جواهر
المؤطرون استقبلوها بالتمر والحليب

الحاجة عائشة.. سنينها الـ73 لم تثنها عن اجتياز البكالوريا

ن. مازري
  • 4261
  • 5
ح.م

كانت الحاجة بولالي عائشة، على موعد مع معاودة الكرّة، بمركز إجراء امتحان شهادة البكالوريا بثانوية “بن سليمان بوعمامة” ببشار، لاجتياز الامتحان للمرة الثامنة دون كلل أو ملل، موعد ظلت تنتظره كل سنة، بكل عزيمة، وإرادة قوية، وكلها أمل لنيل هذه الشهادة.

لم يثن الحاجة عائشة، عن إصرارها على النجاح، كبر سنها، ولا تنقلها من مدينة القنادسة التي تبعد عن مركز الامتحان الذي تغير هذه السنة، لتقطع بذلك 18 كلم يوميا، لإجراء امتحان شهادة البكالوريا دورة جوان 2021 بمركز إجراء الامتحان “بن سليمان بوعمامة” ببشار.

بثانوية “بن سليمان بوعمامة”، كان للحاجة بولالي عائشة، استقبال خاصة من قبل رئيس المركز، ومؤطريه، أين قُدم لها التمر، والحليب، استقبال نوهت به الحاجة عائشة، التي أفادت خلال حديثها، بأن حفاوة الاستقبال التي كان لها أثر كبير على نفسيتها، زادت من عزيمتها، مُضيفة، أنها ظلت طيلة السنوات الثماني، تحفظ الدروس كمترشحة صغيرة السن، مؤكدة بأن إصرارها على نيل الشهادة، جعلها تلجأ إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية استعدادا لهذا الحدث الذي أصبح هدفها المنشود.

الحاجة بولالي عائشة البالغة من العمر 73 سنة، لم تكن قبل أكثر من عقدين من الزمن، تفقه شيئا، بل غير قادرة حتى على الكتابة، أو القراءة، تمكنت بعد كل هذا العمر أن تخط بأنامل أصابعها كل ما يختلج في نفسها لتعبر عنه بالكتابة، بل أصبحت نموذجا للمرأة الجزائرية في تحديها حسب شهادات كل الذين يعرفون قصتها مع شهادة البكالوريا، حيث التحقت بمدرسة محو الأمية سنة 1999، وبعزيمة لا مثيل لها، تقول الحاجة عائشة أن قوة خفية في داخلها، ظلت تدفعها نحو نور العلم، حيث كانت البداية بحلقات المسجد الذي ألح زوجها الكفيف على حضورها لتتعلم أبجديات الكتابة والقراءة، ومبادئ الصلاة والوضوء، حسب حديث سابق لها، حيث لم تمض السنة الأولى، حتى تعلمت نطق الحروف، والكتابة، لتقرر بعدها العزم، واضعة نصب عينيها طلب العلم.

الحاجة عائشة التي لم يسبق لها أن التحقت بالمدارس، سردت حكايتها مع مهنتها كخياطة ماهرة، ظلت تعتمد عليها كمصدر رزق لها طيلة حياتها، قبل أن تشغف بحب العلم، فقررت تحدي الأمية بإرادة قوية أثبتت أن المرأة قادرة على قهر الجهل. للإشارة فإن الحاجة عائشة من مواليد 1948 بدائرة القنادسة، معقل الزاوية الزيانية، ربة بيت ماهرة في الطبخ، ربت أبناءها على الأخلاق العالية، ظلت طيلة خمسين سنة تعيش في براثين الجهل، فتحولت إلى معلمة، بل رئيسة مكتب بلدي لمحو الأمية، فعلمت أحفادها حفظ القرآن وتجويده، غير أنها كانت تتخلى عن الخياطة كلما اقترب موعد الامتحان، لتعكف طيلة أسابيع على مراجعة دروسها، لا همّ لها سوى كتبها التي ترتبها أمامها بكل دقة، وأملها نيل شهادة البكالوريا شعبة آداب وفلسفة، بعد 73 سنة، والالتحاق بجامعة بشار التي لازالت تحلم بولوجها، كلما شاهدت بنات مدينة القنادسة يركبن الحافلة، متجهات نحو ذلك الصرح العلمي الذي أصبح على مرمى حجر منها.

مقالات ذات صلة