الشروق العربي

الجهل الموروث.. الدعاء عند الأضرحة طلبا للشفاء ممن مات عليلا

صالح عزوز
  • 1844
  • 16

مازال الكثير وللأسف، يتزاحمون على القبب والأضرحة طلبا للنجاة والشفا، وهذا في القرن العشرين، حين أصبح الخير بيّنا والشر بيّنا، ولا يمكن أن تختلط الأمور على الفرد، إلا إذا كان هذا عن قصد منه. الغريب، أن هذه الممارسات أصبحت عند الكثير من الناس وراثة، جيلا عن جيل، وأصبحنا اليوم نقف عند شباب مثقف ومتحضر كما يدعي، لكنه ينحني أمام ضريح من أجل طلب البركة والنجاة والحماية من الحسد والعين.

لا يعلم الكثير من الناس أن مثل هذه الممارسات هي في الأصل شرك بالله، ونحن في بلاد التوحيد، فكيف تطلب الشفاء ممن مات عليلا بعلة، وكيف تدعو من أجل السلامة والحياة من ضريح لم يستطع أن يدفع الموت عن نفسه.. سارت هذه الممارسات المشبوهة عبر الكثير من العصور، ولا أحد استطاع أن يقف ضدها، لأن العديد يعتقد أن الوقوف ضده هو بمثابة الوقوف ضد القدر أو قوة خارقة، يمكن أن تصيبه أو تصيب بعض أهله طامة قد تهلكه. لذا، تجذر هذا الفعل مع مرور السنوات، حتى أصبح عقيدة عند الكثير من الناس، كحال العقائد الأخرى التي لا يمكن للفرد أن يتخلى عنها.

إن مثل هذا الممارسات التي نراها اليوم في مجتمعنا وفي الكثير من الأماكن، دليل صريح على أن الجهل لا يزال متغلغلا بيننا، رغم التطور والعلم والتكنولوجيا وغيرها، التي فضحت كل ما هو زيف وكذب، لكن الكثير من الناس مازال متعلقا بها، ويراها فرض عين وجب الحفاظ عليها، وإلا هلك المجتمع كله لو تخلينا عنها، وهم لا يعلمون أنهم يحاربون التوحيد ويشركون بالله، وأكثر من هذا لا يريدون أن يتناهوا في ما بينهم عن هذا الفعل، وكانوا بذلك مصدرا للشر في المجتمع، والضرب على وتر الخرافات والتشكيك في عقيدة الأفراد، وقد نجحوا فعلا ما دام الكثير من الناس وحتى الشباب وللأسف أصبحوا يحجون إلى هذه الأماكن، من أجل طلب المغفرة والنجاة، والتبرك والحفاظ على المال والولد.

لقد كان من أثر هذه الخرافات أن اهتزت عقيدة الأفراد، وإيمانهم بالقضاء والقدر، وأصبح العديد منهم يتجهون إلى هذه الأماكن طلبا للشفاء والعافية، بدل رفع الأيادي إلى من خلقهم وخلق من هم في هذه الأضرحة، الذين لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، وينتظرون المغفرة من الله. في المقابل، فيه من يطلب المغفرة منهم.

إن هذه الظواهر وغيرها كانت السبب المباشر في زرع الشك في نفوس الأفراد. والغريب، أنه أصبح من الصعب محاربتها، لأن أنصارها يزدادون من يوم إلى آخر، من كلا الجنسين، رغم الدروس والمواعظ، التي يسمعونها أو يشاهدونها عبر الكثير من المحطات، لكنهم مصرون عليها وعلى الإخلال بعقيدتهم وعقيدة غيرهم، وهو شيء مؤسف حين ترى شيخا تجاوز الستين يبكي فوق ضريح ويدعي أنه صالح ويقي الحر والبرد والمرض، ولديه دواء لكل الأسقام، فقط التضرع له بنية صافية، على حد تعبير الكثير منهم.

مقالات ذات صلة