الرأي

الحقيقة التي تؤكد خيانة اليهود للجزائر

عثمان سعدي
  • 6825
  • 11
أرشيف

بثت قناة “الشروق نيوز” وثائقيا عنوانه (يهود الجزائر)، وتناقلت النبأ العديدُ من وسائل الإعلام بالعالم، وأودّ أن أغتنم هذه السانحة لأُطلع القراء الكرام على بعض الحقائق عن خيانة هؤلاء اليهود للجزائر، وبخاصة خلال الحقبة الاستعمارية، وتعاونهم مع الاستعمار الفرنسي ضدها؛ مع أن الجزائر أوتهم من بطش الأوروبيين. ومن المعلوم أن إسرائيل تطالب بتعويضات لليهود عن الأملاك التي تركوها، وفق زعمهم، بالأقطار العربية.
يحاول المؤرخون الصهاينة افتعال جذور لليهود في التاريخ المغاربي، كادعائهم بأن طارق بن زياد يهودي، والكاهنة يهودية، علما بأنها كانت وثنية تعبد صنما من خشب كما أورد ابن خلدون. وإلى قراء “الشروق” الكرام هذه الحقائق مستمدة من مؤرخين فرنسيين.

سرقات جيش الاحتلال وتعاون اليهود معه

لقد كتب عن يهود الجزائر المؤرخ الفرنسي ش.أ. جوليان فقال: “لقد استقبل يهود الجزائر المحتلين الفرنسيين بالفرح. وعندما انتشر الجنود الفرنسيون في فوضى ينهبون المنازل كان اليهود يوجهونهم نحو الأماكن التي بها ما يُنهب، ويقومون بشراء ما نهبوه منهم بأبخس الأثمان” [1].

قصة هروب اليهود للجزائر من الاضطهاد الأوروبي

هؤلاء اليهود الذين هربوا من الاضطهاد الأوروبي إلى الجزائر: اليهود [الشيكلين] من جزر البليار في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي، واليهود [الكيبوسين] من إسبانيا في نهاية القرن الرابع عشر وبخاصة بعد نهاية دولة بني الأحمر في غرناطة سنة 1492م، ومن إيطاليا سنة 1342م وسنة 1350م، ومن فرنسا سنة 1403م، ومن هولندا سنة 1350م، ومن بريطانيا سنة 1422م. واستقبلهم الشعب الجزائري بكرم وأنقذهم من الإبادة في أوروبا، لكنهم قابلوا هذا الإحسان بالتنكر للجميل فانضموا منذ دخول الفرنسيين لهم ضد مواطنيهم الجزائريين [1].
كان الجنود يداهمون المنازل فيجرِّدون النساء من مصاغهن وملابسهن الثمينة، كانوا يجردون حتى الأطفال من ملابسهم ومن السلاسل الذهبية التي كانت مدلاة على صدورهم. وقد شارك في النهب ضباطٌ كبار جعل الضابط [لوفيردو] يعلق على ذلك في رسالة لزوجته فيقول: “لم أشاهد في حياتي أحقر مما تم..”. ووصلت فرنسا أنباء هذا النهب ففرض رجال الجمارك على أي جندي أو ضابط عائد من الجزائر تفتيشا لا يُسلط إلا على المهربين.
ورويت نوادر عن هذا النهب؛ فضابط اسمه ديميه أصيب بإفلاس وخسر كل ممتلكاته قبل ذهابه للجزائر. لكنه عاد من الجزائر ثريا، وعندما سئل من أين أتى بهذا المال؟ أجاب: “لقد ورثت زوجتي عن عمها ستة ملايين فرنك”. وعلق على ذلك الموسيقار الإيطالي روسيني صاحب أوبرا [ الإيطالية في الجزائر]، فأجابه ساخرا: “أنا لا أعلم أن داي الجزائر عم زوجتك..”.
أما عن موقف بورجوازية سكان المدن الجزائرية فقد لعبت العناصر المفرنسة منها دورا سيئا، فسي حمدان خوجة، الذي كان ينتمي إلى عائلة مساعِدة للدايات، تملك عقارات كبيرة، وأرضا بالمتيجة، عند دخول الفرنسيين، عمل على حماية مصالحه أولا، لكنه كان مثقفا ثقافة واسعة جعلت تعامله مع الفرنسيين مؤسسا على حيز معقول من المبادئ الوطنية والأخلاق. يتهمه الفرنسيون بانه سطا بالحيلة على جزء من مال أرملة صديقه يحيى آغا. لم يكتب كثيرا عن فظائع الفرنسيين. يقول ش. أ. جوليان: “عندما كان الفرنسيون يضايقونه كان يقول لهم: “إذا ضايقتموني سأكشف عن أشياء أكثر قذارة””.[2] له كتاب [المرآة] يعتبر من أفضل ما كتب عن الجزائر في ذلك العهد. وبالرغم من تعاون هؤلاء البورجوازيين المفرنسين مع الإدارة الفرنسية انتهت حياتهم بالنفي من الجزائر.

*هذه المعلومات مستمدة من كتاب “الجزائر في التاريخ” لعثمان سعدي ص 453، 454، 455، الجزائر 2011.
[1] 1964Paris ،P11,56 Histoire De L Algerie Contemporaine: Ch.A.Julien
[2] المرجع السابق ص 75.

مقالات ذات صلة