الجزائر
بسبب الاكتظاظ الفادح وضعف التأطير ونقص التجهيزات

الدخول المدرسي يفضح الإصلاحات!

نادية سليماني
  • 3791
  • 13
ح.م
حبل الإصلاحات قصير!!!

وصفت نقابات التربية الدخول المدرسي 2018/2019 بـ “غير الموفق” في كثير من جوانبه، حيث لم تحقق وزارة التربية وعودها، خاصة في ما تعلق بإنشاء أقسام نموذجية خالية من اكتظاظ التلاميذ، مع تسجيل نقص حاد في التأطير الإداري والبيداغوجي، وانعدام مؤسسات تربوية في الأحياء السكنية الجديدة، فبعد يومين من الدخول الاجتماعي لا يزال التلميذ والأستاذ والإداري يتخبطون في مشاكل مختلفة.

تأسّف الشركاء الاجتماعيون لوضعية كثير من المؤسسات التربوية بعد يومين فقط من الدخول المدرسي، فمشاكل السنوات الفارطة لا تزال تراوح مكانها، رغم وعود وزيرة التربية نورية بن غبريط بالقضاء عليها من خلال إصلاحاتها التربوية، وهو ما جعلهم يتنبؤون بسنة دراسية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها.

المجلس الوطني لنقابة الثانويات الجزائرية: نقص حادّ في التأطير التربوي!

اعتبر عضو المجلس الوطني لنقابة الثانويات الجزائرية “كلا” زبير روينة، في اتصال مع “الشروق”، أن الدخول المدرسي للموسم 2018/2019 سجل العديد من النقائص، والدليل خروج أولياء التلاميذ عبر كثير من المناطق في وقفات احتجاجية.
وحسب الشكاوي التي وصلت إلى “الكلا” ووقفت عليها في الميدان، قال روينة: “اكتظاظ الأقسام لا يزال باقيا، إلى درجة لم يجد تلاميذ بعض المدارس قسما يستقبلهم في أول يوم دراسي رغم وعود بن غبريط بتحقيق القسم النموذجي، وكثير من التلاميذ يدرسون بمؤسسات تربوية بعيدة جدا عن مقر سكناهم”. وبالنسبة إلى التأطير، أكد المتحدث وجود نقص حاد في الطاقم الإداري والتربوي بالمدارس وحتى للعمال المهنيّين، حيث قال: “رغم تنظيم مسابقات لهذه الأسلاك خلال الصّائفة سجلنا نقصا حادا، وهو ما جعل الوصاية تلجأ إلى العمل بالتكليف لسدّ الشغور الحاصل، أو إلى طريقة التوظيف العشوائي”.
إضافة إلى ذلك، حرمان بعض الأساتذة القادمين من ولايات بعيدة من سكنات خاصة في ولايتي العاصمة وعنابة، كما أن عملية استخلاف الأساتذة، حسب المتحدث لا تخضع لمعايير شفافة “إذ بإمكان مديرية التربية استدعاء أستاذ لم يمارس المهنة أبدا، وتحرم آخر سبق له التدريس، رغم تأكيد بن غبريط على مدرسة ذات جودة”، دون الحديث عن نقص التكوين الذي خضع له الملتحقون الجدد بمناصب التدريس.
وبخصوص لجوء وزارة التربية إلى حل توفير شاليهات للقضاء على مشكل الاكتظاظ، اعتبر روينة هذا الحل “مؤقتا وظرفيا”، في وقت يطالب الأولياء بحلول نهائية للظاهرة، التي ساهمت في تردّي عملية التعلم بالمدرسة العمومية، حسب تعبيره.
فيما انتقد عملية ترشيد نفقات وزارة التربية بمبرر التقشف، الذي ساهم حسبه، في نقص أو غياب كثير من التجهيزات الضرورية التي تحتاجها المدارس لتترقّى، ومنها وسائل التنظيف مثلا، دون الحديث عن بعض الصفقات العمومية بالمدارس التي تحولت حسب تعبيره إلى صفقات تجارية لا تحقق أهدافها المسطرة.

النقابة الوطنية لعمال التربية: ورشات استقبلت التلاميذ!

كما تأسّفت النقابة الوطنية لعمال التربية “الأسانتيو” لتكرر المشاكل نفسها كل موسم دراسي، حتى وإن مضى يومان فقط على الدخول المدرسي، فحسب المكلف بالإعلام قويدر يحياوي لـ “الشروق” فقد تم تسجيل حالات اكتظاظ عبر أغلب المدارس، ومؤسسات أخرى فتحت أبوابها وأشغال تهيئتها لم تنته بعد، ما جعل التلاميذ يدرسون في ورشات مفتوحة.
فيما وصفت “الأسانتيو” قرار الاستعانة بـ “شاليهات أقسام” بأنه حل ترقيعي لا يمكن أن نراه في قطاع هام مثل التربية، خاصة أنّ التحضير لسنة دراسية “يبدأ قبل عام وليس في أسابيع” حسب تعبيره.
كما تطرق يحياوي لظاهرة توزيع مديريات التربية لتعيينات الناجحين في المسابقات المهنية للمديرين ومستشاري التربية في أول وثاني يوم للدخول المدرسي، مع عجزهم عن تحديد الشغور الحقيقي للمناصب عبر جميع الولايات.
فيما اعتبر المتحدث أن المناطق الداخلية والصحراوية تعاني دوما من المشاكل، وعلى رأسها، غياب النقل المدرسي والتذبذب في فتح المطاعم المدرسية.
ومن جهة أخرى، دعت “الأسانتيو” وزارة التربية إلى النظر في مشكلة المدارس العليا للأساتذة، بعدما فاق عدد المتخرجين عدد المناصب المفتوحة، وهو ما يهدد بدخولهم شبح البطالة رغم تعاقدهم مع وزارة التربية الوطنية.

النائب مسعود العمراوي: أقسام بـ 50 تلميذا!

وبدوره أكد النائب عن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء والنقابي السابق، مسعود عمراوي لـ “الشروق”، من خلال جولة له عبر بعض المؤسسات التربوية بولاية بسكرة، وجود اكتظاظ وصفه بـ “الرهيب الذي فاق كل التوقعات” داخل بعض المؤسسات التربوية، حيث تراوح عدد التلاميذ بالقسم الواحد ما بين 48 و50 تلميذا، رغم وعود وزارة التربية حسب تعبيره “بتحقيق القسم النموذجي منذ 2003 لا يتعدى عدد تلاميذ 25 في القسم، فالظاهرة ستؤثر على طرق التدريس المنتهجة ومنها المقاربة بالكفاءات، التي تتضمنها الوضعية الإدماجية التي لن تتحقق إلا بتوفير القسم النموذجي”.
وبالتالي يؤكد عمراوي عدم نجاح أي طريقة تدريس في ظل هذا الضغط الكبير والاكتظاظ.
الإشكالية الثانية التي واجهها الدخول المدرسي، وهي تنقل التلاميذ إلى مؤسسات تربوية بعيدة، بعد الصعوبات الكبيرة التي واجهها أولياؤهم لتحويلهم نحو مدارس قريبة، والظاهرة سببها المباشر عدم توفير مدارس بالأحياء السكنية الجديدة.

جمعية أولياء التلاميذ: تجميد المشاريع أثر سلبًا

من جهتها، اشتكت جمعية أولياء التلاميذ من مشكل الاكتظاظ الذي ظهر مع الدخول المدرسي، حيث أكد عضو المجلس الوطني، عزّ الدين زروق في اتصال مع “الشروق” أن تجميد كثير من مشاريع إنجاز مدارس جديدة بمبرر التقشف “طرح كالعادة مشكل الاكتظاظ الكبير في الأقسام”، فيما عانت كثير من المؤسسات التربوية من مشكل نقص التجهيز، وحسبه “بعض الأقسام تعاني نقصا في عدد الطاولات، ما جعل 3 أو 4 تلاميذ يجلسون في طاولة واحدة”.
كما تلقت الجمعيات شكاوي بخصوص عدم التحاق الأساتذة بمناصبهم. ومع ذلك اعتبر محدثنا أن حملات التنظيف والتهيئة التي تم مباشرتها على مستوى المدارس “أتت بثمارها، بعدما التحق التلاميذ بأقسام نظيفة، ورغم ذلك نريد مجهودات وعناية أكبر” يقول زروق.

المُختص في الصحة العمومية، فتحي بن أشنهو: الشاليهات خطر!

هذا وحذّر المختصّ في الصّحة العمومية، فتحي بن أشنهو في اتصال مع “الشروق”، من خطر تمدرس التلاميذ داخل شاليهات، في حال لم تراع بها إجراءات السلامة، وحسب تعبيره “على السلطات التأكد من عدم وجود مادة الأميونت بهذه الشاليهات، لأنها مادة خطيرة جدا على الصحة”.
كما دعا إلى ضرورة اتخاذ احتياطات وقائية لتجنب تعرض المتمدرسين للخطر، حيث أكد على ضرورة عدم تنصيب الشالي مباشرة على الأرض، لتجنب فيضان المياه ودخول الحشرات السامة والحيوانات المتشردة إليه، مع وجود مطافئ النار وتعلم طريقة استعمالها، خاصة في الشاليهات المصنوعة من الحطب.
والأهم من كل ذلك، يقول بن أشنهو “يجب توفر القضيب المضاد للبرق، حتى يحمي التلاميذ من خطر التعرض لصاعقة قاتلة، تصل شدتها حتى 400 فولط، خاصة ونحن على أبواب فصل الخريف المعروف بصواعقه الرعدية”.

مقالات ذات صلة