-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدبلوماسية المضادة!

الشروق أونلاين
  • 3832
  • 1
الدبلوماسية المضادة!

في كل مكان في العالم، هنالك حكومات ظلّ وحكومات شمس، واحدة معلنة وأخرى سرّية، سلطة تمارس وثانية تنتظر وتراقب، إلا في عالمنا العربي الذي يكاد ربيعه الثوري أن يتحول لخريف انقلابي، فإن الحديث عن الثورة المضادة عيب، ومؤامرة، والكلام عن وجود حكومة ظلٍّ، كارثة حقيقية، وخطر داهم، وكأنّ هذا العالم العربي، بات مثل ما يمتلك كتالوج خاص بالثورات، فإن لديه أيضا، كتالوج منفرد في السياسة وممارسة السلطة؟!

  • الحديث عن الثورة المضادة وحكومات الظل، والمافيا الانقلابية، وبقايا الأنظمة السابقة، كلها أمور، كان يمكن لها، أن تكون عادية جدا، لو أن العقول التي استلمت السلطة في تونس ومصر، بعد الثورة، أدركت أنها تعدّ كل ذلك، بمثابة الأخطار الحقيقية والمتوقعة لأي تغيير راديكالي أو ثوري كبير كالذي وقع في البلدين، وغيرهما، وقد كان من الأولى أن يندهش البعض، ويستغرب، في حال عدم وقوع تلك الأمور، أو عدم تطورها لتتحول إلى حزمة تحديات حقيقية تهدد عجلة التغيير، وتنذر بنسف الثورة من الأصل؟!
  • الجزائر بدورها، والتي بات الجميع يستسهل الزجّ باسمها في المستنقع الليبي، والحراك التونسي، لدرجة بات فيها ممكنا جدّا أن نسمع يوما عن اتهام الجزائر بدعم الثوار في اليمن، والبحرين، وفي سوريا، وربما حتى في جزر القمر، لو قامت ثورة هناك، فإنه ليس مفاجئا اتهامها في حدّ ذاته، ولا من الصدفة فعل ذلك، أو قذفها بما لم ترتكبه من دعم أو مساندة لهذا الطرف على حساب الآخر، لكن العجيب والمريب، والغريب، هو صمت حكومتنا عن اتخاذ موقف واحد وحازم، مع أو ضدّ، في وقت انهارت فيه كل الدبلوماسيات التي تدّعي عدم الانحياز أو تتحاشى التدخل في شؤون الدول.
  • الجزائر يجب أن تقرأ جيدا تداعيات الثورات العربية، في كل الدول، وخصوصا تلك الملتصقة بها، مثل ليبيا وتونس، وهذا ليس عيبا، بل العيب هو غياب التفكير في ذلك، كما أن الجملة الدبلوماسية المتكررة التي تدّعي أن الجزائر “تراقب باهتمام ما يقع في البلدان الشقيقة أو الصديقة”، يجب أن تنتهي عند حدود الاستهلاك الإعلامي المبدئي، لننتقل بعدها، فعليا للمرحلة الثانية المرتبطة، باتخاذ المواقف، سواء بالمعارضة أو المساندة، وقراءة ما يمكن أن تفرزه تلك الثورات من ثورات مضادة، وحساب قدرة الحكومات المؤقتة على الصمود في وجه حكومات الظل، وجماعات المافيا، وتبيان حجم ما تبقّى من الأنظمة السابقة واقعيا، خصوصا عندما يخطئ البعض لاعتقاده أن مجرد ثورة واحدة، بإمكانها تصفية جميع مريديها أو تجفيف مختلف منابعها، أو القضاء على كل رواسبها، بل يحتاج الأمر لوقت وجهد كبيرين، ومزيد من التضحيات، مع المراهنة على عدم إضاعة الشارع، لصالح طرف آخر، لا علاقة له بالثورة، مثلما يحدث الآن في مصر التي تخلى الثوار فيها عن ميدانهم وشارعهم لصالح فئات محصورة مثل الأقباط أو السلفيين، في الوقت الذي مايزال فيه الشارع التونسي حيّا، ومستيقظا، وهو ما جعله يكتشف خيوط مافيا الظل بسرعة.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كبوط ونص

    البلد اللي ما فيه مشاكل ماشي بلاد، والجزائر الحمد للـه ما فيهش مشامل= الجزائـــر ما شي بلاد...انما هو عش لمافيا الظلال الدامسة تتخفش في القرارات وترميها لمجالس المقاسات التي تحولها قوانين لتعليج الخردوات.