-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدقة وفرط الاهتمام.. يهدم جانب التشويق واللهفة في العلاقات

نسيبة علال
  • 1210
  • 0
الدقة وفرط الاهتمام.. يهدم جانب التشويق واللهفة في العلاقات
بريشة: فاتح بارة

يقود هوس الاهتمام المفرط بالتفاصيل إلى خلق بعض التضييق في العلاقة مع الطرف الآخر، الذي يعد سببا كافيا ومنطقيا للابتعاد ومحاولة توفير مساحة شخصية، أو هوة بين الطرفين. ففي الحين الذي يعتقد أحدهما أن الإفراط في السؤال والاستفسار مع الإمعان المبالغ في كل ما يسمعه، هو جزء من اهتمام يعتقد الطرف الآخر أنه وسيلة غير مريحة لمعرفته والتعامل معه وقد تسبب له الإحراج.

مثلا، إذا تحدث أحدهم عن رغبته المؤقتة في تناول طعام أسيوي، أو ممارسة تمارين الاسترخاء، فهذا لا يعني أنه من مدمني السوشي.. وعلى شريكه دعوته إلى مطعم متخصص، أو إن تلك هي رياضته المفضلة على الدوام.. فمع أن الأمر يبدو بسيطا وتافها للكثير، إلا أنه يشكل معاناة فعلية لآخرين، من كلا الجنسين.

الملل.. عندما يغيب الإبهار وينعدم عنصر المفاجأة

يبحث البشر عن الاهتمام، ويروقهم الشعور بوجوده من الشخص الصحيح، في الوقت ذاته، يفضل كل منا الاحتفاظ بمساحته الشخصية، التي يعيش فيها بعض التقلبات الشعورية والتطورات والانتكاسات، دون أن يعلم عنها أحد. تقول فاطمة الزهراء، 40 سنة، أم لثلاثة أطفال: “عادة، الرجال هم من يشتكون التضييق في العلاقة، بسبب الاهتمام المفرط من الزوجة، أما في وضعي، فالأمر مختلف فعلا، أكاد أختنق من عقلية زوجي المتجذرة التي يأبى تغييرها، إذ أجده يتدخل في كل تفاصيلي وتفاصيل أبنائه حتى أبسطها، ولا مجال أبدا لمفاجأته، أو إبهاره.. وهذا يجعل الحياة معه مملة للغاية”.

يعد الاهتمام المفرط بالتفاصيل، سواء في العلاقات أم في العمل، وكل جوانب الحياة، أحد الأشكال الواضحة لاضطراب الشخصية الوسواسية، وهو من الأمراض النفسية، التي تستدعي متابعة إكلينيكية للمريض لتفادي وقوعه في مضاعفات صحية، كالإصابة بأزمات قلبية دماغية وبعض الأمراض المزمنة”. لهذا السبب، يشدد الخبراء على ضرورة التشخيص، تقول الأخصائية النفسية الأستاذة رويبي: “هناك عدد كبير من هؤلاء في المجتمع، وللأسف، منا من يعتبر دقتهم الزائدة ميزة في شخصيتهم، من جانب آخر، قد يعاني المحيط القريب من هذا الأمر، لكن، ونظرا للمعتقدات والأفكار السائدة، يستحيل التوجيه إلى العلاج النفسي، ما يجعل المريض راضيا عن وضعه، مستمرا في إزعاج الآخرين، وأذية ذاته وغيره، بصناعة ضغوطات وهمية”.

متى يكون المهووس بدقة التفاصيل شخصا إيجابيا؟

تشير الأخصائية النفسية، الأستاذة كريمة رويبي: “أن من أكبر كوابيس الرجل، أن يقابل بالاهتمام المفرط، عكس ما تعتقده النساء، فهو يعتبر ذلك تقييدا لحريته ويصيبه بالاشمئزاز، وهناك أيضا فئة من النساء لا يحبذن أن يتدخل الرجل في كل تفاصيلهن، ما يجعلهن يفتقدن عامل التشويق والإثارة والغموض”. مع هذا، تؤكد الأخصائية ما يخلص إليه الخبراء في علم النفس والمجتمع، المتعلق بهوس التفاصيل في مختلف العلاقات، وليس الزوجية فحسب، حيث يتفقون على أن هناك جانبين للظاهرة، فلا يجب أن تكون سلبية دائما، إذ من الممكن للشخص الذي يعاني من هوس التفاصيل، أن يساهم في تحسين العلاقة، فالشخص الذي يلاحظ التفاصيل الصغيرة قد يكون محبا أكثر من غيره، ووفيا، ما يجعل شريكه يعيش بأمان إلى جانبه، كما أننا نجده شخصا داعما في الكثير من الحالات. من جانب آخر، يمكن أن يشعر الشخص الذي يهتم بدقة التفاصيل بالتوتر والقلق الدائم من عدم تحقيق الكمال، ومثالية الصورة أمام الشريك أو أي طرف آخر، سواء كان ذلك في العمل أم في علاقة صداقة أيضا.. هذا الأمر، يجعل منه فردا سلبيا متذمرا على الدوام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!