الجزائر تدفع 12 مليار دولارمقابل خدمات فقط
واصلت فاتورة واردات الجزائر من الخدمات ارتفاعها الرهيب سنة 2011 بالرغم من القرار الذي أصدره الوزير الأول أحمد أويحيى، بمنع التعامل مع شركات ومكاتب خبرة أجنبية بعد اكتشاف لجوئها إلى التحايل وتهريب العملة الصعبة إلى الخارج عن طريق تضخيم الأجور أو تضخيم فواتير الخدمة المنجزة في الجزائر، وهو القرار الذي لجأت إليه الحكومة بعد أن تجاوزت الواردات في مجال الخدمات مستوى 11 مليار دولار لأول مرة منذ الاستقلال، وهو مستوى يعادل إجمالي فاتورة الواردات الجزائرية سنة 2001، حيث استغلت المجموعات الأجنبية وجود سيولة هائلة في الجزائر بفضل ارتفاع أسعار البترول وغياب تشريعات خاصة بتحديد أجور الخبراء الأجانب لتحويل مبالغ بملايير الدولارات إلى الخارج مقابل دراسات وخبرات رديئة جدا بالمقارنة مع نظيراتها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتمكنت الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر سنة 2011 من الاستفادة من حالة غياب قانون محدد يحكم كيفيات وشروط اللجوء إلى خدمات وخبرات الأطراف الأجنبية في الجزائر، حيث تنشط حاليا بعض المكاتب خارج القوانين المحلية .
وأرجع الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، الذي سبق له الإشراف على ملفات مشابهة بوزارة الطاقة والمناجم، الارتفاع الخطير في فاتورة واردات الخدمات إلى عجز الجزائر عن توفير حلول تقنية محلية لقطاع الطاقة والمناجم وقطاع البناء والأشغال العمومية والري والحلول المالية والصحة.
وأوضح المتحدث في تصريحات لـ”الشروق”، أن السبب في اللجوء إلى الخارج هو غياب مكاتب خبرة جزائرية بالمعايير الدولية لأن الحكومة لم تستثمر في الخبرات المحلية لإنجاز مكاتب بالمعايير الدولية التي تقوم على تجميع الكفاءات المتنوعة في مكتب متكامل يجمع الخبرة في مجال الاقتصاد والمالية والهندسة والصحة والعمران والاجتماع والمحاماة والأعمال وغيرها، بالكيفية التي تعمل بها مكاتب الخبرة العالمية على غرار مكاتب “ارنست أند يونغ” أو “كا بي أم جي” وغيرها والتي تقوم بمناولة عملياتها بالجزائر إلى خبراء محليين في مختلف التخصصات وتقوم في الأخير بالمراجعة النهائية للعمل وختمه وإصدار فواتير بالعملية الصعبة في حين لا يحصل الخبير المحلي سوى على الفتات.
وحذر المتحدث من أن هذه الوضعية سيرفع فاتورة الخدمات المستورد بحلول 2015 إلى أزيد من 15 مليار دولار في السنة وهو ما يعتبر بمثابة تهديد حقيقي لاحتياطات الصرف الجزائرية التي تواجه تهديد جديد بعد أن كانت تتعرض للتجفيف عن طريق خدمة المديونية، مضيفا أن العقل الجزائري بإمكانه تقديم حلول جيدة ولكنه مهمش لأسباب سياسية واجتماعية مختلفة.
وقال المتحدث إن هناك لجوء مبالغ فيه من الحكومة لخدمات شركات ومكاتب خبرة دولية تبين في واقع الأمر أنها تستخدم كفاءات محلية لتنفيذ عملياتها بالجزائر في حين تكتفي بفوترة تلك الخدمات بالعملية الصعبة من مكاتبها بأوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.
وإلى جانب الاعتماد شبه المطلق من قبل الحكومة على مكاتب الخبرة الأجنبية في مرافقتها لإنجاز مشاريع البنية التحتية في إطار البرامج الخمسية التي أعلنها الرئيس والتي تناهز قيمتها الجمالية 286 مليار دولار إلى غاية 2014، تلجأ الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر إلى الغش والتحايل على الحكومة عن طريق تقديم مشاريع استثمارية وهمية في قطاعات صناعية مختلفة تبين أنها مجرد مشاريع على الورق تستخدم للحصول على تركيبات مالية من البنوك العمومية التابعة للدولة بدون أي مساهمة حقيقية من المستثمر الأجنبي الذي يبدأ في تحويل أرباح ضخمة سنويا حتى قبل أن يرى المشروع في حد ذاته النور، بالإضافة إلى اللجوء المفضوح إلى تضخيم الفواتير بالنسبة لعملياتها بالجزائر.