الحكومة تتراجع وتشتري نصف مليون طن من القمح الفرنسي
كشف تجار حبوب أوروبيون، عن شراء الجزائر 400 ألف طن من القمح الصلب على الأقل من القمح الفرنسي بسعر يبلغ 364.50 دولار للطن، شاملا تكاليف الشحن على أن يتم تسليم الشحنة مطلع العام القادم، قائلين أن الكمية قد تصل إلى نصف مليون طن على الرغم من غياب عروض مغرية.
وقال التجار الأوروبيون إن اختيار القمح الفرنسي يعود إلى ارتفاع أسعار القمح الصلب الأمريكي، وإلى المخاوف المتعلقة بجودة محاصيل القمح في بلدان أمريكا الجنوبية التي تلجأ إليها الجزائر في بعض المناسبات القليلة، على اعتبار أن فرنسا هي المورّد الرئيسي للقمح الي الجزائر .
وتفاجأت أسواق الحبوب العالمية من العودة السريعة للجزائر إلى الاستيراد بمجرد تنحية المدير العام للديوان الجزائري المهني للحبوب، الذي أحرج الحكومة بتصريحات مفادها أن الجزائر التي تعد من بين أكبر 5 دول في العالم مستوردة للحبوب، لن تستورد القمح والشعير خلال النصف الثاني من العام 2012، بالنظر إلى توقعات حملة الحصاد لموسم 2011 -2012، غير أن الجزائر عادت بقوة لم تتوقعها الأسواق وسارعت لاستيراد حوالي نصف مليون طن من القمح وخاصة القمح اللين الموجه لصناعة الخبز.
وجاءت العودة السريعة للأسواق العالمية للحبوب وفي مقدمتها السوق الفرنسية التي تسيطر على أكثر من 60 بالمئة من صادرات الحبوب العالمية نحو الجزائر، بسبب فشل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في كسب رهان 60 مليون قنطار حقيقة من القمح بنوعيه اللين والصلب، بعد 11 سنة من تطبيق المخطط الوطني للتنمية الريفية الذي كلف الخزينة العمومية 399.7 مليار دج (ما يعادل 5.5 مليار دولار)، في شكل مساعدات مباشرة للقطاع الفلاحي أغلبها استحوذ عليها أشباه فلاحين، ومافيا الاستصلاح ومتدخلين في بيع التجهيزات المغشوشة والمضاربين والمهربين.
وينتقد الكثير من المزارعين الحقيقيين سياسة التعويم التي تمارسها وزارة الفلاحة، والمتمثلة في تعميم الدعم على جميع من يتظاهر بالانتساب إلى القطاع الزراعي بمن فيهم الغشاشين ومصطادي فرص الفوز بحصص من الدعم الذي توجه الدولة من المال العام إلى قطاع عجز عن توفير البطاطا للجزائريين.
وكشفت الإحصاءات الرسمية أن عدم توجيه الدعم إلى المنتجين الحقيقيين والفلاحين الفعليين، تسبب في فقدان القطاع الزراعي لحوالي 250 ألف فلاح خلال العامين الأخيرين من بين 1.8 مليون فلاح. وبلغت واردات الحبوب الجزائرية 4.03 مليار دولار السنة الماضية، وهو ما يعادل 50 بالمئة من واردات الغذاء السنوية على الرغم من أن 70 بالمئة من المساحات المزروعة في الجزائر تخصص عبثا لزراعة الحبوب، وهي الشعبة التي تتعرض لحرب حقيقية من قبل لوبيات الاستيراد التي تحتكر نشاط استيراد غذاء الجزائريين من الخارج، منذ تحرير التجارة الخارجية سنة 1992.