-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
هجرها مرتادوها إلى المنتزهات وساحات الألعاب في العاصمة

الحدائق “الكولونيالية”.. أماكن هادئة تبحث عن ضجة الزوار!

روبورتاج: مريم زكري
  • 1919
  • 0
الحدائق “الكولونيالية”.. أماكن هادئة تبحث عن ضجة الزوار!
أرشيف

تتمتع العاصمة، بحدائق عريقة، ومنتزهات جميلة، يرجع تاريخها إلى عقود بعيدة، فهي تضفي اليوم طابعا جماليا وسياحيا على المدينة، كما أنها تخفف من وطأة ضجيج المدن وحركة السيارات، ويضيف ديكورها الأخضر شغفا حيث يمنح زوارها الكثير من الهدوء والراحة.
ولكن بعض هذه الحدائق التي تشتهر بها العاصمة، تحولت إلى أماكن مهجورة، فقدت مرتاديها وزوارها من العائلات والأطفال الذين كانوا يأتون إليها في سنوات مضت.

المنحرفون والمدمنون يفسدون هدوء الحدائق العتيقة
“تونس” و”تيفاريتي” و”الحرية”، وغيرها من الحدائق أو ما تعرف بـ ” الحدائق الكولونيالية” التي يعود تاريخ تشييدها إلى ما قبل الاستقلال، وهي عبارة عن “كنوز خضراء” هجرها زوراها في الآونة الأخيرة، ولم يتبق من مرتاديها إلا القليل من المسنين وبعض المشردين، وأحيانا شباب منحرفون يقصدون المكان من أجل استهلاك الممنوعات، بعيدا عن أعين الرقابة، وهو ما وقفت عليه ” الشروق” خلال جولة قادتها إلى بعض هذه الحدائق.
وبداية جولتنا كانت نحو “حديقة الحرية”، أو ما تعرف سابقا ومنذ الحقبة الاستعمارية الفرنسية “بارك دو غالون”، فهي تصنف من بين أجمل الحدائق العامة التي تزخر بها الجزائر العاصمة.
وتقع “حديقة الحرية” في أعالي شارع ديدوش مراد، وبمحاذاة المتحف الوطني للآثار القديمة، وتعتبر واحدة من أجمل الحدائق بالعاصمة، تم بناؤها على منحدر، وحسب بعض المعلومات التاريخية المدونة بالمدخل، ترجع فترة تشييدها إلى عام 1915 على يد الفرنسي “شارل دو غالون”، الذين كان حاكما على المدينة، وتم إعادة تهيئتها وتجديدها سنة 2018.
ودخلنا المكان بحذر عبر البوابة العلوية المحاذية للمتحف الإسلامي، أين كان السكون الغريب يخيّم على المكان، ولا تسمح من حين إلى آخر، سوى أصوات بعض الطيور المتواجدة بأقفاص معروضة أمام الزوار، حيث تضم تلك الأقفاص طيورا جميلة من بينها أنواعا عديدة من الطاووس والحمام، وإلى جانب أنواع أخرى من الحيوانات على غرار الأرانب وغيرها.
وتجولنا بالمكان، منتهزين الفرصة لالتقاط بعض الصور، قبل أن يصادفنا أحد المشرفين على الحديقة، والذي كان يقوم بتنظيف النافورة، فاقتربنا منه، واستفسرنا سبب خلو المكان من الزوار.
وقال المتحدث، إن الحديقة لم تعد كما كانت سابقا، إذ تحولت إلى مكان شبه مهجور، يستقبل بعض المنحرفين الذي يجدون ضالتهم أثناء استهلاك المخدرات والحبوب المهلوسة، وتأسف المشرف على عملية التنظيف، لمثل السلوكيات والظواهر التي أصبحت تميز معظم الحدائق بالعاصمة.
وتحدث عن تاريخ تشيد “حديقة الحرية”، ومكانتها في مرحلة سابقة، مضيفا أن اغلب العائلات حاليا غيرت وجهتها نحو المنتزهات العصرية، وفضاءات التسلية، فيما غاب الزوار هنا، رغم ما يتميز به المكان من الهدوء والراحة والسكينة.
ولم يفوت المتحدث الفرصة لإبراز خصوصية المكان وامتيازاته، قائلا إنها تضم أنواعا مختلفة من النباتات الخضراء التي تملأ أركانها، وهي نادر في منطقة شمال إفريقيا.
وتضم “حديقة الحرية” أشجارا متنوعة، مثل الصنوبر والنخيل، وكما تتوسط الحديقة نافورة مياه كبيرة، ويوجد بها مقاعد حجرية، موزعة في كل جهة، ليستريح عليها زوارها الباحثين عن فضاء للسكينة والهدوء والتقاط الصور.
وعند دخول الحديقة، تقابلك صخرة كبيرة حولها حوض ينساب منه الماء، محدثا خريرا ممزوجا بزقزقة العصافير، إذ يوحي إلى الزائرين أنهم داخل غابة وليس مساحة خضراء تتوسط بنايات وشبكة عمرانية كبيرة.

حدائق العاصمة.. فضاءات سياحية وكنوز تاريخية مهجورة
وبعض الحدائق التي كانت ضمن جولة “الشروق”، وجدناها مفتوحة أمام المارة من الزوار والسياح، فبمجرد المرور أمامها يتملكك الفضول للدخول إليها، ويجذبك ديكورها الجميل وهندستها العتيقة، بالرغم من كون أغلبها تقع في قلب العاصمة، وسط ضجيج السيارات، إلا أن الجلوس فيها، يبعث الكثير من الراحة والهدوء، وهو ما عبرت عنه فادية سيدة خمسينية، قابلناها صدفة بحديقة” الساعة الزهرية”، أين تعودت على زيارة هذه الجنة الصغيرة – على حد وصفتها.
وقالت فادية، إن الكثير من السكان لا يعرفون قيمة مثل هذه الأماكن، مضيفة: “بالرغم من مساحتها الصغيرة، إلا أن الذهاب إليها يوميا يجدد نشاطي وطاقتي، فهي فرصة للاختلاء بنفسي والاستمتاع بجمال الواجهة البحرية للمدينة”.
وأكدت المتحدثة، تعودها على زيارة المكان بشكل يومي حيث أحيانا تجلس بمفردها لساعات طويلة، فلا يقاطع خلوتها، سوى بعض المراهقين والأزواج غير شرعيين، على حد تعبيرها، لقضاء وقت بعيدا عن نظرات المارة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!