-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجامعة.. استراحة بلا محارب

الجامعة.. استراحة بلا محارب

المتابع لأداء وزارتي التربية والتعليم والجامعات، وأداء الناجحين الجدد في شهادة البكالوريا وأوليائهم، لا يمكنه أن يستشرف تطورا مأمولا للجامعة الجزائرية، لتواكب الحياة الاقتصادية، وتجد لها مكانا ولو متوسطا ضمن جامعات القارة السمراء، ولا نقول الجامعات العالمية. فمازالت الوزارتان السياديتان تنظران للجامعة، كأرقام، تفتخر بها، سواء في عدد الناجحين ونسبتهم المئوية بالنسبة لشهادة البكالوريا، وعدد الطلبة الجامعيين الذي صار يناهز المليونين، أو ما يوازي شعبا كاملا لبلدان محترمة وكبيرة في القارات الخمس، ومازال الطالب ووالداه لا يعرفون أكثر من الطب والهندسة المعمارية، ومازالت مختلف المؤسسات الاقتصادية سواء العمومية أو الخاصة لا يهمها العلم والكفاءة لدعم مؤسساتها ومنافسة القوى الاقتصادية، حتى ولو كان الطالب الناجح مشروع جائزة نوبل أو نابغة زمانه.

نشعر أحيانا بأن بلوغ الجامعة هو هدف غالبية الطلبة وأوليائهم، يحققون فيه استراحة زمنية من “همّ” العلم، بحثا عن مهنة محترمة، وليست مشروع حياة بالنسبة للطالب وحتى للمنظومة الجامعية التي مازالت تسيّر على طريقة سبيعينيات القرن الماضي في الزمن الاشتراكي، عندما كانت الوزارة تتسلم ميزانية ضخمة لتسيّر الخدمات الاجتماعية للطالب من أكل ونقل ومسكن وفسحة، فبدأ الشرخ يتّسع ما بين المتعلم والعلم، وما بين الجامعة كهيكل والتكنولوجيا كروح، وانتقل الشرخ إلى المؤسسات التشريعية والاقتصادية وحتى العلمية، إلى درجة أن جامعات كبيرة في الجزائر، تم تسييرها بمن فشلوا في الحصول على شهادة البكالوريا، قبل أن يطلّ علينا وزير للتعليم العالي يستهزئ بجائزة نوبل ويعتبرها “تفاهة”.

تشتكي الجزائر من نقائص في البنى التحتية في ميادين عديدة من رياضة وفلاحة وصناعة وسياحة وخدمات، ولكنها في قطاع الجامعات اهتمت بالهيكل أكثر من اللب، ففي كل مدينة كبيرة أقطاب عملاقة، وفي كل ولاية جامعة أو أكثر، وغالبيتها أنجزت في الفترة الأخيرة وتكاد تكون الأجمل في المدينة، ولكن الأداء مازال ضعيفا جدا، ويكاد يتفق الجزائريون على أن الجامعة تحوّلت إلى مكان للراحة وللتنزه خاصة في بعض الكليات ذات البعد الإنساني والاجتماعي والتكنولوجي التي من المفروض أن تكون العجلة الدافعة أو على الأقل المرافقة لرحلة النمو.

مشكلة الجامعة الجزائرية لا تكمن في تواجدها في المراتب الأخيرة ضمن التصنيفات الدورية الدولية فقط، والتي تعتمد على كمية الإنتاج العلمي وقيمة الباحثين والدكاترة الذين يدرّسون فيها، وغيرها من المعايير العلمية، وإنما أيضا في المرتبة التي تحتلها في الجزائر بين بقية القطاعات وعدم الاعتماد عليها، والطريقة الغريبة في التعامل مع أوائل البكالوريا وأوائل مختلف الشعب والكليات، حيث يجدون أنفسهم في منظومة تهتم بالكم دون النوعية، ففي كل موسم يتم تكريم الأوائل وتقديمهم للجزائريين في “بورتريهات” صحفية، ثم تمرّ السنوات ويصيرون نسيا منسيا، فمنهم من يحمل راية الاستسلام البيضاء وحتى السوداء، ومنهم من يحمل حقيبة الهجرة، بعد استراحة جامعية .. لا محارب فيها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • Ikram

    مقال يصف حقا ما نعيشه نحن الطلبة انا في الجامعات الجزائرية . انا طالبة مثل العديد من الطلاب الذين لا يريدون ان يسيروا وفق هذا المنهاج المتخلف نريد حقا نقدم الكثير ونحن بالفعل نستطيع و نملك الطموح لفعل العديد من المشاريع و الدراسات لكن الجزائر أصبحت مقبرة الطموح و الأهداف التي انا لا اسميها أحلاما. لو كانت لدي الفرصة كنت ذهبت إلى افضل جامعات العالم التي تدعم الشباب و العقول .الحمدلله على كل حال

  • Imazighen

    (...أن جامعات كبيرة في الجزائر، تم تسييرها بمن فشلوا في الحصول على شهادة البكالوريا، قبل أن يطلّ علينا وزير للتعليم العالي يستهزئ بجائزة نوبل ويعتبرها “تفاهة”.)، صحيح، بل الأمر مستمر، حيث المحسوبية والمعارف هو السيد في تعيين أشباه المسيرين، فجامعة الجزائر 3 مثلا جليا في حاضرنا...

  • مداسي مولود

    جامعة المسيلة تحتل مراتب متقدمة افريقيا واول جامعة وطنية حسب معايير ومقاييس موضوعة سلفا. ومديرها يفتخر بذلك وان اردت الاستفسار اكثر فعد الى كثرة مخابر البحث وبراءات الاختراع الوطنية والدولية في نطاق حاضنة اعمال الجامعة وكثرة وكثافة الملتقيات العلمية الوطنية والدولية فضلا عن مساهمتها بانتاج مواد الصيانة ومحاربة وباء الكوفيد ومنذ يومين اطلاق مشاريع انتاج الاكسين لتقليص الطلب عليه بكثرة من طرف المؤسسات الاستشفائية.تفضل يا سيدي وادخل موقع جامعة المسيلة وترى ما يفرحك ونتمنى ان تحذو جميع جامعات الوطن حذوها.

  • لزهر

    لا بد من إيجاد حل سريع لربط المشاريع المستقبلية الخاصة بالسيارات الكهربائية و الطاقات المتجددة بالمعاهد و الجامعات المتخصصة كأول خطوة و تجربة للنهوض بها. كل الدول الصناعية تعمل بهذه الطريقة.