-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحبّ في بلاد الكراهية

الحبّ في بلاد الكراهية

عندما قرأنا في الصُّحف والمواقع الفرنسية، عن الشاب مصطفى صاحب الثلاثة والعشرين ربيعا، وهو يتقدم إلى بلدية بيزيي الفرنسية من أجل عقد قرانه على شابة فرنسية في التاسعة والعشرين ربيعا، وعن رفض رئيس البلدية “روبير مينار”، وطائفة من الفرنسيين العنصريين، تذكّرنا القصص الرومانسية الفرنسية التي ملأت الدنيا عاطفة، حتى ظننا بأن باريس هي عاصمة النور والحب، والجن والملائكة والرومانسية..

وانتظرنا طوفانا من العاطفة على شاكلة قصص الحب الفرنسي التي قرأناها، مثل “بول وفارجيني” التي قدّست الحبيبة التي ارتضت أن تأكلها أمواج البحر، على أن ينقذها من الموت غرقا ذراعَا رجلٍ غير حبيبها بول، ورواية “سيرانو دي برجراك” الذي كتم حبه عن ابنة عمه وعاش لإسعادها مع من أحبّته، وأغاني “إيديث بياف وميري ماتيو وليو فيري وكلود فرانسوا” التي أطربتنا، دفاعا عن الشاب مصطفى الجزائري وحبيبته ميليسا الفرنسية، وانتظرنا بيقين مشاهدة موائد ومناظرات جدل كبير ينتهي بنصرة الحب في بلاد قيل عنها إنها عاصمة للحب، من خلال شعارها المنادي بـ”الحرية والمساواة والأخوّة”، ولكننا علمنا في اليوم الموالي باتِّهام الشاب الجزائري بالسعي لأجل زواج أبيض، من أجل البقاء في فرنسا، ولم ينفع توسّل حبيبته الفرنسية، ولا دموعها، وتم تهجيره، في رحلة من دون عودة من مطار مارسيليا إلى الجزائر العاصمة، لتُقبر هذه القصة، في بلاد الكراهية.

ليس تضامنًا مع هذا الشاب الذي لا نعرف عنه شيئا، ولا مع هذه الفرنسية التي لا ندري لها أصلا، ولا مع العاطفة التي جمعتهما، ولكن ما يهمنا في الحكاية هو تناقض الفرنسيين وحقيقتهم، التي صارت تتجلى من خلال الأفعال وليس الأقوال والتهديد، ولا نظن بأن قصة مماثلة وقعت في أي بلاد في العالم.

لقد قال فرنسيون إن الرفض سببه الفارق السنّي بين الشاب والشابة، وكلاهما في سن الربيع، ونحن نعلم والفرنسيون يعلمون بأن الفارق السنّي بين رئيسهم ماكرون، وزوجته برجيت يفوق 24 عاما.

وقال فرنسيون إن الرفض سببه بحث الشاب عن وثائق الإقامة ووجوده في حالة إقامة غير شرعية، قبل الزواج، وحبيبته نفت ذلك جملة وتفصيلا، ووعدت باللحاق به إلى الجزائر لإتمام الزواج.

وقال فرنسيون إنهم يطبّقون القانون، ولا يوجد في القانون الفرنسي ما يمنع زواج شابة فرنسية من أي جنسية أرادت حتى ولو كان يقبع في السجون، وكلنا نعلم بأن نجوم الكرة في فرنسا من الذين تقمّصوا ألوان المنتخب الفرنسي، وحققوا له الألقاب، ومنهم إيريك كونتونا وإيريك آبيدال وفرانك ريبيري متزوجون جميعا من نساء جزائريات.

قرأنا مرة تعليقا في شكل عمود رأي، في جريد “فرانس سوار”، عن خبر ورد في الجزائر، عن مطاردة الأمن للعشاق غير الشرعيين في عيد “الحب” المصادف للرابع عشر من فيفري، وتساءل كاتبه عن بلاد لا تريد للحب أن يعيش بين أهلها، وانتهى بالقول إن البلد الذي يرفض الحب، هو بلد كراهية وأحقاد، ولأن التاريخ يعيد نفسه ولو بالمقلوب، فإننا نرى ونؤكد بأن ما حدث لمصطفى وميليسا في بلدية بيزيي، هو حب في بلاد الكراهية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!