الجزائر
الوزير الأول الأسبق عبد الحميد براهيمي في حوار لـ "الشروق":

الجيش الفرنسي أرسل 14 ضابطا بينهم نزار لاختراق الثورة

الشروق أونلاين
  • 79378
  • 0
جعفر سعادة
عبد الحميد الإبراهيمي الميلي

هاجم عبد الحميد الإبراهيمي الميلي في هذا الحوار من يصفهم بضباط فرنسا، وقال إنّهم اخترقوا الثورة بأوامر من الجيش الفرنسي، وينفي عنهم صفة الوطنية، مؤكدا اعترافهم أنهم مرسلون من طرف الجيش الفرنسي، وقال إن اللواء خالد نزار من بينهم، وأشار إلى إنه قابل بنفسه بومدين أثناء الثورة وحذره منهم، ليكون رد بومدين بأنه يعتبرهم أداة لمهمة معينة “تورنيفيس” ثم تنتهي مهمتهم، لكن هؤلاء يضيف عبد الحميد الإبراهيمي كان لهم مخطط السيطرة على البلاد حيث وضعوا أصدقاءهم في المناصب الحسّاسة في الولايات والسفارات، وأحكموا سيطرتهم على البلاد.

مرحبا بك السيد عبد الحميد براهيمي الميلي في الجزائر التي عدت لها بعد غياب طويل .. في البداية ماذا تقول  لقراء الشروق، خصوصا أنهم كانوا يتابعون نشاطك في الخارج؟

مسرور جدا بعودتي إلى الجزائر بعد مدة طويلة قاربت 25 سنة،  يشرفني العودة لبلدي بعد هذه الفترة الطويلة ورؤية بلدي من جديد، لأنني تربّيت هنا ونشأت هنا وجاهدت هنا وساهمت في معركة البناء، لكن ظروف الحياة أجبرتني على السّفر والاستقرار في الخارج، ومع ذلك تجربتي بالخارج كانت مفيدة ومثمرة.

بالطبع، فقد ألّفت كتبا هناك ولك مساهمات في مؤتمرات ومحاضرات في جامعات، لكننا نريد أن نعرف عن الظرف السياسي الذي عدت فيه للجزائر… هل يمكن أن أنفهم منه شيئا؟ بعبارة أخرى هل سيكون لك دور ما في المستقبل؟

هذا بلدي، وُلدت وكبُرت فيه، وبعد قضاء مدة طويلة في الخارج ومن واجبي أن أعود لبلدي، ولا أريد أن أقول أكثر من هذا .

الجزائريون حاليا يواجهون وضعا اقتصاديا سياسيا صعبا، ما هي النصيحة التي توجهها للجزائريين عموما، وللطبقة السياسية خصوصا وللسلطة تحديدا خصوصا ونحن في أجواء تعديل الدّستور؟

رغم تجربتي ونضالي، ليس بإمكاني إعطاء أي نصيحة ولكن لدي أمنية، فأنت تعلم أن الجزائر لديها تاريخ متين وقوي، وهو بلد نضال وجهاد وبناء وتشييد، نتمنى للجزائر أن تنهض وترتفع إلى أعلى مستوى من التنمية، بما لديها من إمكانيات بشرية ومالية.. الجزائر مؤهلة للتطور والتقدم بفضل ما تملكه من خيرات طبيعة لديها ساحل طويل ولديها صحاري غنية بالبترول والمعادن المختلفة، ولديها إمكانيات فلاحية استثنائية، فضلا على الكفاءات الموجودة في الجزائر وكل ذلك يؤهلها لتجاوز الصعوبات الحالية.

يعني بالمختصر أنه رغم هذه الإمكانيات الكبيرة إلا أننا نواجه أزمة اقتصادية كبيرة بسبب انهيار أسعار البترول، ألا تعتقد أن هذا إخفاق كبير للذين حكموا البلد خلال الفترة الأخيرة؟     

الجزائر لها من الإمكانيات لمواجهة أي أزمة، وباستطاعتها تجاوزها، وأنت تعلم أنها أزمة دولية.

تقصد انهيار أسعار البترول؟

ليس تهاوي أسعار البترول هي أزمة شاملة، ومع ذلك أن أعتقد أن الجزائر وفق المعطيات الحالية وبإمكانياتها البشرية والمالية ستتغلب على هذه الأزمة والخروج منها أقوى.

هل تابعت التّغيرات الحاصلة في المدة الأخيرة في الجزائر، خاصة التغييرات الكبرى في مؤسسىة الجيش، وإعادة هيكلة المخابرات؟

خرجت من الجيش منذ مدة ولا أتابع ولن أعلّق… 

في كتابك “في أصل المأساة الجزائرية ـ شهادة عن حزب فرنسا الحاكم في الجزائر”، دونت انتقادات لاذعة للمتسببين في الأزمة الجزائرية، ماذا تقول الآن في هؤلاء ؟

ليس لدي ما أضيفه على ما قلته في الكتاب، ما قلته كان بصدق وإخلاص.

والآن هل من مؤشرات لتجاوز هذا الوضع؟

ما أتمناه أن يتم تجاوز الوضع الصعب الذي نعيشه، وأتمنى أن يكون المسؤولون في المستوى ليقودوا البلاد بإخلاص وصدق وحب للوطن، وأتمنى أن يتم التّغلب على هذه الجماعة التي تسببت في الأزمة.

واضح أنك لا تريد الخوض كثيرا في أسئلة الراهن، وعليه نعود بك إلى الماضي وتحديدا عند مغادرتك للوطن قبل 25 سنة، كيف تصف التجربة، نرجو أن تحكي لنا كيف خرجت من الجزائر؟

خرجت من الجزائر وتركت العائلة، وكان ذلك بعد أن جاءني أستاذ عرفته في الجامعة الفرنسية، عرض علي إلقاء محاضرات في جامعة بواتيي الفرنسية، هذا الأستاذ جاءني إلى البيت مع سفير فرنسا في الجزائر، وقال لي تجرب معنا لمدة شهر، وعرضوا علي مرتبا شهريا محترما مع التكفل بجميع مصاريف السفر والإقامة فوافقت…وقد اعتبرتها تجربة وفرصة، حيث ذهبت لمقابلة عميد الكلية آنذاك توري رشيد، والذي درست عنده في ثانوية باتنة وكان أستاذا ممتازا في الرياضيات، كان يأتي القسم دون كتاب أو ورقة ويقدم دروسه على أحسن وجه وأنا كنت معجبا به جدا، حيث ذهبت وأطلعته على عرض الجامعة الفرنسية ولم يعترض، وسافرت بعدها، ومن هناك اتصلوا من أمريكا لإلقاء محاضرات في جامعة واشنطن  وفي جامعة جورجتاون.

كانوا مهتمين بالجانب العلمي الأكاديمي لديك، أم بتجربتك في تسيير البلاد خاصة في منصب وزير أول سابق؟

هم يهتمون أكثر بالجانب العلمي، فالأمريكيون براغماتيون، يهمهم العلم فقط،

ولكن لهم رغبة كذلك في فهم الشعوب العربية وأنت كنت وزيرا أولا ولك تجربة كبيرة.

ما فهمته أنا هو أنهم هم يريدون التجربة الأكاديمية، حتى أنني لم أمارس السياسة هناك، ولم أطلق أية تصريحات سياسية، وكنت أتنقل بين خمس جامعات أمريكية أحاضر وأشارك في الندوات والملتقيات المختلفة.

في هذه المرحلة هل كنت تتابع الوضع في الجزائر؟

طبعا كنت أتابع الوضع من خلال ما تكتبه الصحافة ومن خلال الانترنت فيما بعد.

متى ألّفت كتاب “في أصل المأساة الجزائرية”ّ؟

ألفته مطلع سنة 1989 حيث اعتكفت عليه وكتبته في ظرف ستة 6 أشهر وهو كتب ضخم يفوق 400 صفحة، وقد كتبته عن قناعة بكل تأثر عن حال الجزائر حينها.

أنت معروف بانتقاداتك اللاذعة لحزب فرنسا، وقد تناولتهم في كتابك، هل تعتقد أن تخلصت الجزائر من حزب فرنسا؟

لست أدري (يضحك مطولا) في الواقع فإن حزب فرنسا ليست قضية سهلة

بمعنى غير واضح للعلن؟

أنا ألخص تعريفي لحزب فرنسا بأنه إن كنا نحن نتجه إلى مكة عندما نصلي، فهم يصلّون نحو “التوريفال” أي فرنسا.

طبعا خطرهم كان أكبر لما أصبحت بيدهم مفاتيح المسؤولية؟

هم لديهم نظرة خاصة تنهل من فرنسا، وهم مرتبطون وجدانيا وفكريا مع فرنسا.

تاريخيا، وأنت مجاهد كبير وتعرف حقيقة التطورات وجذور الأزمة.. من يتحمل مسؤولية تغلغلهم وتحوّلهم، إلى مناصب عليا في الجيش، هل يتحملها الرئيس الراحل بومدين كما يقول البعض؟

بومدين عرفته، كنت أزوره على الحدود التونسية، وقد التقيت به يوما وكان الظرف هو التحاق الضباط الفارين من الجيش الفرنسي، وقلت له “يا سي بومدين لك مني  نصيحة لله وفي الله…أنا في الخطوط الأمامية أمام العدو الفرنسي، ولا أعرف إذا كنت سأعيش لأحضر الاستقلال أم لا وأنا لست مرتاحا لهؤلاء الضباط الفارين من الجيش الفرنسي والملتحقين بصفوف الثورة”، وهنا أسجل أن بومدين كان يستمع إلي ويمسك بـ “موسطاشه” وعندما أكملت حديثي قال بومدين: “يا سي عبد الحميد هؤلاء بالنسبة لي مثل ” التورنيفيس”  سأستعملهم ما يديرو والو…”، فأجبته: “راك غالط، هؤلاء النّاس عندهم خطة للمستقبل” وفعلا قناعتي أن هؤلاء كانوا مبعوثون من قبل الجيش الفرنسي باعتراف هوفمان نفسه و14 ضابطا معه كلهم اعترفوا أنهم مرسلون من قبل الجيش الفرنسي بمن فيهم خالد نزار وهذا هو الواقع.

من الواضح أنّ بومدين استخدم الفارين من الجيش الفرنسي لمصلحته، ماذا حدث بعد بومدين؟

كان لهم مخططهم، ولما وصلوا إلى الرئاسة، عملوا وجمعوا أصدقاء بمختلف المناصب بالسفارات والولايات، بومدين كان صامتا وهادئا، وكان يقول إنهم “ما يديرو والو” لم يكن متخوفا منهم، رغم تحذيراتي المتكررة منهم.

 

ربما لم يسيطروا في عهد بومدين، لكن في عهد الشاذلي أصبحوا الأمر الناهي أليس كذلك؟

في عهد الشاذلي بن جديد لم يكن لهم دور كبير، الشّاذلي كان إنسانا وطنيا ومخلصا وصادقا.

مقالات ذات صلة