنا” عن “النحن”، وحتى عندما يخيّل لبعضنا أننا تخلصنا من “الأنا”، فإن “النحن” التي تطفو هي “نحن الجهوية”، و”نحن الجاهلة”، و”نحن” الهوى”، و”نحن النفاق”، و”نحن العصبية”، وهذه كلها هي “آفات” دولة المؤسسات.

مقالات ذات صلة