-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر والعالم: عبقرية حل المعادلات الصعبة!

الجزائر والعالم: عبقرية حل المعادلات الصعبة!

تجد الجزائر اليوم نفسها، ككثير من دول العالم، في ظل وضع متداخل يصعب التكهُّـــنُ بمآلاته فما بالك بالتعامل معه بلا أخطاء. يمكن لأي تصرُّف غير محسوب أن يضع البلد في طريق خاطئ ينعكس على وضعها المستقبلي لسنوات قادمة. كيف تتعامل مع قوى كبرى متصارعة تربطها بها علاقاتُ تعاون كل في مجاله مثل روسيا والولايات المتحدة والصين؟ كيف تتصرَّف مع قوى تقليدية مثل فرنسا تسعى للحفاظ على هيمنتها، وفي الوقت ذاته تنفتح أكثر على قوى صاعدة مثل تركيا تُقدِّم لها يوما بعد يوم الدليلَ على نيتها الفعلية وليست الوهمية في الاستثمار والشراكة الاستراتيجية؟ ما الموقف الذي ينبغي أن تتخذه من تصدير الغاز نحو أوروبا في الوقت الذي قد يكون لقرار الجزائر الأثرُ الكبير على الصراع القائم حاليا بين الغرب وروسيا؟ كيف تحلُّ إشكالية الدعم لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا في ظل وقوف شريكها العسكري الأول روسيا مع طرف آخر؟ كيف تجد مخرجا موضوعيا لعلاقات متوازنة في الوقت ذاته مع إيران وبلدان الخليج العربية وهي التي تربطها علاقاتٌ جيدة مع الطرفين؟ كيف ينبغي لها إدارة ملف القضية الفلسطينية والقمة العربية المقبلة في ظل تطبيع عربي متزايد ومحاولة لجرِّ الجزائر نحوه… الخ؟

وفي أكثر من موقع تجد الجزائر نفسها أمام معادلات صعبة ليس من السهل التعرف على مجاهيلها وحلها الحل الصحيح، ومع ذلك تبدو محصلة إدارة العلاقات الدولية الجزائرية إيجابية إلى حد الآن. تبدو الحلول التي تم الوصول إليها صحيحة على أكثر من وجه، ومن شأن الاستمرار على هذا النهج أن يُمكِّن بَلدَنا من تحقيق مكاسب معتبرة خلال الفترة القادمة إن على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، والأهم من ذلك أن يُجنِّبنا عداواتٍ لا جدوى منها وبخاصة مع القوى الكبرى، فقط علينا الانتباه إلى أمرين في غاية الأهمية:

ـ الأول: الخوف من خسارة دعم حليف استراتيجي كبير كروسيا أو الصين أو الدخول في عداء مع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة، الأمر الذي سيُعيد بعض القوى التقليدية إلى الواجهة ويزيد من تأثيرها على القرار الجزائري وبخاصة فرنسا.

ـ الثاني: الخوف من دفع بلادنا إلى صراعات هامشية عبر الحدود، سواء كانت شرقية أو غربية أو جنوبية، الأمر الذي سيُحوِّلُنا من قادرين على التحكم في خيوط اللعبة الدولية إلى أحد المتلاعَب بهم من قبل أطرافها المختلفة.

إذا انتبهنا إلى هذين الأمرين فإننا سنستمرّ على الطريق الصحيح في فك شفرة المعادلة الدولية الصعبة اليوم. ويبدو لي إلى حد الآن أن هناك ثغرة واحدة ينبغي الانتباه إليها، وهي البطء الملاحظ في تفعيل علاقاتنا  الاستراتيجية مع الصين رغم أهميتها في الجوانب الاقتصادية والسياسية والدور الذي أدّته في السنوات الماضية في إرساء قواعد بنية تحتية قوية في الجزائر.

يبدو أن بعض الدول الإفريقية قد حَلَّت محلنا في السنتين الأخيرتين في هذا المجال، وهي تستثمر بقـوَّة في أداء دور الشريك المستقبلي  المضمون لهذه القوة الكبرى على حسابنا في إفريقيا.

إن نجاحنا في المستقبل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي والأمني يتوقف على مدى قدرتنا على اعتماد علاقات دولية محسوبة بدقة، مساوية لدقة الوضع الاستراتيجي الذي نحن فيه ككثير من دول العالم التي هي في مرحلة الانطلاق نحو استعادة عافيتها الاقتصادية وبناء مكانة لها بين الأمم.

إننا نسير على الطريق الصحيح، إلا أنَّ علينا استباق المخاطر والتنبيه إلى ما هو قادم منها.. ومستقبلنا أفضل بإذن الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • رابح

    أحسنت يا أستاذ....اللهم احفظ الجزائر من كل سوء....