-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحاج‮ ‬اللمسي‮ ‬ينشر‮ “‬المنتقد‮”‬

الحاج‮ ‬اللمسي‮ ‬ينشر‮ “‬المنتقد‮”‬
  • للحاج الحبيب اللمسي التونسي، صاحب “دار الغرب الإسلامي” ببيروت همّة تتحدى العقاب، وتقتحم الصعاب، وها هو يضيف مكرمة جديدة إلى تالد مكارمه التي أسداها إلى الجزائر، التي لم يقدّره مسؤولوها، وقدّروا كثيرا ممن ليسوا على ملّتها واعتقادها، وكادوا لها كيدا.
  • إن هذه المكرمات “اللمسيّة” تتمثل في نشر ما عجزنا نحن الجزائريين – خواصا ومؤسسات رسمية- عن نشره من تراثنا، أو ما أعرضنا عن نشره، جهلا بقيمته، أو استهانة به، واستقلالا لجدواه، وعندما نشرنا بعضه شوّهناه تشويها كبيرا، لأن الأمر تولاّه من ليس أهله. وما أريد بنشره‮ ‬إلا‮ ‬تحقيق‮ ‬مكاسب،‮ ‬أو‮ ‬ذرّ‮ ‬رماد‮ ‬في‮ ‬العيون‮.‬
  • إن الإنجاز الجديد الذي أتحفنا به الحاج الحبيب اللمسي هو نشره نشرا جيدا لجريدة “المنتقد” للإمام عبد الحميد بن باديس، التي لم يصدر منها إلا ثمانية عشر عددا، حيث صدر العدد الأول في 2 جويلية 1925، ثم أوقفتها السلطات الفرنسية في 29 أكتوبر 1925، بعدما ضاقت ذرعا هي وجماعة »اعْتَقِد ولا تَنْتَقِد« بحُجَّتِها الواضحة، ولهجتها الفاضحة لسماسرة الدين، ومخدري الشعب، ونيتها الصادقة في النصح لله عز وجل، ولكتابه القويم، ولرسوله الكريم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وقد كان أحد الساعين لتوقيفها منذ عددها الثاني “شخص” سماه‮ ‬الإمام‮ ‬ابن‮ ‬باديس‮ »‬الشيطان‮ ‬الساذج‮ (‬1‮)«‬،‮ ‬ووصفه‮ ‬بـ‮ »‬المخلوق‮ ‬العجيب‮«. ‬وإذا‮ ‬كان‮ ‬الشيطان‮ ‬في‮ ‬نفسه‮ ‬مكروها‮ ‬ومبغوضا‮ ‬فكيف‮ ‬إذا‮ ‬أضيفت‮ ‬إليه‮ ‬صفة‮ ‬تدل‮ ‬على‭ ‬حقارته‮ ‬ووضاعته‭..‬‮!‬؟
  • إن »المنتقد« “تُعَدُّ الجريدة العربية الجزائرية الأولى التي جمعت الأقلام الإصلاحية المتمثلة في الشباب العربي المثقف العائد من جامع الزيتونة، والأزهر، ومعاهد الشام، والحجاز بعد الحرب (2)«، وقد أكمل الحاج اللمسي لنا بِنَشْرِ »المنتقد« سلسلة أهم الجرائد الإصلاحية، إذ سبق له نَشْرُ »الشهاب« للإمام ابن باديس، والسنة النبوية المحمدية، والشريعة النبوية المحمدية، والصراط السوي، والبصائر في سلسلتها (الأولى والثانية)، والشاب المسلم باللغة الفرنسية، وهذه الجرائد كلها لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
  • وأسمح لنفسي أن أتَحَدَّثَ باسم الحاج اللمسي -لما أعلمه منه- أنه على أتم الاستعداد لنشر بقية الجرائد الوطنية الجزائرية، لأنها المصدر الصحيح الذي يؤرخ للشعب الجزائري في ليل الاستعمار الفرنسي في المجالات السياسية، والدينية، والاجتماعية، والأدبية.. حيث لم يكن الوقت والقهر الفرنسي يسمحان لأولئك الأسلاف أن ينكبوا على تأليف الكتب في تلك المجالات.. فمن يملك أية مجموعة من هذه الجرائد الوطنية فليتقدم بها لنشرها، فإن لم يفعل وتركها للضياع فقد ارتكب جرماً عظيما، وأتلف كنزا لا يعوض. سيستغرب كثير من الناس احتفاءنا بإعادة نشر جريدة لا يتجاوز عدد صفحاتها كلها 74 صفحة، ولا يستغرب هذا إلاَّ من جهل الحال في الجزائر، وذلك لأن ما فعلته فرنسا في هذه الجرائد الوطنية يشبه ما يفعله الجَرَاد.. وإذا كان آباؤنا لم يحتفظوا بهذا التراث الصحفي المجيد فَلِخَوْفِهم من بطش السلطات الفرنسية بكل من تقبض عليه مُتَلَبِّسًا بـ »جريمة« قراءة هذه الصحف، أو الاحتفاظ بها، لأن هذه الصحف – منذ »المنتقد« و»الشهاب« أعلنت أن »الوطن قبل كل شيء« (*)، وما كانت هذه اللفظة يومئذ تجري على لسان أحد بمعناها الطبيعي الاجتماعي العام، لجهل أكثر الأمة بمعتاها هذا، وعدم‮ ‬الشعور‮ ‬به،‮ ‬ولخوف‮ ‬أقلها‮ ‬من‮ ‬التصريح‮ ‬به‮ (‬3‮)«.‬
  • ولهذا‮ ‬فالعثور‮ ‬على‭ ‬عدد‮ ‬واحد‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬الجرائد‮ ‬كالعثور‮ ‬على‭ ‬كنز‮ ‬من‮ ‬الكنوز‮.‬
  • اذهب – إن شئت- إلى أي مركز من المراكز المهتمة بالمحافظة على الصحف في الجزائر قبل استعادة الاستقلال واطلب مجموعة جريدة »المنتقد«، أو »الشهاب«، أو »الفاروق« أو »الأمة« أو غيرها من الجرائد الوطنية  – وكلها أنشئت في النصف الأول من القرن العشرين- فستجاب بأنها مفقودة، وإن وجدتها فلن تجدها كاملة، ولا في حالة سليمة؛ وكذلك إن طلبت جريدة »المبشر« التي أنشأتها فرنسا في سنة 1847 لتضليل الجزائريين وتخديرهم فستجد الجريدة ـ وما على شاكلتها ـ متوفرة من عددها الأول إلى آخر عدد صدر منها في سنة 1926.
  • إن فرنسا لم تكتف بالقتل المادي للجزائريين؛ بل كان قتلها الأشنع؛ وفتكها الأفظع هو ما سماه الإمام ابن باديس »الموت الفكري« الذي سلطته علينا، وما تزال تسلطه علينا بسرقتها لأرشيفنا الوطني، أي ذاكرتنا. ومع ذلك فإن »بعضنا« يحبها حبا جما، ويعمى عن غيرها من العالم حتى لتربص الفريق الوطني!!! . ولهذه الاعتبارات أعد عمل الحاج اللمسي نوعا من الجهاد لإنقاذ هذا التراث الأصيل، الذي قضى أكثر من ربع قرن في جمعه عددا عددا ـ وأحيانا ضفحة صفحة ـ دون كلل أو ملل، ووراء كل عدد ما وراءه من جهود كثيرة وأتعاب كبيرة، يزيدها تعبا جحود‮ ‬بعضنا،‮ ‬ممن‮ ‬يرون‮ »‬الراي‮« ‬هو‮ ‬تراثنا‮ ‬الذي‮ ‬يستحق‮ ‬العناية،‮ ‬ويستأهل‮ ‬الاهتمام‮ ‬والرعاية،‮ ‬وينفق‮ ‬على‭ ‬مهرجاناته‮ ‬والمهرجانات‮ ‬الأخرى‮ ‬بغير‮ ‬حساب،‮ ‬ويا‮ ‬وليل‮ ‬العابثين‮ ‬بمال‮ ‬الأمة‮. ‬
  • لقد شاء الله ـ عز وجل ـ أن تكون أول جريدة أنشأها الإمام ابن باديس ـ وهي المنتقد ـ هي الأخيرة في إعادة النشر، بعد »الشهاب« وجرائد الجمعية الأخرى، وذلك لندرتها، ولبخل من كان يملكها حتى فسدت، ثم سلمها لمن أعاد تصفيفها فبدلها تبديلا، وغيرها تغييرا. ندعو الله ـ عز وجل ـ الذي وعد بإجابة الداعي إذا دعاه أن يمن بالشفاء على حبيب الجزائر الحاج اللمسي، وأن يمتعه بالصحة ما أبقاه، وأن يحييه ما كانت الحياة خيرا له، وأكرر على مسمعه ما قاله فيه الإمام أحمد سحنون ـ رحمه الله:
  • يا‮ ‬حبيبا‮ ‬لكل‮ ‬نفس‮ ‬ويا‮ »‬لمسي‮« ‬
  • وأنلت‮ »‬عبد‮ ‬الحميد‮« ‬يدا‮ ‬جلّـ
  •  
  • لمست‮ ‬المنى‮ ‬بنشر‮ ‬الكتاب‮ (‬‭**‬‮)‬
  • ت‮ ‬فأكرمته‮ ‬بطبع‮ »‬الشهاب‮«. ‬
  •  
  • 1‮) ‬جريدة‮ »‬المنتقد‮« ‬ع‮ ‬3‮ ‬في‮ ‬16‮ ‬جويلية‮ ‬1925‮  ‬ص‮ ‬3‮ ‬‭.‬‮ ‬
  • 2‮) ‬محمد‮ ‬ناصر‮: ‬الصحف‮ ‬العربية‮ ‬الجزائرية‮. ‬ط‮. ‬دار‮ ‬الغرب‮ ‬الإسلامي‮ . ‬ص‮ ‬95
  • ‭*‬‮) ‬ينسب‮ ‬بعض‮ ‬الناس‮ ‬هذا‮ ‬الشعار‮ ‬للسيد‮ ‬محمد‮ ‬بوضياف،‮ ‬والحقيقة‮ ‬هي‮ ‬عندما‮ ‬كتب‮ ‬الإمام‮ ‬ابن‮ ‬باديس‮ ‬هذا‮ ‬الشعار‮ ‬في‮ ‬رأس‮ ‬جريدته‮ »‬المنتقد‮« ‬كان‮ ‬بوضياف‮ ‬في‮ ‬السادسة‮ ‬من‮ ‬عمره‮.‬
  • 3‮) ‬مجلة‮ ‬الشهاب‮ . ‬ج1‮. ‬مجلد‮ ‬14‮. ‬في‮ ‬مارس‮ ‬1938
  • ‭**‬‮) ‬المقصود‮ ‬بـ‮ »‬الكتاب‮« ‬هو‮ »‬القبس‮ ‬في‮ ‬شرح‮ ‬موطأ‮ ‬مالك‮ ‬بن‮ ‬أنس‮« ‬لأبي‮ ‬بكر‮ ‬بن‮ ‬العربي‮. ‬و‮»‬عبد‮ ‬الحميد‮« ‬هو‮ ‬الإمام‮ ‬ابن‮ ‬باديس،‮ ‬صاحب‮ ‬مجلة‮ »‬الشهاب‮«. ‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • ناصر الحق

    أخشى ما أخشاه أن يستفرد النظام المصري بغزة

  • إبراهيم

    شكـــــــرا لكـم لأنــكم رفعتم إعلام الجــــزائــــر عاليا.

  • boucif

    الذي يؤدي واجبه لا ينتظر الشكر من أحد،فأقول لقراء الشروق اقتدوا بها وأدوا واجباتكم اتجاه وطنكم كما فعلت هذه الجريدة،أو ليس صحافيوها أناسا مثلكم.
    المنتخب الوطني هو أيضا يؤدي في واجباته اتجاه وطنه أيها الشعب أدوا واجباتكم اتجاه وطنكم.
    وسنرى يوم الخميس كيف يفوز المنتخب الوطني على شقيقه المصري كما في السودان لكن هذه الكرة بفارق هدفين لأنها تلعب في تاريخ 28 وسابقتها لعبت في تاريخ 18 والنصر للخضر........................................................تحيا الجزائر

  • fatima

    السلام عليكم تعتبر احسن جريده جزائريه ردت الاعتبار لبلدها تحيا الجزائر والفوز للخضر وفقكم الله ودمتم فخرا للجزائر

  • ابكور عبقرينو

    اشكر جريدة الشروق راني معك يا الجزائر راني معك ياالخضر وا كمال الريح تانيbravo

  • محمدالناصر

    شكرا لكم أستاذنا الفاضل محمد الهادي الحسني ، على إيلاء
    أهل الفضل هذا الاهتمام ، وخاصة الذين يهتمون بنشر تراثنا
    الغالي بأمانة ونسأل الله الهداية فمن يبخل فإنما يبخل عن نفسه
    والعلم وحده الذي إذا أنفق منه صاحبه ازداد.

  • رحيل

    راني معك يا الجزائر راني معك ياالخضر وندعيياربي جبو المونديل باربي شاالله في خطر حليش وزياني وبوقرة وغزال وكريم مطمور شااللهندوها زكرى في المصر

  • أمين

    أشكر جريدة الشروق على نشر مثل هدع المواضيع وأسألكم المزيد المزيد مثا هده المواضيع

  • ahmed

    bravo monsieur