الرأي

الثورة تصنع التسلط.. فرضية للنقاش

محمد سليم قلالة
  • 2521
  • 11

كلما حدثت ثورة أو اضطرابات، كلما جاء بعدها حكم تسلطي أو دكتاتوري.. وبعدها فقط يمكن أن يبرز الحكم العادل أو الجمهورية. هي فرضية لأحد الزملاء الباحثين، يريد أن يُنجز بحثا معمقا حولها، اسـتأذنته في نشرها فقبل ذلك، لعلها تعطي إيحاءات إلى الرأي العام بشأن ما عرفناه وما نعرفه من أشكال الحكم وما سنعرف في المستقبل…

استند زميلي هذا إلى عدد من التجارب التاريخية ليختبر صحة فرضيته، فرأى بأن دكتاتورية كروميول في إنجلترا جاءت بعد ثورة 1648 ـ 1649 وطرد الملكية، وأن هذا العسكري الذي تحول إلى سياسي بدل أن يؤسس لحكم مناف للملكية المتسلطة ألغى مجلس اللوردات وتشدد في كل شيء إلى درجة أن منع المسرح والموسيقى… كما أن الثورة الفرنسية 1789 التي تعد مرجعية الثورات الحديثة، لم تعرف خلال حقبتها التاريخية سوى الموت والدمار والخراب، فباسمها تم قطع رؤوس 17000 بالمقصلة من بينهم العالم الفيزيائي لافوازييه. وباسمها تم سجن أكثر من نصف مليون مواطن أغلبهم من البسطاء، وقتل أزيد من 100 ألف بينهم نحو 30000 أعدموا بمحاكمات صورية أو من غير محاكمات، وعلى رأسهم الملك لويس السادس عشر وزعيم الثوريين نفسه روبسبيير. وبدل أن تعطينا هذه الثورة “الحرية والأخوة والمساواة” الموعودة، كان من نتيجتها أن حكم فرنسا نابليون بونابرت وبسط حكمه التسلطي لأكثر من 15 سنة.. وذات الشيء بالنسبة إلى ثورة 1948 التي كان من نتائجها عودة ابن أخي نابوليون، لويس بونبارت بالحكم التسلطي مرة أخرى.. وهكذا دواليك…

وقد حدث الشيء ذاته على إثر الثورة البلشفية 1917 التي كانت سببا في نشأة الاتحاد السوفييتي، حيث أدت  هي الأخرى إلى حكم دكتاتوري لم ير التاريخ مثيلا له.. فقد قضى ستالين خلال سنتين فقط ما بين 1936 و1938 على أكثر من مليوني مواطن، أعدم نصفهم تقريبا، ناهيك عن التشريد والتعذيب… وبدل أن تكون حقبة ما بعد القيصرية حقبة رخاء وحكم شعبي كانت حقبة تسلط واستعباد وتحطيم لقدرات الدولة.

وحدث، ويحدث اليوم، في العالم العربي الشيء ذاته، فبدل أن تُمكن الثورة المصرية الشعب من نظام ديمقراطي جمهوري، هاهي تعيده إلى زمن الاغتيالات، والسجون والإرهاب، والقتلى بالآلاف..

والشيء ذاته بالنسبة إلى سورية، حيث النتائج الكارثية للثورة بلا حساب (ملايين المشردين وعشرات الآلاف من القتلى ناهيك عن الخسائر المادية والمالية)..

والأمر ينطبق على باقي الثورات والاضطرابات والنزاعات قديما وحديثا…

هل تؤيدون فرضية زميلي بأن لا أمل في الثورات والعنف والاضطرابات؟.. وما البديل لكي يعود الأمل؟

مقالات ذات صلة