-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر في حاجة الى ثقافة المقاولة والأعمال

بشير مصيطفى
  • 9677
  • 5
الجزائر في حاجة الى ثقافة المقاولة والأعمال

اختتمت أمس الأربعاء بالجزائر أعمال الندوة الدولية حول “الجامعة والتشغيل” والتي عقدها -تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية- الاتحاد العام الطلابي الحر بمشاركة خبراء وفاعلين اقتصاديين من داخل الوطن وخارجه.

  • يأتي هذا في ظل احتجاجات طلابية واسعة حول موضوع التكوين الجامعي، الشهادات العلمية وسوق العمل، وكأن منظمي الندوة أرادوا أن يلفتوا نظر الطالب الجامعي الى زاوية مهمة مما قد يصلح محورا للتفكير بين مجتمع الطلبة وهو إنشاء المقاولات وتنظيم الأعمال. فهل -حقا- تشكل ثقافة المقاولة موضوعا تنمويا للبلاد؟ وما هي الفرص التي تتيحها تلك الثقافة في سياق بناء تفكير تنموي يساعد واضعي السياسات في الجزائر على احتواء مشكلة لا تزال تتفاقم هي “البطالة” في الوسط الجامعي؟
  • البطالة الذكية في عصر المعرفة
  • تخرج الجامعة الجزائرية كل عام متوسطا من الكوادر يقدر بـ 150 ألف في مختلف التخصصات، ولا يتيح سوق الشغل الوطنية  فرصا للتوظيف تلتقي مع تلك التدفقات بسبب عدم مرونة السوق وضعف الاستثمار في القطاعات واسعة التشغيل والتي تناسب في نفس الوقت المؤهلات العلمية. ولعل أهم صعوبة تواجه سوق الشغل في الجزائر هي ضعف مساهمة القطاع الخاص في إطلاق المقاولات الصغيرة والمتكيفة مع حاجات الاقتصاد الوطني، والمفارقة هنا هي قوة الطلب الداخلي وحاجة الاقتصاد الوطني لمخرجات الصناعة والزراعة معا بالصورة التي تفسر لنا حجم التجارة الخارجية في جانب الواردات. دولة تستورد كل عام 40 مليار دولار خارج قطاع الطاقة يعني دولة في حاجة الى أكثر من 2 مليون مؤسسة للانتاج. وإذا علمنا أن جل الواردات الجزائرية تغطي قطاعات محددة هي الصناعة، المواد الغذائية، المواد الصيدلانية، الدراسات، الخدمات المالية، الأجهزة، لعلمنا ان خللا واضحا تشكل بين عرض العمل والطلب على الشغل لأن طلبا على الواردات بتلك القيمة وفي تلك القطاعات يعني أن منظومة الانتاج الوطنية ضعيفة التشغيل مع توفر اليد العاملة المتعلمة من جهة وتوفر المادة الأولية من جهة ثانية.
  • لماذا العزوف عن المهن؟
  • تبدأ فكرة المقاولة من التكوين على المهن، ولكن قطاع الأشغال العمومية والبناء في الجزائر ما زال يبدي ملاحظات سلبية على عرض العمل في هذا القطاع ما دامت فرص التشغيل في أهم قطاع مشغل لليد العاملة في الجزائر على الاطلاق يستورد العمالة من دول أخرى. وعلى الرغم من سياسة الدولة في مجال التكوين المهني إلا أن جاذبية المهن اليدوية لا تزال ضعيفة لسبب بسيط هو ضعف ثقافة المقاولة بين الشباب وقلة التحفيزات بشأن ضمان الشغل، الشيء الذي يدفع جل الممتهنين لاختيار القطاعات ذات الطابع الاداري او المعلوماتي.
  • وسبب آخر ذو طابع هيكلي يدفع بالشباب الى العزوف عن المهن اليدوية يعود الى المؤهلات النظرية والتعليمية لجل طالبي الشغل، وهي مؤهلات لا تناسبها المهن اليدوية، مما يفرض على واضعي سياسات التشغيل في الجزائر استحداث أنواع جديدة من التدريب والتكوين تجمع بين المؤهلات التقنية وحاجة السوق، وهذا ممكن في ظل نظرة جديدة للمقاولة المتفتحة في نفس الوقت على الاستثمارات الوطنية والأجنبية المباشرة.
  • ثقافة المقاولة وصناعة الأعمال
  • كل الدول التي سبقتنا الى المبادرات والصناعات الصغيرة وحتى تلك التي تشبهنا في التاريخ الاقتصادي مثل دول أوربا الشرقية استثمرت في ثقافة المقاولة والتدريب ثم البحث العلمي المطور للأعمال، وعندما نعرف أن إيطاليا وحدها تحصي 10 ملايين مقاولة لتصبح دولة شريكة تجارية لعديد الدول على سلم الصادرات، وأن الصين انتقلت في 30 سنة فقط من دولة جائعة الى دولة صناعية بفضل المقاولات الذكية، وهي الأخرى اعتمدت البحث العلمي والصناعي في قطاعات محددة هي القطاعات التصديرية، عندما نعرف ذلك ندرك بأن مستقبل الجزائر هي الأخرى في المؤسسة المنتجة للثروة، ولا يهم كثيرا أن تكون تلك المؤسسة عامة أم خاصة إلا في حدود نجاعة رأس المال بين الشكل العمومي والخاص، ولكن في كل الأحوال إطلاق نسيج واسع من المقاولات المنتجة على سلم السوق الوطنية والجهوية رهان ينبغي أن يتجند له الجميع، بشرط أن يتجاوز التجنيد جانب الخطاب السياسي الى التسهيلات الذكية في الجانبين: تسهيلات التمويل والمرافقة، تسهيلات التسويق وضبط التجارة الخارجية.
  • لقد اختفى نسيج الجلود والنسيج في الجزائر لأن البلاد انفتحت على الصناعات الأجنبية بشكل غير مدروس وكان بالإمكان ضبط التجارة الخارجية في القطاعات واسعة التشغيل لصالح رأس المال الوطني تحت طائلة حماية السوق المحلية خاصة وأن الجزائر غير ملزمة لحد الآن ببروتوكولات حرية التجارة. ونفس الشيء يقال عن المشهد المستقبلي للمقاولة الجزائرية: رهانات الحجم، العدد، التسويق، حماية الملكية الفكرية، التسهيلات والمرافقة والتكوين وأخيرا الترويج للمنتوج الوطني عبر المسارات الجهوية والدولية عندما يتوفر على معايير الجودة المطلوبة.
  • حقيقة المؤسسة المحلية تصنع في الخارج ونموذج المقاولة الصينية يؤكد القاعدة وكلما استهدف المقاولون الجدد أسواقا أكثر اتساعا كلما سمح لهم ذلك بتحقيق الجودة وضمان النجاح، والأمر يتطلب: فكرة مقاولة مؤسسة وناجعة، معرفة جيدة باتجاهات السوق، مخططات انتاج وتسويق جيدة وتحكم في تكاليف الانتاج. أما الدولة فترافق المؤسسة التي تحوز على تلك المواصفات وتوفر لها ما أمكن من التسهيلات لتحقيق مقاولة تشاركية لا تعطي قيمة مضافة في الاقتصاد على سلم الأرباح فحسب بل تخدم التشغيل وأهداف التنمية أيضا.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبده الجزائري

    أنقذنا يا والينا عرض حال حي 120مسكن نساهمي بالسوقر ولاية تيارت .رغم أننا نحن سكان الحي نقيم بالمدينة المذكورة أعلاه إلا أننا نشعر وأننا نسكن بأدغال إفريقيا فرغم مرور عشر سنوات على انجاز هذا الحي إلا أننا يفتقد لكل مقومات الحياة من كهرباء وطريق وأرصفة وهاتف وبعد أن وصلتنا أخبار بأننا أجلنا من مشروع تزويد الأحياء بالكهرباءإلى ما بعد 2014 ؟؟؟؟ أما الهاتف الثابت فالمسؤولون ينتظرون أعمدة الكهرباء التي ستنجز ما بعد السنة الم>كورة ليتم تزويدنا بالهاتف الثابت فإلى متى الضحك على أذقاننا ؟

  • عزالين

    أعتقد أننا يجب أنفرق بين مفهوم التشغيل وخلق مناصب العمل من جهة ,استثمارات الشباب من جهة أخرى إذا أردنا للمشاريع أن تنجحز
    1- التشغيل يجب أن يكون بإنشاء مؤسسات وشركات ملك للدولة تشغل البطالين
    2- مشاريع استثمارات الشباب يجب أن تتغير المقاربة بما يجعل المستثمر ملزم أكثر بمشروعه - كأن يقدم دراسة خارجية موثوقة ومساهمة لا تقل عن 30 بالمئة ليكون قابل للتمويل البنكي

  • بدون اسم

    لا أدري ماذا أقول عن مشكلتنا ... أهي نفسية أم ثقافية أم ادراكية..العالم حولنا ينمو ويزدهر ونحن نتراجع ونبقى احينا نراوح مكاننا ... ونرصد الميزانيات الطائلة والترسانات من القوانين والتشريعات ونظهر في الاعلام أننا وأننا؟؟؟؟؟ والنتيجة ليست في مستوى الطموح والاهداف المعلن عنها.. اين الخلل؟؟
    هل درسنا التجارب الناجحة وكذا الفاشلة وما مقومات النجاح واسباب الفشل وما يصلح وما لا يصلح.. وهذا يحتاج الى ارادة حقيقية ومخلصة. وليست من طرف واحد وهي الجهات التنفيذية فقط بل كل الاطراف ذات الصلة.

  • yusuf

    مفهوم العمل ومناصب الشغل عندنا(نظام إشتراكيإجتماعي) هو زيادة البيروقراطية: مثال : شهادة ميلاد كي تستخرجها لازم تدخل للبلدية تلقى حارس(منصب عمل) وحارس الحارس(منصب عمل) وموضف بسيط(منصب عمل) وموظف معقد(منصب عمل) وموظف يقوم بتقديمك لموظف أعلى منه (منصب عمل) وموظف يعرقلك أيام(منصب عمل) وموظف يقدمك لمن يعبي الأوراق(منصب عمل) ....وفي الأخير الذي يوقع على الشهادة غير موجود. وكي نضمن توظيف كل هؤلاء نجعل صلاحية شهادة الميلاد 3 أشهر. وكي نزيد من مناصب العمل نكثر من الوثائث.
    فهمتم أصل البيروقراطية؟

  • الحسين

    كل مساعدات الدولة قروض ربوية المحاربة للذات الإلهية و يتساءلون لماذا لا تنجح التنمية

    ((الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون 275 يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)) [البقرة:275ـ276].
    ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 278 فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ)) [البقرة: 278ـ279].
    صدق الله العظيم
    هذا ما ذكره القرآن في شأن الربا
    و جميع القروض الفلاحية في الجزائر حرام حرام حرا كونها من الربا
    و اعلم أخي الفلاح و المستثمر و الشاب أن جميع من سبقك في أخذ تلك القروض هو يتحصر الآن على ذلك كونه دخل في متاهات خطيرة فهو لم ينجز مشروعه كما يريد و لم يستطع رد القرض
    كما أن الملايير التي تنفق على الفلاحة و على تشغيل الشباب في الجزائر عبارة عن تبذير للمال العام سيحاسب المسئولين على ذلك أمام الله فلا أمل للمحاسبة أمام الشعب
    فهم يحرمون الفلاح الواعي أو الشاب العاطل عن العمل و المبتعد عن الحرام و يدعمون متعاطي الربا و المستعد لأخذ المال مهما كان مصدرها و بالتالي تتبخر تلك الأموال فلاهي أنجزت المراد و لا هي عادت للدولة فيتدخل المسئولين من جديد لمسحها و من ثم إعادة إقراضها من جديد و هكذا دواليك فهناك محروقات
    فلا نحن اكتفينا غذائيا و لا نحن قضينا على البطالة و لا نحن حسنا من معيشة المواطن و لا نحن تقدمنا
    ما يحدث الآن في الجزائر هو كالتالي
    مجموعة تسير البلد حسب ثقافتها الأجنبية البعيدة عن ثقافة الشعب و دينه، فتحفر الأرض و تستخرج المحروقات و تبيعها بالعملة الصعبة ثم توزع جزء منه للفلاحين و المستثمرين حسب ثقافتها و تنشر عن ذلك أرقام داخل أرقام و مسح للديون و تدخل الدولة وووو غيره من العناوين البراقة التي اعتدنا سماعها، إلا أن نسمع إكتفاءا ذاتيا في منتوج فلم نسمعه بعد
    اللهم احفظ الجزائر من سوء التسيير و التصرف و الثقافة الأجنبية آمين فهذا ما ضيع البلد