الرأي

..”الحديد ليه”!

جمال لعلامي
  • 2661
  • 2

أصبح “الزوالي” يخاف من النزول إلى السوق، فهناك والعياذ بالله، “ذبّاحين” في انتظاره، رغم أنهم “زوالية” مثله، لكن الأزمة علمتهم كيف يجب أن “يسلخوا” الآخر حتى لا يُسلخون هم، لكن الغريب أن مصالح المراقبة وقمع الغش تبقى تتفرّج، مكتوفة الأيدي، تهدّد وتتوعّد ولا تفعلا شيئا، مثلها مثل الذهب الذي عندما لم يقدر على إمساك الدجاج أدخل ذيله إلى الخمّ وشرع في تحريكه، حتى لا يرقد الصيد الذي عجز عن اصطياده وكفاه شرّ القتال!

ما يحدث في الأسواق منذ انطلاق أو إطلاق “دعاية” ارتفاع أسعار كلّ شيء، عمّق الفوضى والعشوائية، فتجار التجزئة يمسحون “الموس” في تجار الجملة، والعكس بالعكس صحيح، ووزارتي التجارة والفلاحة تتهم مستوردين ومنتجين برفع التسعيرة بطريقة غير قانونية، وجمعيات حماية المستهلك المسكين، تطلق النار على الجميع من دون أن تطفئ لهيب الأسعار!

عندما تستمع لأغلب الموظفين والعمال وحتى الكثير من الإطارات، فإن جميعهم يشتكي الغلاء، ويقولون بأنهم لم يعودوا قادرين على إبقاء حفنة الدنانير، التي كانوا يحتفظون بها نهاية كلّ شهر، ويدسّونها لأيام العوز، عملا بالمثل القائل: “القرش الأبيض لليوم الأسود”!

انهيار القدرة الشرائية وتآكل الأجور، لم يعد سرّا ولا استنتاجا خاطئا، وإنما تحوّل إلى واقع فرضته تداعيات الأزمة المالية وما تولّد عنها من إجراءات تقشفية، أثبتت الأيام والأشهر، أنها فأسها سقط أولا على رأس “الغلابى”، خاصة أولئك الذين مازالوا يتعذبون بالأجر الأدنى المضمون!

عندما يشتكي الميلياردير من الأزمة، فمن الطبيعي أن يُعلن الأجير إفلاسه، ويرفع يديه إلى السماء متضرّعا إلى العليّ القدير، بأن يرزقه من حيث لا يحتسب، ولمن مازال لم يصدّق بداية ظهور “التضخّم” وآثار سقوط الدينار، وغلاء المعيشة اليومية، عليه أن ينزل إلى الأسواق والمحلات التجارية ومحطات نقل المسافرين، ليسمع ويرى التغيّرات الاقتصادية والمالية التي يعرفها المجتمع الجزائري خلال الفترة الأخيرة!

لعلّ من بين مؤشرات “الأزمة المالية”، مثلما يرويه عديد المواطنين، من المحظوظين و”المهرودين”، هو شغور المحلات الفاخرة، وتراجع الإقبال على مطاعم 5 نجوم، والتهافت بالمقابل، على أكشاك “الكرنطيطة” و”كاسكروطات البؤساء”، في وقت يشتكي فيه أغلب التجار، الكبار والصغار، من تضاؤل نسبة الربح، وعدد الزبائن، واهتزاز مبدأ العرض والطلب!

مشكلة السوق والأسعار، أن “السرقة” أصبحت جزءا من الممارسة التجارية، أو نوعا من أنواع البيع والشراء، فالسارق والمسروق اتفقا مسبقا على “هامش السرقة”، على أن لا يشتكي الرابح والخاسر معا، وطبعا المثل الشهير يقول: “ألـّي جابوه رجليه الحديد ليه”!

مقالات ذات صلة