الرأي

الجزائر أفضل من باريس ونيويورك!

حسين لقرع
  • 2917
  • 5

لا ندري لماذا يصرّ بعض المسؤولين والسياسيين الجزائريين على إهانة بلدهم وأنفسهم بتصريحاتٍ سخيفة مُثيرة للسخرية والتندّر، لا يتقبلها عقلٌ ولا منطق؟!
لا شكّ أن الجميع يتذكّر ذلك التصريح الغريب الذي أدلى به وزير الصحّة السابق عبد المالك بوضياف وزعم فيه أن “التجهيزات الطبية المتطورة التي تتوفر عليها بعض المستشفيات الجزائرية لا نجدها في المستشفيات الأوربية نفسها؟!”، لكن بوضياف لم يشرح لنا آنذاك لماذا تطالب أغلبُ مستشفياتنا مرضاها بإجراء التحاليل والأشعَّة الدقيقة لدى الخواص؟ ولماذا تدهورت خدماتُها حتى أصبح الجزائريون يدعون الله أن يمنّ عليهم بالصحة الدائمة ولا يمرضوا؟
أما الأمين العام للحزب الواحد سابقا، جمال ولد عباس، فقد تجاوز السويد هذه المرة، وقال إن “الجزائر أفضل من الولايات المتحدة أيضاً، لأنها تملك بطلين بحجم بن بولعيد وبن مهيدي”، في حين زايدَ والي الجزائر عبد القادر زوخ على رجل الأعمال علي حداد الذي قال قبل أشهر إن “الجزائر أحسن من نيويورك، لأننا لا نجد فيها متشرِّدا يبيت ليله تحت الجسور؟!”، فقال زوخ إن “الجزائر العاصمة أفضل من باريس نفسها بعد أن أضحت خالية من البيوت القصديرية”؟!
تُرى هل أصيب بعض المسؤولين وقادة الأحزاب ورجال الأعمال بالخرف فأصبحوا يهرفون بما لا يعرفون؟ هل يُعقل أن تكون الجزائر أفضل من أمريكا، القوة الاقتصادية والمالية والتيكنولوجية والعسكرية الأولى في العالم، لمجرّد أن شهيدين عظيمين ينتميان إليها وليسا أمريكيين؟ أهذا معيارٌ يُساق للمقارنة بين الدول؟ هل تنتشر الحصبة والأمراض المنقرضة في نيويورك وواشنطن ولوس أنجلس…؟ هل الأمريكيون هم الذين يهربون من بلادهم يوميا في قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل في أوروبا؟ هل أمريكا هي التي عجزت عن استغلال ريعها النفطي لبناء اقتصادٍ مُنتِج تنافسي يوفّر العمل والعيش الكريم لشعبها؟ هل باريس هي التي تحتلّ المرتبة 184 عالميا من أصل 231 مدينة، وتُصنَّف واحدةً من العواصم والمدن التي يُعدّ العيشُ فيها سيئا؟ هل باريس هي التي تعاني الازدحام المروري الخانق يوميا؟…
أليست التصريحات السخيفة لهؤلاء السياسيين الذين أبتُلينا بهم دليلا صارخا على مدى بُعدهم عن واقع الجزائريين البسطاء الذين يكافحون بشرف من أجل لقمة عيش أطفالهم؟ ألا يخجل هؤلاء من أن يتندّر المسؤولون في باريس وواشنطن وعواصم الغرب بهرطقاتهم وسخافاتهم؟
صحيحٌ أن بيجار قد قال “لو كان لي ثُلةٌ من أمثال العربي بن مهيدي لفتحتُ العالم”، ويحقُّ للجزائريين أن يفخروا به وببن بولعيد وغيرهما من أبطال الثورة المجيدة، لكن الزمن تغيَّر والدولة التي حلم الشهداءُ ببنائها لم تسِر على دربهم ولم تحقّق التطوُّر والرخاء المنشودين بعد أن آلت قيادةُ جبهة بن مهيدي والشهداء إلى أمثال ولد عباس الآن، فتحوّلت –وهي الحزبُ الحاكم – إلى جبهةٍ للمهازل والتزلّف المبتذَل والانتهازية المقيتة، وصدق مهري حينما قال يوماً “هذا زمنُ الرداءة وللرداءة رجالها”.

مقالات ذات صلة