الرأي

الحلّ الفرنسي البغيض!

قادة بن عمار
  • 3594
  • 5

حالة احتفاء فرنسي مبالغ فيها بالاتفاق المبدئي الذي تم أمس بين شركاء الأزمة في ليبيا، اتفاقٌ يحدد تاريخ العاشر ديسمبر المقبل كموعد لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ونقول فرحة مبالغ فيها بالنظر لأنّ الحالة الليبية لا تنقصها التواريخ ولا عقد الاجتماعات المشترَكة، وإنما تحتاج إلى إرادة حقيقية من أجل الالتزام بذلك الحل المبدئي؟!
باريس في عهد الرئيس ماكرون تحاول محو آثار جريمة باريس في عهد ساركوزي، فهل يمكن لمن تسبب في المشكلة أن يكون جزءاً من الحل؟ مع العلم أن ماكرون لا يفعل ذلك لسواد عيون الليبيين، وإنما لفرض سيطرته والانفراد بحكم ليبيا كليا بعد ما تعددت الأطراف الدولية وتشابكت أدوار المخابرات الأجنبية فيها!
صحيحٌ أن مجرد جلوس خليفة حفتر مع فايز السراج وغيرهما من الأطراف المُشكلِّة للملف الليبي على طاولة واحدة يعدّ انجازا كبيرا، لكن جميع من شاهد الندوة الصحفية والطريقة التي وقف بها الجميع للإعلان عن ميثاق باريس، سيقرأ في الصورة وجود خلافات كبيرة بين السراج وحفتر تحديدا، وبأنه لا اتفاق باريس ولا عشرة أمثاله يمكنه أن يحلّ الأزمة على المدى القريب!
حتى حفتر العائد من أزمة صحِّية خطيرة، حاول وفي أول ظهور له شنّ حرب جديدة، كما أنه من غير المستبعد تكرار أفعاله و”جرائمه” في الشهرين المقبلين، حتى يثبت للجميع أنه الرجل الأقوى في ليبيا ما بعد القذافي!
حتى من جلسوا في باريس بالأمس، لا يمثلون سوى الواجهة السياسية لليبيا التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة، وجميعنا يعرف أن فائز السراج لا يمكنه اتخاذ قرار دون موافقة قادة تلك المليشيات وإلا كلفه الأمر اختطافا أو اغتيالا أو انقلابا، والأمر ذاته بالنسبة لحفتر الذي يحاول الظهور قويا، لكنه يدرك تماما أن عدد الباحثين عن تصفيته أكبر بكثير من أولئك المتمسِّكين ببقائه والموالين لسلطته!
يبقى أن الدور الجزائري لا يمكنه أن يكون تابعا لفرنسا في الملف الليبي تحديدا، فحتى وإن كان اللقاء في باريس تحكمه رغبة كل طرف في وجود بلد غربي قوي كمظلة وضامن لأي تطوّر، فهذا لا يبرر تراجع الجزائر التي يجب أن يكون صوتها مسموعا وقويا، وموقفها محتفظا بمبادئه التي بُني عليها منذ البداية وهي عدم تدخل الخارج في الشأن الليبي ومنح فرصة المشاركة للجميع وإن كانوا خصوما سياسيين تقليديين، فلا حلّ سياسي دون إشراك كل الأطراف.

مقالات ذات صلة